
قد يكون العالم على موعد مع أعنف مشهد كوني في التاريخ الحديث، إذ تشير دراسة جديدة إلى أن انفجار ثقب أسود قد يُرى من الأرض خلال أقل من عشر سنوات، في ظاهرة غير مسبوقة ستتيح للعلماء مراقبة واحدة من أكثر القوى غموضًا في الكون لحظة حدوثها، بحسب الرجل.
الدراسة التي أُجريت بقيادة أيدان سيمونز من جامعة ماساتشوستس (University of Massachusetts)، كشفت أن هذا الحدث النادر قد يقع بحلول عام 2034، وسيكون أول انفجار ثقب أسود يُرصَد في تاريخ البشرية، باستخدام التلسكوبات الأرضية والفضائية الحديثة.
انفجار ثقب أسود
الثقوب السوداء تُعد من أكثر الهياكل غموضًا في الفضاء، إذ تمتلك قوة جاذبية هائلة تمنع حتى الضوء من الإفلات منها. لكن ما يتحدث عنه العلماء في هذه الدراسة ليس ثقبًا أسود تقليديًا، بل فئة من الثقوب السوداء البدائية التي يُعتقد أنها تشكلت بعد ثانية واحدة فقط من الانفجار العظيم قبل أكثر من 13 مليار سنة.
هذه الثقوب صغيرة للغاية وخفيفة الكتلة مقارنةً بالثقوب العملاقة الموجودة في مراكز المجرات، وهو ما يجعلها غير مستقرة. ويقول الباحثون إن هذه الثقوب تسخن تدريجيًا وتبدأ بإطلاق الجسيمات مع مرور الوقت، حتى تصل إلى لحظة حرجة تُعرف باسم “التبخر الكامل”، حيث تنفجر فجأة مطلقة طاقة هائلة تفوق المستعرات العظمى (Supernovae) بأضعاف مضاعفة.
دور تلسكوبات الأرض
رغم ندرة هذه الأحداث، إلا أن الدراسة تؤكد أن التكنولوجيا الحالية كفيلة برصدها بوضوح. فشبكات المراصد الفلكية المنتشرة حول العالم، بالإضافة إلى التلسكوبات الفضائية مثل جيمس ويب (James Webb) وفيرمي (Fermi)، ستكون قادرة على التقاط إشارات الانفجار فور وقوعه.
ويرى العلماء أن هذه الملاحظة قد تمثل نقطة تحول في فهم طبيعة الثقوب السوداء، لأنها ستُظهر للمرة الأولى كيف تنتهي حياة هذه الأجسام فائقة الكثافة التي طالما ظلت لغزًا كونيًا.
كانت الدراسات السابقة تشير إلى أن انفجار ثقب أسود من هذا النوع لا يحدث إلا مرة واحدة كل 100,000 عام تقريبًا، لكن النماذج الجديدة التي وضعها فريق سيمونز تُرجّح احتمال حدوث أحد هذه الانفجارات في المستقبل القريب. ويؤكد الباحثون أن مراقبة مثل هذا الحدث قد تفتح الباب أمام فهم آلية تطوّر الكون المبكر وربما تقدم أدلة جديدة على كيفية تشكّل المجرات الأولى.
ومهما كان موعد الانفجار القادم، فإن مجرد احتمالية أن يرى الإنسان انفجار ثقب أسود من الأرض تمثل لحظة تاريخية تجمع بين العلم والرهبة، وتعيد التذكير بأن الكون لا يزال يخفي من الأسرار ما يفوق الخيال العلمي ذاته.