ماكرون.. رئيس في قلب الفوضى السياسية في فرنسا

الامة برس-متابعات:
2025-10-20 | منذ 3 ساعة

الكثيرون يرون أن ماكرون هو الذي يمسك بزمام الأمور، لكن يده لم تكن دائمًا موفقة (ا ف ب) باريس- تحت عنوان “إيمانويل ماكرون رئيس في قلب الفوضى السياسية”، قالت صحيفة لوموند الفرنسية إن الرئيس الفرنسي لم يتوجه إلى الفرنسيين منذ عدة أشهر، وقد حمّل الأحزاب السياسية مسؤولية الشلل في الجمعية الوطنية. ومع ذلك، فقد تحرك خلف الكواليس ليحافظ على سيطرته على تشكيل الحكومة وعلى الاتفاق مع الحزب الاشتراكي.

منذ مطلع سبتمبر – تضيف صحيفة لوموند- غاب الرئيس الفرنسي رسميًا عن الحياة السياسية الداخلية، وكرّس جدول أعماله للسياسة الدولية. ومع تعيين سيباستيان لوكورنو في رئاسة الحكومة، ضمن ماكرون أن يستعيد السيطرة الكاملة على السياسة الوطنية. ويرى البعض أن الاعتراض ليس على شخص لوكورنو، بل على الرمزية السياسية التي يمثلها.

فالكثيرون يرون أن ماكرون هو الذي يمسك بزمام الأمور، لكن يده لم تكن دائمًا موفقة، تقول صحيفة لوموند، موضّحةً أن اختياره إعادة الوزير السابق للاقتصاد، برونو لو مير، الذي حُمّل مسؤولية الانفلات المالي الهائل الذي اكتُشف في نهاية عام 2024، أظهر انفصالًا مقلقًا عن الواقع. وفي النهاية، رفض لومير المنصب الجديد الذي عُرض عليه في وزارة الجيوش.

رقصة سياسية متقنة الإخراج

تحت هذا العنوان الفرعي، مضت صحيفة لوموند قائلةً إن ماكرون تلقى، يوم الاثنين الماضي، استقالة لوكورنو بخطوة لا يمكن أن تتم من دون دعم الرئيس نفسه. فقد كانت “الرقصة” محسوبة بدقة: إعادة تعيينه كانت مرتّبة سلفًا في الإليزيه. وبعد استقالته، كلفه الرئيس بـ“مهمة تستغرق 48 ساعة” لإجراء “مفاوضات أخيرة” وتجنب خطر حلّ جديد للجمعية الوطنية من جديد.

وفي لقاء مع رئيس مجلس الشيوخ اليميني جيرار لارشيه، دافع لوكورنو عن تسوية حول النصوص المالية رغم تفكك ما يعرف بـ “القاعدة المشتركة”. وقال له: “سأغادر رئاسة الحكومة، إلا إذا رأى الجميع أن بوسعي البقاء حتى شهر ديسمبر المقبل لتمرير الموازنة”.

لكن لوكورنو تجاهل شركاءه في “القاعدة المشتركة”، إذ لم يطلعهم على مفاوضاته مع الحزب الاشتراكي، التي كانت تتم مباشرة بينه وبين ماكرون، ما أثار شكوك قادة الأحزاب. وردّ غابرييل أتال، الأمين العام لحزب النهضة (المعسكر الرئاسي)، في مقابلة على قناة TF1 قائلاً إنه “لم يعد يفهم قرارات رئيس الجمهورية”. في اليوم التالي، دعا عمدة لوهافر ورئيس حزب “آفاق”، إدوار فيليب (المعسكر الرئاسي) إلى استقالة ماكرون المبرمجة، معتبرًا إياه المسؤول عن انهيار الدولة منذ حلّ البرلمان الفاشل في شهر يونيو عام 2024. وقال مجددًا على قناة “فرانس 2”: “إنه القرار الوحيد اللائق الذي يمنع 18 شهرًا من الغموض والأزمة التي ستنتهي بشكل سيئ للبلاد”. وجاء الرد سريعًا من مقربي ماكرون: “الرئيس مقاتل، طالما هناك حلبة، فسيبقى عليها، ولن يستقيل أبدًا”، قالت سيبِث نداي، مستشارته السابقة للاتصال.

غير أن صورة الرئيس تلقت ضربة قاسية من هجوم رئيس الوزراء السابق. وقال أحد حلفاء ماكرون: “إدوار فيليب وجه الطعنة الأولى، وسيتبعه آخرون”. حتى إن التوتر طال قمة الدولة، فخلال عشاء ثنائي في 9 أكتوبر، وبّخ ماكرون لوكورنو لأنه لم يدافع عنه بما يكفي ضد هجوم فيليب، تؤكد صحيفة لوموند. ومع ذلك، أعاد ماكرون تعيينه في 10 أكتوبر. فجاءت حكومة “لوكورنو الثانية” بطابع رئاسي واضح، رغم أن الإليزيه أعلن سابقًا أن رئيس الوزراء المستقيل كان يملك “تفويضًا حرًا”، خصوصًا في “اقتراح أسماء الوزراء”.

هيمنة إيمانويل ماكرون

اختفى مانويل فالس من الحكومة الجديدة، بعدما رآه ماكرون يتجاوز صلاحياته في ملف كاليدونيا الجديدة. بينما تمكن جيرالد دارمانان من البقاء رغم رغبة لوكورنو بتشكيل حكومة “منفصلة عن الطموحات الرئاسية لعام 2027”.

ومن بين الوزراء القادمين من المجتمع المدني، هناك شخصيات مقربة من الرئيس مثل مونيك باربو (التحول البيئي)، التي ترافق الرئيس في كل مؤتمر من مؤتمرات المناخ، كما يُقال في الوزارة، وأليس روفو، مستشارته السابقة، التي أصبحت وزيرةً منتدبةً للجيوش. ولإثبات أنه ما زال يمسك بزمام الأمور، عقد ماكرون اجتماعًا في الإليزيه في 10 أكتوبر مع ممثلي القاعدة المشتركة واليسار (باستثناء فرنسا الأبية)، لكنه نسي مجلس الشيوخ. فبعث له رئيسه جيرار لارشيه رسالة غاضبة صباحًا: “أستغرب أنكم لم تدعوا رؤساء المجموعات في مجلس الشيوخ”. ولم يتلقَّ ردًّا، فأرسل رسالة ثانية بعد الظهر. ولم يُجِب الرئيس أيضًا.

قبل إعلان البيان السياسي العام للحكومة، الذي راجعه ماكرون بنفسه، لوّح الرئيس مجددًا بتهديد حلّ الجمعية الوطنية، محذرًا: “إنها ليست مجرد مذكرات بحجب الثقة، بل اقتراحات بالحلّ”.

تعليق إصلاح نظام التقاعد يشقّ صفوف الماكرونية

كان هذا الإصلاح حجر الزاوية في حصيلة ماكرون السياسية لولايته الثانية. لكن تعليقَه، الذي طالبت به الاشتراكية لتجنب إسقاط الحكومة، أثار انقسامات عميقة. وقال الوزير السابق مارك فيرّاتشي، المقرّب من ماكرون: “إذا فككنا كل ما أنجزناه، فستقول المعارضة – وخاصة اليمين المتطرف – للناخبين: انظروا، لقد تخلوا حتى عن إنجازاتهم الاقتصادية. هذا الاستقرار قصير الأمد قد يتحول بسرعة إلى هزيمة”.

ورغم ذلك، لم يهدئ القرار الأسواق المالية، إذ خفّضت وكالة S&P التصنيف الائتماني لفرنسا بسبب “الشكوك الكبيرة” حول المالية العامة.

تمت مناقشة هذا القرار المؤلم في الإليزيه يوم الخميس، حيث استقبل ماكرون نحو اثني عشر نائبًا من حزب النهضة لتبرير “التضحية”. وقد لاحظ بعضهم “برودة أعصابه”، إذ وصف المرحلة بأنها “لحظة استثنائية من الجمهورية الخامسة، لم يسبق أن شهدنا مثلها”.










شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي