التشکیلي الیمني محمد الجرموزي : الفطرة والثقافة الذاتیة سبقتا المنهج في الفن

الأمة برس
2025-09-15

 الفنان الشکیلي الیمني محمد الجرموزي (الأمة برس)حاوره : محيي الدین جرمة

کان من احب مشارکاته " کفنان هاو" حسب قوله تواضعا طبعا. مشارکته المبکره رفقة طلیعة الفن التشکیلي الیمني فی جامعة صنعاء والمرکز الثقافي: كل من الراحلین المعلم هاشم علي والفنان فٶاد الفتیح وعبد الجبار نعمان وآخرین.في حین ان ظروف الحرب في الیمن قد اجلت ما کان یحلم به من اقامة معرض فني یضم اعمالا فنیة له بقیت هناک.لیبقی معها الحنین نابضا بطموح الفنان الشکیلي الیمني محمد الجرموزي الذی لاینسی خربشات طفولته في البدایات والباعث الفني في مرحلة الاعدادیة من الثمانینیات بینما کان یعوزه المال فکان یحلم بشراء ادوات الرسم من فرشاة والوان واقلام الرصاص والالوان الشمعیة لیتسنی له ممارسة الفن بحریة في علاقته باللوحة..في هذا الحوار المتقشف یاخذنا الفنان التشکیلی محمد الجرموزي المقیم فی امیرکا الی ذکریات ومحطات واسفار ومواقف ومشارکات ورٶی یتخللها الشغف والحنین وجروح الوطن والغربة ورغیف الحیاة..

- هل تتذكر اللحظة الأولى التي امسكت فيها بالفرشاة وشعرت أن الرسم قدرك..؟
*من الصعب جداً تحديد هذه اللحظة ولكنني استطيع الجزم بأنها كانت في طفولتي وفي المرحلة الابتدائية.، عندما كنت امارسها وقت الفراغ أو الترفيه عن نفسى بعد مذاكرة الدروس .، وكانت أدوات بسيطة جدا کالقلم الرصاص والألوان الشمعية ما یتوافر لدي. فلم اكن حينها املك القدرة المالية لشراء فُرش وألوان زيتيه أو مائية.
وفي المرحلة الإعدادية انطلقت في مدرسة سبأ.، عندما كنت أشارك في الصحيفة الحائطية بالإخراج والرسم والإعداد وحتى الكتابة.
- كيف تشكل وعيك الجمالي..!؟ ومن كان أول من شجعك فنياً..!؟
*أعدني "متطرفا" في عشق الجمال الی درجة لا تتصورها.فمنذ طفولتي وحتى اللحظة. وأنا أعشق الجمال في الطبيعة والفن والبشر.
اذ بدأ وعيي الجمالي في التشکل من حب الطبيعة عندما بدأت اعلم نفسي الرسم من خلال المدرسة الكلاسيكية الطبيعية.، رسم المناظر الجميلة .، واتذكر ايضاً انه كان يعجبني رسم عيون الأنثى.
كان الزميل العزيز وصديق العمر محمد جسار هو أول من شجعني عندما كنا ندرس في مدرسة سبأ الإعدادية وخصوصا في إعداد وتجهيز الصحف الحائطية كما ذكرت سابقاً.غیر ان التحولات النوعية التي طرأت في حياتي التشكيلية كانت في المرحلة الثانوية في مدرسة "عمر المختار" على يد استاذي المصري القدير عبد الرحمن البياع ( رحمة الله تغشاه) الذي كان يقوم بتدريس مادة التربية الفنية .، اذ كان له الفضل في نقلي من المدرسة الفنية الكلاسيكية ( الطبيعية) الي المدرسة التجريدية.

 


- هل كانت التربية الفنية في المدرسة حافزاً لك.، أم أن الفطرة سبقت المنهج والثقافة أو الطموح الذي وجدت نفسك ترسم بأفقه .!؟
*الفطرة بالتأکید والثقافة الذاتية سبقتا المنهج .، وفي المدرسة تم صقل موهبتي علمياً ومهنياً .، وما زلت احتفظ باللوحات الفنية التي تؤرخ تلك المرحلة في مدرسة عمر المختار الثانوية.، والتي فيها تطورت من المدرسة الطبيعية الي التجريدية ثم في دراستي الجامعية بكلية الآداب انتقلت الي المدرسة السريالية.

-في مراحل مضت كان الفن التشکیلي يمثل لليمني اجمالا تفاؤلا وافق مستقبليات للأدب وألفن عموماً.، هل مازال الفن البصري يمثل شغفاً لك اليوم..!!؟
*لا أخفيك سراً بان مشاغل الحياة وخصوصا هنا في موطن الهجرة ( أمريكا ) خففت من شغفي الكبير بالفن ومع ذلك استطيع القول ان شغفي بالفن البصري موجود في عروقي.

-في خضم مرحلة النضج الفني والمشهد التشكيلي اليمني: كيف كانت تجربتك الأولى مع المعارض الفنية..!؟وما الذي اضافته لك اليوم تلك اللحظات الأولى حين تعود بشريط الذاكرة – مثلاً – الى فضاءات مدرسة "عمر المختار" تحديداً.، ومعلم الفن التشكيلي الأستاذ عبد الرحمن البياع..!!؟
حیث اخذت مشاركتي في المعارض الفنية تمنحني حافزاً كبيراً في مسيرة حياتي الفنية التشكيلية. ونقلتني من مرتبة ( محب ) الي مرتبة ( عاشق ) لهذا الفن .
وقد شاركت في معارض عدة داخل ( الیمن) وطني الاغلی وخارجه ایضا.
وكان لي الشرف ان أشارك مع عمالقة الفن التشكيلي اليمني في معارض بجامعة صنعاء ووزارة الثقافة.ومن ابرز هٶلاء الفنانين المعلم هاشم علي وعبد الجبار نعمان وعبده الحذيفي ومحمد الهبوب وغيرهم.
اضافة الی تجربتي في مدرسة "عمر المختار" مع المربي الفاضل الأستاذ عبد الرحمن البياع من خلال المعارض المدرسية التي شاركت فيها وكان لها دوراً كبيرا يصل الي 75% من صقل موهبتي واقتراب تجربتي من النضج.

- عاصرت فنانين من أجيال مختلفة.، كيف كانت ديناميكية المشهد الفني في صنعاء خلال التسعينيات..!؟
شهدت تلك الفترة وما قبلها ازدهاراً وتطوراً في مسيرة الفن التشكيلي اليمني بريادة العمالقة وعلى راسهم الفنان الانسان هاشم علي .،وقد تميزت تلك الفترة بالأعمال الفنية العميقة والصادقة والتي تعكس الروح اليمنية والهویة.

- اشتغلت في الإخراج الصحفي للجريدة الرسمية الاولی فی البلاد( صحيفة الثورة ) ومجلة معين وصحيفة الرياضة وصفحة الثقافة اليومية وملحق الثورة الثقافي وغيرها. كيف أثر کل ذلك على علاقتك بالصحافة وباللون والخط العربي والمساحة البصرية..!؟
*التأثير في الفن كان عميقا جداً بحكم الإخراج الصحافي.ولهذا انسجمت بكل مشاعري مع هذه ( الوظيفة الممتعة ) وتركت بصمات واضحة وخصوصاً في صحيفة " الثورة وكنت أول من أسس قسم الإخراج الصحفي.
- حول الارشيف الفني والهوية البصرية علمت أنك تحتفظ بصور كل لوحاتك.، ما أهمية هذا الأرشيف بالنسبة لك كفنان تشکیلي يمني..?
*في الحقيقة مازلت احتفظ باللوحات الاصلية وصورها في منزلي وفي تلفوني ما یبقي لقب الفنان التشكيلي في اعماقي.، وايضاً كأدلة حيه لأبنائي واحفادي للتعرف علی أروع هوياتي.


- كيف تطور أسلوبك من لوحات البدايات إلي أعمالك الأخيرة .، وهل اقترب النقد الفني من تجربتك واعمالك في يوم ما..!؟
*اعتبر البدایات قفزة كبيرة حتی الوصول الي المرحلة السريالية التي رافقت المرحلة الجامعية منتصف ثمانينيات القرن الماضي.بعض لوحاتي كان لها حظ وفيرا من قبل بعض النقاد.، وهنا لا انسى الدكتور أبو بكر السقاف ( رحمه الله ) والذي كان يدرس مادة الفلسفة في كلية الآداب عندما شاركت في معرض تشكيلي في جامعة صنعاء بداية الثمانينيات.، فقد كانت قراءته النقدية لنماذج من اعمالي حدث كبير في مسيرة حياتي التشكيلية .

-ما هي اللوحة الأقرب الي قلبك..!؟ ولماذا..!!؟
*من دون تردد او تفكير لوحة ( الحقيقة ) لأنها جاءت نتيجة لمعاناة وتجربة إنسانية عشتها ولهذا رسمتها بكل جوانحي واحاسيسي وكل لمسة فرشه فيها تعني لي الكثير.، ولقد رسمتها بأسلوب سريالي جميل وممتع.، وكلما اشاهد هذه اللوحة احس بالفخر والسعادة.، وتعتبر اكثر لوحة جذبت المعجبين والكتاب .

-ما الذي تغيّر في رؤية الفنان محمد الجرموزي تجاه اللوحة البصریة والفن اجمالا.وبالخصوص بعد انتقالک إلي الولايات المتحدة رفقة العائلة ..؟
*في هذا العالم الجميل( طبيعياً وتكنولوجياً ( أمريكا) غدت رؤيتي الفنية اكثر نضجاً،کمه انعكس ذلک في كل تفاصيل حياتي وتعاملي مع كل من حولي.، فمثلاً عندما امارس هواياتي في البستنه هناك لمسات فنية اتركها في ترتيب الورود والزهور وتشكيل لوحة طبيعية امام منزلي وايضاً في الحديقة الخلفية.

-هل تحمل اليمن معك في تفاصيل لوحاتك.، أم أن للمهجر طيفاً آخر من الإلهام..؟
*وجدانياً وعملياً البيئة التي حول الفنان تؤثر على اعماله بالطبع.، ومع ذلك بالنسبة لي يظل( الیمن) أغلى وطن. فهو في دمي يجرى مع كريات الدم وهذا ما عبرت عنه في احدث لوحاتي ( أنا يمني أمريكي ) التي رسمتها عام 2022م بطلب من نجلي الطبيب غمدان كهديه مني له ولزوجته بمناسبة زفافهما.



- الي أي مدى يشكًل الحنين دافعاً للعودة إلي الرسم وما هي ملامح لوحاتك الجديدة ..، هل اخذت مساراً جديداً في الفن هي الأخری.؟
*عندما عدت الی الفرشاة والألوان بعد انقطاع لسنوات عدة. كانت فرحتي كبيره جداً كفرحة عاشق التقى حبيبته بعد فراق قسري طويل.، غیر ان ما ادهشني هو انني مازلت اتوافر علی الملكة والقدرة في مزج الألوان وتناغمها.، وهذا ما وجدته في لوحتي الأخيرة والتي تناصف فيها حبي لموطني الأصلي ( اليمن ) ووطني الثاني ( أمريكا).
- حدثنا عن مشاركاتك للسابقة في المعارض وماذا يعنى لک أن تعرض أعمالك في اليمن أو خارجها.؟
*أكثر سلوك كان يعجبني خلال المشارکة بالمعارض الفنية التشكيلية هو أن بعض الزوار يلفتون نظري الی معاني ودلالات في بعض لوحاتي لم أكن أعرفها أو قصدت من رسمها .
وكان لي الشرف الكبير ان مثلت اليمن في عدة معارض خارجية مثل سوريا والسعودية وليبيا.
وکان من أحب المشاركات لي "كفنان هاو" هي تلك التي شاركت فيها مع عمالقة الفن التشكيلي اليمني في جامعة صنعاء أو المركز الثقافي مثل الفنان الاستاذ هاشم علي والفنان فؤاد الفتيح والفنان عبد الجبار نعمان وغيرهم.


- تغیر مفهوم الاغتراب بالطبع في الادب کما في الفن.بتغیر مفاهيم سادت بفعل عوامل عدة.، کفي السیاق هل لديك مشاريع فنية قادمة أو معرض شخصي تفكر بتنظيمه حتى عن بعد ويعكس ملمحا عن فلسفتك في التعامل مع اللوحة الفنية مثلا.؟
*كان لدي مشروع اقامة معرض فني هنا في بلاد العم سام ( أمريكا).، ولكنّ ظروف الحرب في بلادي اليمن حالت دون ذلک. بسبب ان ٩٠ ٪؜ من لوحاتي موجودة في اليمن.ومع ذلك لم استسلم وأخطط لإنجاز هذه الفكرة مستقبلا ان شاء الله تعالى.

- كيف تنظر کفنان الي واقع التشكيل اليمني راهنا من بعيد.؟ وما حجم تأثيرات الحرب على الفن بصورة عامة.؟
*هناك شباب وشابات في اليمن استطاعوا قهر الظروف الصعبة وعبروا عن واقع الحرب المرير في أعمالهم الفنية.
ودائماً القهر والمعاناة ومشاكل الحروب تولّد الابداع کما عکست تأثيرات ذلک لوحة الجورنيكا للفنان الإسباني بابلو بيكاسو الذي رسمها عام ١٩٣٧م عن الحرب الإسبانية.،
وتعتبر أقوى وأشهر لوحة في التاريخ في تعبیراتها عن مآسي الحرب.اللوحة موجودة حالياً في معرض موسيو رينا صوفيا بالعاصمة الإسبانية مدريد.

- ما الذي يعنيه الفن بالنسبة لك اليوم بعد هذا المشوار والتوقف عن الرسم في أحوال ومواقف بعينها وما أسبابها برأيك.؟
*الفن التشكيلي عالمي الخاص أتحكم فيه كيفما اشاء وأبوح اليه بكل همومي وآهاتي .؛ ولم يحصل انني احسست يوماً ما بانقطاعي عن هذا العالم الخرافي البديع.؛ فكثير من الاحيان عندما أكون متضايقا امسك اقرب قلم وقصاصة ورق وارسم عليها ( عين فتاة) جميلة.
والي ذلك امارس هوايتي الفنية من خلال جهاز الكمبيوتر الشخصي وأيضا تلفوني الخاص مستغلا بذلك نعمة التكنولوجيا.، فمثلا قمت العام الماضي بتصميم غلاف كتابي الأول ( مغامرة صحافي إلي أرض الأحلام).
- في سیاق مغامرتک هذه من "السفر الی ارض الاحلام" هل تفكر يوماً ما في العودة الي اليمن وإقامة معرض استعادي لتجربتك.؟
*هذا حلم وان شاء الله أحققه ذات يوم ضمن مشاريعي عندما اتقاعد .
- ما الرسالة التي تود أن تتركها للأجيال القادمة من خلال أعمالك الفنية.؟
*لايكفي ابدا ان تكون رساما مبدعا بل يجب ان تتوج هذا الفن بالثقافة المحلية والعالمية .
ولدى هذا الجيل فرصة عظيمة وسهلة ( الإنترنت ).









شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي