
القدس المحتلة- اعتبر المرصد الرئيسي للأمن الغذائي في العالم الثلاثاء 29 يوليو 2025، أن "أسوأ سيناريو مجاعة يحصل الآن" في قطاع غزة المحاصر والمدمّر بفعل الحرب بين إسرائيل وحركة حماس وحيث تجاوز عدد القتلى 60 ألفا.
وبدأت وكالات الإغاثة الدولية منذ يومين توزيع مساعدات بشكل أكبر من الأشهر الماضية بعد أن أعلنت إسرائيل "هدنة تكتيكية" يومية ومحدودة في بضع مناطق، لكن المنظمات الدولية ترى أن هذه المساعدات غير كافية في هذه المرحلة.
وأعلن الناطق باسم الدفاع المدني في قطاع غزة الثلاثاء مقتل 30 فلسطينيا غالبيتهم نساء وأطفال، في غارات شنّها الطيران الحربي الإسرائيلي ليل الإثنين الثلاثاء على مخيم النصيرات في وسط القطاع.
وجاء في بيان نشره "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" الذي وضعته الأمم المتحدة أن "أسوأ سيناريو مجاعة يحصل الآن"، مضيفا أن الأزمة الإنسانية "بلغت نقطة تحوّل مثيرة للقلق الشديد وفتاكة".
وأضاف التقرير أن "وصول المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة من دون عوائق" هو السبيل الوحيد لوقف الموت جوعا. وأضاف أن "الفشل في التحرك الآن سيؤدي إلى انتشار واسع للموت في معظم أنحاء القطاع".
- "كارثة إثيوبيا" -
ودعت ثلاث وكالات تابعة للأمم المتحدة الثلاثاء إلى "إغراق" قطاع غزة بكميات كبيرة من المساعدات الغذائية.
وقالت مديرة برنامج الأغذية العالمي سيندي ماكين في بيان مشترك مع منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) واليونيسف "يجب إغراق غزة فورا ومن دون عوائق بكميات كبيرة من المساعدات ومواصلة ذلك يوميا لتجنب مجاعة على نطاق واسع".
ورأى مدير الطوارئ في برنامج الأغذية العالمي روس سميث من جهته أن ما يحصل في غزة "لا يشبه أي شيء شهدناه في هذا القرن".
وأضاف "إنه يُذكّرنا بالكوارث التي شهدتها إثيوبيا أو بيافرا في القرن الماضي"، مؤكدا ضرورة "التحرك العاجل".
إلان أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو جدّد في بيان صادر عن مكتبه، اتهام حركة حماس بتشويه أرقام الضحايا وبنهب المساعدات الغذائية المخصصة للمدنيين الفلسطينيين.
وأضاف "بينما الوضع في غزة صعب وإسرائيل تعمل على ضمان إيصال المساعدات، تستفيد حماس من محاولة تغذية فكرة وجود أزمة إنسانية".
وقال نتانياهو "نحن بالفعل نسمح كل يوم بدخول كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية إلى غزة، تشمل الطعام والماء والأدوية. للأسف، حماس... كانت تسرق المساعدات من سكان غزة، وفي كثير من الاحيان عن طريق إطلاق النار على الفلسطينيين".
وتتمسّك الحكومة الإسرائيلية بأن "لا مجاعة" في غزة. إلا أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الداعم الرئيسي لها، تحدّث الإثنين عن "مؤشرات على وجود مجاعة حقيقية".
في أوائل آذار/مارس، فرضت إسرائيل حظرا تاما على قطاع غزة، ما تسبّب بنقص حاد في الأغذية والأدوية والوقود. ولم يسهم السماح بدخول كميات محدودة جدا في أواخر أيار/مايو بتخفيف الأزمة التي استفحلت، وسجّلت مستشفيات غزة وفاة عدد كبير من الأطفال جراء سوء التغذية الحاد.
وفي ظل تصاعد الضغوط الدولية، أعلنت إسرائيل الأحد "تعليقا تكتيكيا" لعملياتها العسكرية يوميا بين الساعة العاشرة صباحا والساعة الثامنة مساء في ثلاث مناطق، وسمحت بدخول شاحنات مساعدات الى غزة على أن تتولى توزيعها وكالات الأمم المتحدة التي كانت هُمّشت خلال الأشهر الماضية في عملية توزيع المساعدات.
كما استؤنف إلقاء المساعدات على القطاع من الجو، ونفّذ الجيش الإسرائيلي الإنزال الأول ليل السبت الأحد، ثم طائرات أردنية وإماراتية. وأعلنت دول أخرى نيتها تنفيذ مثل هذه العمليات.
لكن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي اعتبر أن عمليات إلقاء المساعدات فوق القطاع "لن تكون كافية لوقف الكارثة الإنسانية"، مشددا على أن عمليات إدخال المساعدات برّا "أكثر فاعلية وأمانا وسرعة".
وقال مكتب تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية (كوغات) الثلاثاء عبر منصة "إكس"، إن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية "جمعت ووزّعت أكثر من 200 شاحنة يوم أمس (الإثنين)" في قطاع غزة.
- تواصل الضربات الإسرائيلية -
وبحسب كوغات أيضا، سمحت إسرائيل الإثنين بدخول 260 شاحنة إضافية "وهي الآن بانتظار جمعها وتوزيعها"، بالإضافة إلى أربعة صهاريج من الوقود.
في برلين، أعلن المستشار الألماني فريدريش ميرتس أن بلاده ستقيم مع الأردن "جسرا جويا للمساعدات الإنسانية" مع قطاع غزة، بهدف مساعدة سكانه.
وأضاف أن بلاده ستعمل أيضا "بتنسيق وثيق مع فرنسا وبريطانيا المستعدتين أيضا لإقامة جسر جوي مماثل لإيصال المواد الغذائية واللوازم الطبية".
على الأرض، نفّذت إسرائيل ضربات جديدة على القطاع، وأكد الدفاع المدني مقتل ما لا يقل عن 30 شخصا بينهم نساء وأطفال في غارات ليلية استمرّت حتى الفجر على مخيم النصيرات.
وردّا على سؤال لوكالة فرانس برس، قال الجيش الإسرائيلي إنه يحتاج إلى مزيد من المعطيات للتحقّق من ذلك.
وقتل أيضا الثلاثاء 21 شخصا قرب مراكز توزيع مساعدات، وفق الدفاع المدني.
في خان يونس في جنوب القطاع، قالت منى عمران إنها فقدت أقارب كانوا توجهوا نحو ممر موراغ للحصول على مساعدات.
وأضافت "لا نريد مساعدة من أحد، لنمت جوعا. من يذهب ليحضر كيس دقيق يأتي مباشرة على حمّالة".
وتحدّث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، تعليقا على الدعوات المتزايدة لوقف إطلاق النار في غزة، عن "حملة مضللة".
وقال لصحافيين إن إنهاء إسرائيل النزاع بينما لا تزال حماس في السلطة في غزة وتحتجز الرهائن، سيكون "مأساة للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء"، مضيفا "لن يحدث ذلك بغض النظر عن مقدار الضغط الذي يُمارس على إسرائيل".
واندلعت الحرب في غزة إثر هجوم غير مسبوق شنّته حماس على جنوب إسرائيل وأسفر عن مقتل 1219 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفقا لتعداد أجرته وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية.
ومن بين 251 رهينة خطفوا أثناء الهجوم، لا يزال 49 محتجزين، بينهم 27 أعلنت إسرائيل أنهم لقوا حتفهم.
وردّت إسرائيل بحملة قصف مدمّر وعمليات عسكرية في قطاع غزة تجاوز عدد قتلاها الستين ألفا.
وقالت وزارة الصحة التي تديرها حماس الثلاثاء في تقريرها اليومي "ارتفعت حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 60034 شهيدا و145870 إصابة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر عام 2023".