
الدوحة- تُعقد في الدوحة الإثنين 15 سبتمبر 2025، قمّة عربية-إسلامية طارئة، للبحث في الرد على الهجوم الإسرائيلي غير المسبوق الذي استهدف الأسبوع الماضي مسؤولين من حماس في الدولة الخليجية التي تلعب دور الوسيط في الحرب في قطاع غزة.
يأتي الاجتماع على وقع إدانة دولية واسعة النطاق للهجوم الإسرائيلي، لا سيما من دول الخليج الغنية حليفة الولايات المتحدة الداعم الرئيسي للدولة العبرية، في مسعى لاتخاذ موقف جماعي.
وقالت الباحثة في مبادرة الشرق الأوسط في كلية كينيدي بجامعة هارفرد إلهام فخرو لوكالة فرانس برس إن هذه القمّة "تُعدّ في الأساس آلية لدول مجلس التعاون الخليجي لإظهار وحدتها في وقت استهدفت فيه إسرائيل بشكل مباشر سيادة دولة عضو، في أول هجوم من نوعه في التاريخ".
وأضافت فخرو، وهي مؤلفة لكتاب عن "الاتفاقات الإبراهيمية" التي طبّعت بموجبها دول عربية علاقاتها مع إسرائيل، أنه "من المتوقع أن تستغل دول الخليج القمّة للدعوة إلى أن تضبط واشنطن إسرائيل، بعدما أدت ضرباتها على قطر إلى إضعاف مساعي وقف إطلاق النار التي لم تُبدِ تل أبيب التزاما جديا بها" في غزة.
وكان وزراء خارجية الدول العربية والإسلامية قد عقدوا اجتماعا تحضيريا مغلقا الأحد في الدوحة لمناقشة مسودة بيان، على أن يُعرض على القادة للخروج بقرار موحّد.
وبحسب مسودة للبيان الختامي اطلعت عليها فرانس برس، فإن الدول المجتمعة ستؤكد على أن "العدوان الإسرائيلي الغاشم على دولة قطر الشقيقة، واستمرار الممارسات الإسرائيلية العدوانية (...) إنما يقوّض فرص تحقيق السلام والتعايش السلمي في المنطقة ويهدد كل ما تم إنجازه على طريق إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل، بما في ذلك الاتفاقات القائمة والمستقبلية".
كما تشير المسودة إلى "التأكيد على مفهوم الأمن الجماعي والمصير المشترك (...) وضرورة الاصطفاف ومواجهة التحديات والتهديدات المشتركة".
وتضع القمّة قطر التي اضطلعت خلال العامين الماضيين بدور بارز في التوسط بين إسرائيل وحركة حماس لوقف الحرب في غزة، أمام اختبار سياسي حرج بشأن مستقبل دورها في الملف الفلسطيني بعد أن استضافت جولات تفاوض غير مباشرة بين الطرفين، فشلت في التوصل إلى حل دائم، في ما عدا هدنتين موقتتين.
- "عقوبات على إسرائيل" -
وفي هذا السياق، رأى الباحث في معهد العلوم السياسية في باريس كريم بيطار أن "هذه القمّة تمثّل اختبارا حقيقيا لجميع الدول العربية والإسلامية المشاركة فيها. لقد حان الوقت لتجاوز التلاوات المعتادة، والإدانات اللفظية والاتهامات المتبادلة التقليدية".
وأضاف لفرانس برس أن "الناس في العالم العربي وفي الجنوب العالمي عموما سئموا من البيانات الكلاسيكية القديمة بالإدانة والاستنكار".
وتابع أن "ما يتوقعونه اليوم هو أن ترسل هذه الدول، رغم خلافاتها في قضايا عديدة، إشارة بالغة الأهمية ليس فقط إلى إسرائيل بل أيضاً إلى الولايات المتحدة، مفادها أن الوقت قد حان لكي يتوقف المجتمع الدولي عن منح إسرائيل صكا على بياض، وأن يُعاد النظر في هذا الدعم الأعمى وغير المشروط، ومن الناحية المثالية أن تبدأ عملية فرض عقوبات على إسرائيل".
ومن المتوقع أن يبحث القادة في الدوحة خيارات واسعة، في وقت يتخوف مراقبون من أن يؤدي استمرار التصعيد إلى تقويض أي أفق لاستئناف المفاوضات لوقف إطلاق نار في غزة.
- "معايير مزدوجة" -
والأحد، حضّ رئيس الوزراء القطري المجتمع الدولي على وقف "الكيل بالمعايير المزدوجة"، معتبرا أن "ما يشجع إسرائيل على الاستمرار في هذا النهج هو صمت، بل بالأحرى عجز المجتمع الدولي عن محاسبتها".
ولفت بيطار في هذا الصدد إلى أنه "هناك الآن إدراك بأن التهديد وجودي، لا يطال الشعبين الفلسطيني واللبناني فقط، بل يكاد يشمل كل بلد. والولايات المتحدة وحدها تملك النفوذ الكافي لدفع إسرائيل إلى تغيير سلوكها والانخراط في تعديل السلوك، لكن الولايات المتحدة لن تفعل ذلك ما لم تشعر بأن حلفاءها القدامى في الخليج يمارسون عليها ضغوطاً لفعل ذلك".
وتستضيف قطر أكبر قاعدة أميركية في المنطقة. وتتوسط في الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة إلى جانب الولايات المتحدة ومصر.
وللمشاركة في القمة المقررة الاثنين، توجه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى العاصمة القطرية، وفق وكالة الأنباء السعودية الرسمية.
وقبله وصل الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، فيما أعلن العراق مشاركة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني. وأكدت الرئاسة التركية أن الرئيس رجب طيب أردوغان سيحضر القمة أيضا، ووصل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى الدوحة مساء الأحد.
كما أعلنت الرئاسة المصرية مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي، فيما أشار التلفزيون السوري إلى وصول الرئيس الإنتقالي أحمد الشرع إلى الدوحة للمشاركة في القمة، كما وملك الأردن عبدالله الثاني.
وأشار الإعلام الرسمي السعودي إلى أن قمة استثنائية لدول مجلس التعاون الخليجي الست ستعقد في الدوحة الاثنين أيضا.
في المقابل، أعلن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الإثنين أنه سيعقد جلسة نقاش طارئة الثلاثاء بشأن الغارة الإسرائيلية في قطر.
وبحسب البرنامج المبدئي للقمة، من المفترض أن يبدأ اجتماع القادة عند الساعة الثالثة بالتوقيت المحلي (12,00 ت غ).
في الأثناء، يزور وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إسرائيل في خطوة وُصفت بأنها استعراض واضح لدعم واشنطن الثابت.
وتوجه روبيو مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى حائط المبكى في القدس الشرقية الأحد معتمرا القلنسوة اليهودية وفق ما أفاد مراسل وكالة فرانس برس.
وقال الباحث السعودي المتخصص في العلاقات الدولية في الشرق الأوسط عزيز الغشيان لفرانس برس إن "الكثير من الناس ينظرون إلى الأفعال، لا مجرد الخطابات".
وأضاف "لقد ائتنفدنا كل أشكال الخطاب. الآن لا بد أن تكون هناك أفعال – وسنرى ما ستكون عليه تلك الأفعال".