الهند والعلامات التجاريّة الفاخرة ... تجربة معقدة في سوق ضخمة

أ ف ب-الامة برس
2025-11-16 | منذ 5 ساعة

متجر نيودلهي- سعت العلامات التجارية العالمية الفاخرة على الدوام للاستحواذ على حصة في السوق الهندية الضخمة، إلا أن ذلك شكّل دوما مهمة شائكة في ظل تعرفات باهظة وتعقيدات بيروقراطية، إضافة إلى المنافسة مع السلع المحلية.

وتعدّ سلسلة التجزئة الفرنسية "غاليري لافاييت"، آخر المتاجر التي قرّرت خوض هذه التجربة، مع افتتاح متجر لها في العاصمة المالية مومباي.

غير أنّ غزو السوق الهندية، على تعقيداتها، تطلب دعما محليا من فرع الأزياء في مجموعة "أديتيا بيرلا"، أحد التكتلات الكبرى في البلاد التي تمتدّ نشاطاتها إلى المعادن والإسمنت والتجزئة والخدمات المالية.

مع ذلك، رأت بينيديكت إيبيناي الرئيسة التنفيذية لشركة "كوميت كولبير"، أنّ وصول المتجر الفرنسي الشهير إلى الهند يشكّل "خطوة مهمة".

وأشارت إلى أنّ هذه البلاد التي يبلغ عدد سكانها 1,4 مليار نسمة، تقدّم "سوقا واعدة، لكنّها معقّدة".

ومن أجل تثبيت حضورها في هذه السوق، يتعيّن على العلامات التجارية أن تتغلّب على الرسوم الجمركية المرتفعة والبيروقراطية المعقّدة، فضلا عن التنافس مع سوق ضخمة للسلع الفاخرة المحلية.

وتضمّ "غاليري لافاييت" التي يمتدّ متجرها على مساحة 8400 متر مربّع في مومباي، 250 علامة تجارية غالبيتها أجنبية.

ويحذر خبراء في صناعة الأزياء من أنّ هذه الخطوة تعتبر مخاطرة جريئة بالنظر إلى سوق الملابس المحلية الغنية.

وقالت سونال أهوجا (39 عاما) من سكان مومباي، "أعتقد أنّ الكثير من العلامات التجارية مثل لوي فويتون وغوتشي وديور تقوم بعمل جيد جدا عبر دمج التصميم الهندي في منتجاتها".

وتداركت "في نهاية المطاف، إذا أردت شراء فستان لحضور زفاف، ستشترينه (من مصممي أزياء هنديين) مثل سابياساتشي أو تارون تاهيلياني"، متسائلة "لماذا تشترين شيئا أجنبيا يحاول أن يكون هنديا؟".

- "تلبّي جميع المتطلّبات" -

رغم أنّ سوق العلامات التجارية الفاخرة لا تزال صغيرة نسبيا في الهند، إلّا أنّها تشهد توسعا سريعا.

وأوضحت إستيل ديفيد مديرة جنوب آسيا في وكالة "بيزنس فرانس"، أنّ قيمة هذا القطاع التي بلغت 11 مليار دولار في العام 2024، ستتضاعف ثلاث مرات إلى 35 مليارا بحلول العام 2030.

فضلا عن ذلك، يُنتج الاقتصادي الهندي عشرات آلاف الأُسر الثرية كل عام.

وينفق هؤلاء المستهلكون بشكل متزايد على كل شيء، بدءا بسيارات لامبورغيني وصولا إلى حقائب لوي فويتون.

وفي هذا الإطار، أشارت إيبيناي إلى أنّ "المتاجر الفاخرة التي تتطلّع إلى بلد جديد، تأخذ في الاعتبار عدد الأغنياء وصعود الطبقة المتوسطة"، مضيفة أنّ "الهند تلبّي جميع المتطلّبات" على هذا الصعيد.

مع ذلك، تواجه هذه المتاجر واقعا أكثر تعقيدا.

وبينما رفضت المتاجر الفاخرة التي تواصلت معها وكالة فرانس برس التعليق على الأمر، أوضح محلّلون أنّ هذا الرفض يعكس غياب أي إيجابيات تُذكر بشأن سوق تُعتبر صعبة على نطاق واسع.

وقال أشوك سوم من كلية الدراسات العليا للعلوم الاقتصادية والتجارية في فرنسا (ESSEC)، "لديها (المتاجر) بيانات قليلة جدا تظهر تحقيق أرباح أو عائد على الاستثمار".

في بداية القرن الحالي، كانت العلامات التجارية الفاخرة تتطلّع إلى الهند على أنّها المحرّك التالي للنمو بعد الصين. ولكن بعد ربع قرن، لا تزال السوق صغيرة، وفقا لإيبيناي.

وأوضحت الرئيسة التنفيذية لشركة كوميت كولبير أنّ معظم العلامات التجارية الفاخرة لديها ما بين متجر وثلاثة متاجر في الهند، بينما تملك في الصين من 100 إلى 400 متجر.

ومن وجهة نظرها، فإنّ التشابه الحقيقي بين العملاقين يقتصر على "عدد سكانهما"، مشيرة إلى أنّ الهند تفتقر إلى "التجانس الاجتماعي واللغوي والإقليمي" الذي تتمتع به الصين.

بدورها، قالت إستيل ديفيد إنّ "الهند ليست في مرحلة التطور نفسها، لذا من الصعب جدا المقارنة".

- "التأقلم مع الثقافة" -

في كثير من الأحيان، تدفع الرسوم الجمركية المرتفعة المستهلكين في الهند القادرين على تحمّل تكاليف السلع الفاخرة، إلى السفر إلى دبي مقابل 350 دولارا، لشراء حقيبة يد فرنسية فاخرة بسعر أقل بنسبة 40 في المئة من سعرها في بلدهم.

وقال فيشال ماثور (46 عاما) وهو رجل أعمال يعمل في شركة عائلته في مومباي لوكالة فرانس برس، "قد يكون المرء على استعداد لدفع ثمن الحرفية والأسلوب والعلامة التجارية... ولكن هل من المعقول أن تدفع مبلغا إضافيا لمجرّد القيام بعملية الشراء في الهند؟ أبدا".

غير أنّ إيبيناي أشارت إلى جانب أكثر إشراقا يتمثل في تعهُّد الهند والاتحاد الأوروبي إبرام اتفاق للتجارة الحرة بحلول نهاية العام، فمن شأن ذلك أن "يمنح السوق نفَسا جديدا".

على أنّ الربح في الهند يتطلّب تفكيرا إبداعيا. ورغم أنّ العلامات التجارية الأجنبية الكبرى للملابس الجاهزة لديها منافذ بيع في المدن الكبرى، مثل نيودلهي ومومباي وبنغالور عاصمة التكنولوجيا، إلا أنّ الموضة الغربية لا تزال متداولة على نطاق ضيّق.

ويرتدي رجال كثر الكورتا التقليدية في المناسبات الخاصة، بينما يبقى الساري اللباس الأكثر شعبية لدى النساء.

ويقول خبراء السوق إنّ علامات تجارية مثل لوبوتان وديور وشانيل وبولغاري، تتعامل مع مصمّمين وعلامات تجارية ونجوم بوليوود ومؤثرين محليين، لجذب المستهلكين المحليين.

ومن هذا المنطلق، أكدت ديفيد "وجوب التأقلم مع الثقافة والأذواق وعادات الاستهلاك".











شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي