إسرائيل بعد خمس سنوات على اتفاقات إبراهيم: مصيرنا مع أمريكا لا مع العرب

2025-09-07

من روج لفكرة “الشرق الأوسط الجديد” عقب التوقيع على اتفاقات إبراهيم هو نتنياهو، الذي وقع عليها في البيت الأبيض في أيلول 2020 (ا ف ب)ستحل هذا الشهر ذكرى الخمس سنوات على توقيع اتفاقات إبراهيم، اتفاقات سلام وتطبيع بين إسرائيل والإمارات والبحرين، والتي انضم إليها السودان والمغرب أيضاً.

اليوم، في نظرة إلى الوراء، لا شك أنها نقطة انعطافة تاريخية دلت على تغيير جذري في موقف العالم العربي من إسرائيل، ويخيل أنه تغيير في وجه الشرق الأوسط، لدرجة الادعاء بأننا أمام “شرق أوسط جديد” يختلف عن ذاك الذي رأيناه.

من روج لفكرة “الشرق الأوسط الجديد” عقب التوقيع على اتفاقات إبراهيم هو نتنياهو، الذي وقع عليها في البيت الأبيض في أيلول 2020. غير أن نتنياهو في التسعينيات، كان قد وقف بحدة ضد رؤيا “الشرق الأوسط الجديد” التابعة لمدرسة شمعون بيرس، الذي كان في حينه وزير خارجية في حكومة إسحق رابين.

ادعى بيرس بأن التوقيع على اتفاق أوسلو ولد “شرق أوسط جديداً” من السلام والأمن، وعلى هذا رد نتنياهو: “عن أي شرق أوسط جديد يتحدث بيرس؟ هذا ليس شرق أوسط جديداً، بل شرق أوسط قديم ومليء بموجات الإرهاب والباصات المتفجرة”.

ومع ذلك، لا يمكن أن نتنكر لحقيقة أن التوقيع على اتفاقات إبراهيم حطم السقف الزجاجي في علاقات إسرائيل مع العرب، إذ كانت الفرضية السائدة حتى ذلك الحين، أنه لن تتجرأ أي دولة عربية على تطوير علاقاتها مع إسرائيل دون حل القضية الفلسطينية. وها هي دولة عربية واحدة إثر أخرى تبدي استعداداً بل وحماسة للتوقيع على اتفاقات سلام مع إسرائيل، وبذلك تدير ظهرها للفلسطينيين الذين رأوها عائقاً ومصدر إزعاج.

لا شك أيضاً في أن اتفاقات إبراهيم عبرت عن اعتراف عربي بأهمية العلاقات مع إسرائيل، التي أصبحت قوة إقليمية عظمى وقوة اقتصادية وأمنية بوسعها مساعدة العرب على المضي باقتصادهم وحماية أنفسهم من إيران. هذا بخلاف الماضي، حين طالبت الدول العربية بالسلام مع إسرائيل كي تحصل منها على المناطق التي سيطرت عليها أو تصل من خلالها إلى قلب الولايات المتحدة وجيبها.

في أيلول 2022 بدا مستقبل المنطقة ومستقبل العلاقات الإسرائيلية العربية إذن مضموناً، وأمل الجميع في انضمام دول أخرى إلى اتفاقات إبراهيم، وعلى رأسها السعودية، الدولة الأهم في العالم العربي اليوم.

ربما خاف يحيى السنوار من تحقيق اتفاق سلام بين إسرائيل والسعودية، الكفيل بدفن القضية الفلسطينية نهائياً، وهو ما دفعه للخروج إلى هجمة 7 أكتوبر. لقد أمل السنوار في أن تحدث الهجمة التي فتحها هزة أرضية إقليمية تؤدي إلى انهيار إسرائيل.

لكن، عملياً، أدت هجمة السنوار التي انضم إليها حسن نصر الله إلى تصفيتهما، والأهم أن إسرائيل وجهت ضربة قاسية بل وفتاكة لحماس وحزب الله. إيران هي الأخرى تعرضت لضربة جسيمة، فقدت معاقلها على شواطئ البحر المتوسط وتبينت كدولة ضعيفة وهشة، يصعب عليها الدفاع عن نفسها من إسرائيل.

وهكذا، كلما ابتعدنا عن 7 أكتوبر 2023 يتبين أن الشرق الأوسط بقي كما هو – ربما ليس “شرق أوسط جديداً”، لكن شرق أوسط يختلف عن ذاك الذي عرفناه في الماضي. يختلف؛ لأن معظم الدول العربية لا تزال معنية بإقامة علاقات مع إسرائيل، في رؤيتها لها كسند متين حيال الظل المهدد لإيران وكذا لتركيا، وحيال تهديد الراديكالية الإسلامية. الدول العربية ليست مستعدة أيضاً لتسمح للتطرف الفلسطيني بإملاء مصيرها والغرق في صراع مع إسرائيل بلا نهاية.

لقد علمنا التوقيع على اتفاقات إبراهيم بأن الكثير متعلق بما تفعله إسرائيل بمساعدة الولايات المتحدة وليس بالضرورة بما يفعله العرب. هذا هو الوضع اليوم أيضاً، في الشرق الأوسط القديم – الجديد، الذي يطرح مخاطر لكن يفتح أيضاً باباً أمام الفرصة التي على إسرائيل استغلالها.

كل شيء إذن متعلق بنا وبالسؤال: هل نعود ونأخذ المبادرة وندفع قدماً بالعلاقات الإسرائيلية – العربية ونصمم معاً وجه الشرق الأوسط.

إيال زيسر

 إسرائيل اليوم 7/9/2025









شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي