
عادات اللعب تغيّرت؛ فلم تعد غرفة المعيشة وتلفازها الكبير مركز الترفيه كما في السابق، بل أصبحت تجربة اللعب متنقلة مع اللاعب. وطرح أجهزة مثل Nintendo Switch 2 يعكس هذا التحول، فهو لم يكن مجرد تطوير تقني، بل علامة على تغيّر سلوك اللاعبين واتجاهات السوق، بحسب الرجل.
مؤخرًا أعلنت Nintendo بيع أكثر من 3.5 مليون وحدة من Switch 2 خلال أربعة أيام فقط، ليصبح أسرع جهاز ألعاب مبيعًا في التاريخ، رغم كونه جهازًا محمولًا. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل باتت الأجهزة المحمولة هي مستقبل صناعة الألعاب؟ هناك خمسة أسباب ترجح ذلك:
الأجيال الجديدة تُفضل الأجهزة المحمولة
بحسب تقرير صدر في 2023، فإن أكثر من 80% من أبناء الجيلين زد وألفا يلعبون بشكلٍ أساسي على الأجهزة المحمولة. والسبب واضح، وهو سهولة ومرونة الاستخدام. فعلى الرغم من إمكانية اللعب على أجهزة الكونسول العادية وأنت على الأريكة أو السرير باستخدام أدوات التحكم اللاسلكية، فإنك تظل مقيدًا بالحاجة إلى شاشة التلفاز أو الحاسوب حتى تستخدم البلايستيشن أو الإكس بوكس.
في المقابل، يُمكنك اصطحاب أي جهاز ألعاب محمول لأي مكانٍ تقريبًا والاستمتاع به. الأجيال الجديدة من اللاعبين نشأت على هذه الفكرة، وتعودت الراحة التي توفرها لهم الهواتف الذكية تحديدًا، وهذا ترتب عليه عدة أشياء، منها:
زيادة عدد أجهزة الألعاب المحمولة وإمكانياتها.
ولو كان الإقبال على هذه الأجهزة ضعيفًا لكانت اندثرت مثلما حدث مع غيرها، لكن ما يحصل الآن هو العكس تمامًا. هناك العديد من الخيارات الموجودة في السوق مثل Steam Deck من شركة Steam، وASUS ROG Ally من ASUS، وMSI Claw 8 AI+ من MSI، وبالتأكيد Nintendo Switch 2 من Nintendo، وغيرها. حتى Microsoft، وبعد سنواتٍ من التكهن والشائعات، كشفت أخيرًا عن جهازها المحمول الذي كانت تعمل عليه بالتعاون مع ASUS، وهذا دليل قاطع على أن أجهزة الألعاب المحمولة لم تعد خيارًا ثانويًا، وستستمر في التوسع ما دام الإقبال عليها شديدًا.
تطور هائل في المواصفات
في السابق، كانت أجهزة مثل Game Boy أو PSP تقدم تجاربَ ممتعة، لكنها لم تكن ترقى لجودة الرسوميات أو الأداء الموجود في أجهزة الكونسول العادية. اليوم، تغير المشهد بشكل جذري مع ظهور Steam Deck وغيره من الأجهزة التي أصبحت تعتمد على معالجات وبطاقات رسومية متقدمة تُشبه تلك المستخدمة في الحواسيب المحمولة (لابتوبّات الجيمنج)، لدرجة أن أجهزة الألعاب المحمولة باتت قادرة على تشغيل ألعاب مثل Cyberpunk 2077 وElden Ring بكفاءة عالية حتى في أثناء التنقل!
ولعل أحد الأسباب التي أدت إلى هذا التحول هو ظهور تقنيات تحسين الأداء والجودة، أو ما يُعرف بالـ "Upscaling"؛ هذه التقنيات تتوافر في أجهزة الحاسوب بشكلٍ أساسي، غير أنها الآن أصبحت موجودة في أجهزة الكونسول أيضًا. جهازٌ مثل الـ ROG Ally يدعم تقنية FSR 3 لزيادة عدد الإطارات في الثانية وفي الوقت نفسه تقليل الضغط على العتاد، كيف؟ هذه قصةٌ يطول شرحها، لكن باختصار شديد، يجري استخدام خوارزميات متقدمة تُحلل الصور أو الإطارات منخفضة الدقة وتتعرف على الأنماط الموجودة فيها، ومن ثَم تُنشئ بكسلات جديدة بشكل ذكي لتبدو الصورة النهائية أكثر وضوحًا.
الجدير بالذكر أن المطورين أصبحوا يضعون أجهزة الألعاب المحمولة في حسبانهم عند تطوير الألعاب، خاصةً أن سوقها ينمو وعدد مالكيها يزداد بشكل كبير، وهو ما يُساعد على تحسين الأداء ويقلل من مشكلات التوافق Compatibility بشكل كبير.
اللعب السحابي
السبب الرابع الذي يجعل المستقبل يفتح ذراعيه لأجهزة الألعاب المحمولة هو تقدمها الكبير في تقنيات اللعب السحابي Cloud Gaming. صحيح أن اللعب السحابي ليس متوافرًا بشكل رسمي في بعض الدول (متوافر في المملكة رسميًا)، غير أنه يُلبي مفهوم "اللعب من أي مكان وفي أي وقت"، وهو المفهوم الذي تتبناه الأجيال الحالية كما أشرنا، والذي سيساعد هذه التقنية على الانتشار أكثر عاجلًا أم آجلًا.
معظم أجهزة الألعاب المحمولة الحديثة تدعم تقنيات اللعب السحابي؛ ما يتيح للمستخدمين تشغيل الألعاب المتطلبة بسهولة، وذلك بفضل خدمات مثل GeForce Now، دون الحاجة لمواصفات قوية على مستوى العتاد. كُل ما يحتاج إليه الأمر هو اتصال جيد بالإنترنت، وهذا موجود لدى المعظم.
نينتندو!
تُمثل شركة نينتندو وحدها سببًا مُقنعًا لسيطرة أجهزة الألعاب المحمولة على مستقبل الصناعة. إذا لم تكن الإحصائية الموجودة في المقدمة كافية لإقناعك، فدعنا لنُعطيك نبذة عن جهاز Nintendo Switch 2.
مبدئيًّا، يجمع هذا الجهاز بين قوة الأداء والتصميم الهجين، حيث يأتي بشريحة متطورة من Nvidia تمتلك 6 أضعاف العدد من أنوية CUDA مقارنةً بالإصدار الأول، كما يأتي الجهاز بـ 12 جيجابايت رام (مقابل 4 في الإصدار الأول)، وسرعة نقل تتخطى الـ 100 جيجابايت/ثانية (مقابل 25 جيجابايت/ثانية تقريبًا)، ومساحة تخزينية 256 جيجابايت بسرعة تصل إلى 2100 ميجابايت/ثانية (مقابل 32 أو 64 في الجيل الأول).
كذلك يأتي الـ Switch 2 مزودًا بشاشة 7.9 بوصة بدقة 1920x1080p وتردد 120 هرتز مع دعم تقنيتي الـ HDR وVRR. كما يدعم تشغيل الألعاب على دقة 4K مع 60 إطارًا في الثانية، وهذا تطور استثنائي وغير مسبوق، حتى وإن كان يقتصر على وضع التلفاز TV mode فقط.
يكفي أن نقول إن ألعابًا مثل Cyberpunk 2077 وMario Kart World أصبحت تعمل على أجهزة الألعاب المحمولة بسلاسة وبدقات يصعب الحصول عليها من الكثير من أجهزة الكونسول العادية (بغض النظر عن أن العنوان الثاني حصري لنينتندو). وهذا كان آخر دليل نستشهد به لإثبات مكانة أجهزة الألعاب المحمولة في الوقت الحالي وتفوقها -المُحتمل- في المستقبل.