لوفيغارو: فرنسا- الجزائر.. بعد "عاصفة" صنصال تبقى الخلافات قائمة

2025-11-14 | منذ 2 ساعة

واصلت الصحيفة الفرنسية القول: “لا نطلب من السلطة الجزائرية محو التاريخ، بل إبقاء الزوارق الحربية في الميناء” (ا ف ب)تحت عنوان: “باريس- الجزائر.. بعد العاصفة” تساءلت صحيفة لوفيغارو في افتتاحيتها: “ماذا بعد إطلاق سراح الكاتب الجزائري- الفرنسي بوعلام صنصال؟ وبعد الحكم التعسفي عليه، هل سيتم قريباً الإفراج أو العفو عن الصحافي كريستوف غليز؟ هذا ضروري.. نحن ننتظر إطلاق سراحه”، تقول الصحيفة الفرنسية.

وبعيدًا عن ذلك، تضيف لوفيغارو، تتوالى التعليقات حول استئناف الحوار بين باريس والجزائر. بالتأكيد، يبدو هذا ممكنًا ومرغوبًا وضروريًا. ولكن بأي صيغة ولأي أهداف؟ قد يلتقي الرئيسان ماكرون وتبون قريباً على هامش قمة العشرين في جوهانسبرغ.

يُقال إنه من العاجل إعادة ربط الصلة الأساسية التي تجمع البلدين. وهذا يُغفل أنه، على الجانب الفرنسي، حيث يعيش نحو خمسة ملايين شخص من الجنسية أو الأصل الجزائري، تبقى المطالب كما هي. ولا يمكن أن تكون رهينة لأي ضغينة مقابلة. فإلى جانب التعاون الجيد بين أجهزة الاستخبارات ضد الإرهاب، تأتي قضايا الهجرة والأمن في الصدارة. وتُعدّ استعادة المرحّلين بموجب قرارات الإبعاد من الأولويات. أما اتفاق عام 1968 الذي يمنح الجزائريين امتيازات مهمة على الأراضي الفرنسية، فقد أصبح “خاليًا من مضمونه”، كما جاء في بيان رسمي جزائري نُشر مطلع العام. في هذه الحالة، لماذا يرفض إعلان بطلانه؟ نلاحظ أن إدانته الأخيرة من قبل النواب الفرنسيين لم تمنع إطلاق سراح بوعلام صنصال، تقول لوفيغارو.

وواصلت الصحيفة الفرنسية القول: “لا نطلب من السلطة الجزائرية محو التاريخ، بل إبقاء الزوارق الحربية في الميناء”؛ مشيرة إلى أن الجزائر اعتمدت في بقائها طويلا على ريع المحروقات وريع الخطاب المناهض للاستعمار، محمّلة فرنسا مسؤولية كل مشاكل البلاد. واليوم، وقد شاخت السلطة وتشقها صراعات الأجنحة وتواجه صعوبات مع جيرانها في الساحل، هل ستواصل هذا النهج المتهور؟ مطالبةً فرنسا بمحاسبات حول تجاربها النووية السابقة في الصحراء، أو سياساتها تجاه المغرب وإسرائيل؟ ألم يحن الوقت قد حان لفتح صفحة جديدة؟ لعل إطلاق سراح بوعلام صنصال -وكذلك الإفراج المأمول عن كريستوف غليز– يشكلان الصفحة الأولى. خطوة ضرورية ولكنها غير كافية، تقول لوفيغارو.

الانطلاقة المتجددة الدائمة للعلاقات الجزائرية– الفرنسية

مضت الصحيفة الفرنسية قائلة في مقال آخر، إن مؤشرات استئناف الحوار حقيقية، مدعومة بتغيير جذري في الخطاب الذي يعتمده الوسطاء المكلّفون بإحياء التعاون الثنائي. فمن وزير الخارجية، جان- نويل بارو، إلى وزير الداخلية لوران نونييز، مرورًا بنيكولا ليرنر، رئيس جهاز الاستخبارات DGSE، يأتي الخطاب الموجّه إلى الجزائر مطمئنًا: “عهد وزير الداخلية السابق برونو روتايو انتهى”. فـ“استراتيجيات العقوبات والردود المتدرجة أفسحت المجال للرغبة في استئناف الحوار، في ظل مناخ من التهدئة تكون فيه فرنسا مستعدة”، بمعنى مستعدة “للاستماع إلى شريكها الجزائري”.

وقد استؤنفت الرحلات المكوكية الهادئة بين باريس والجزائر، ومنها قريبًا زيارة الأمينة العامة لوزارة الخارجية آن- ماري ديسكو. ومن جانبَي الحدود، يأمل المسؤولون في أن تتم زيارة وزير الداخلية الفرنسي، بدعوة من نظيره الجزائري، قبل نهاية العام، وأن تترافق مع عودة السفير الفرنسي ستيفان روماتيه، الذي استُدعي في أبريل الماضي.

لكن، كما يتردد في باريس، “نحتاج إلى نتائج في عدة ملفات”، تقول الصحيفة، موضّحةً أن باريس تُريد على سبيل المثال، أن يُفرج عن الصحافي الرياضي كريستوف غليز، المحكوم عليه بسبع سنوات سجنًا، خلال محاكمته الاستئنافية في 3 ديسمبر. وأن يعود اتفاق 2013 ليؤطّر -وكأن التعليق لم يحدث- عودة الدبلوماسيين والعملاء الفرنسيين إلى الجزائر. وبالطبع، أن تفتح الجزائر أبوابها مجددًا لكل الجزائريين الخاضعين لأوامر الإبعاد والذين ينتظرون ترحيلهم إليها، تتابع صحيفة لوفيغارو.

ولو تم إيجاد حلول لكل “مسببات التوتر” الحالية، وإذا عانق ماكرون وتبون بعضهما البعض في قمة العشرين بجنوب أفريقيا (22 و23 نوفمبر)، فسنكون على مشارف النشوة، وفق الصحيفة الفرنسية.

في المقابل، ستضع الجزائر ملفاتها على الطاولة: اعتماد قناصلها، أو مصير موظفها القنصلي المعتقل في فرنسا بتهمة التورط في خطف واحتجاز “مُشاغب” (معارض في المنفى يهاجم السلطة الجزائرية عبر يوتيوب وشبكات التواصل). ستذكّر فرنسا بأن عدالتها مستقلة، وستذكّر الجزائر بأنها دولة ذات سيادة، وفي الوسط يجب إيجاد حلول وسط.

هذا ممكن، كما يُقال في باريس، مع الاعتراف في الوقت نفسه بأن التقدم المحتمل قد لا يتجاوز ما تحقق في الماضي. فالمشاكل البنيوية لم تُحل بعد. ولم يتمكن الطرفان من تجاوز التصريحات النوايا، ولا من استئناف آليات اللقاءات الثنائية، ولا من دمج أولويات كل طرف في عملية إعادة البناء (أولويات الأمن بالنسبة للسلطة الجزائرية، والرهانات الانتخابية في فرنسا)، توضّح صحيفة لوفيغارو.

وعلاوة على ذلك، وكما يشير أحد الفاعلين الفرنسيين في العلاقات الثنائية، “لقد حدث الكثير من الضرر”. ففي الشهر الماضي، أغلقت عدة شركات فرنسية مكاتبها أو نقلتها إلى بلد مغاربي آخر. وبعضها يقول إنه تم استبعاده من مناقصات كان يشارك فيها عادة، فيما واجه آخرون رفض الإدارة الجزائرية منح تصاريح عمل لموظفيهم الفرنسيين. في أوساط الأعمال بالجزائر، يقال إنه أصبح من الصعب إقناع مجالس الإدارة بالاستثمار في الجزائر، فـ“المخاطر كبيرة”.

ومن الجانب الجزائري، لم تعد الثقة موجودة. فقد شعر عبد المجيد تبون بالخيانة من قبل إيمانويل ماكرون: عندما اعترف الأخير بسيادة المغرب على الصحراء الغربية في صيف 2024، وعندما انحاز فجأة إلى برونو روتايو في أغسطس الماضي، مطالبًا رئيس وزرائه بمزيد من “الحزم والعزم” تجاه الجزائر، توضح لوفيغارو دائما.

وبالفعل، يجد الخطاب السياسي المتفائل صعوبة في إخفاء تشكّك أولئك الذين سيحاولون على الأرض -سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا- إعادة العلاقات بين البلدين مرة أخرى. وبين تنهيدة وأخرى، يتكرر الكلام نفسه: “سنحاول رغم ذلك، من دون توقع الكثير من الجزائريين، وسنسعى لإعادة البناء بالحدّ الأدنى… إلى أن تأتي الأزمة التالية”، تقول لوفيغارو.











شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي