صدور مجلة «بولي كلوط»… رهان القراءة العاشقة

2025-07-28

باريس - في عاصمة الأنوار باريس، صدر عن دار «بولي كلوط» للنشر والتوزيع، العدد الأول من المجلة الفكرية والإبداعية التي تحمل الاسم نفسه، التي يترأس تحريرها الفنان التشكيلي، والشاعر المغربي نصر الدين بوشقيف. ولعل أهم ما يلاحظ خلال تصفح العدد، وفرة ما يتضمنه من أبواب، فضلا عن علو سقف صفحاته التي تربو على الأربعمئة صفحة، حيث سيكون من البديهي اعتبار صدور مجلة ثقافية بهذا الحجم، وبما تتميز به من شمولية وتنوع، تحديا حقيقيا لواقع يشكو من ظاهرة انحسار الإقبال على القراءة، على حساب هيمنة المكون الرقمي، الذي أغرقت أمواجه المتلاطمة فضاءات التلقي بكل ما يتفاعل فيها من اهتمامات وتخصصات.
وتجدر الإشارة إلى أن الهيمنة الرقمية، أفضت إلى حالة من الانقلاب الجذري في تركيبة الأمزجة، حيث أدت غزارة المواد المعروضة، بِغَثّها وسمينها، إلى تكريس منطق الإحاطة السريعة، المقتصرة على استهلاك المادة الأكثر إثارة، والأكثر إغراء. فضمن هذا المعطى، سيكون من الطبيعي أن تساور الملاحظ خلال تصفحه للمجلة قناعة راسخة قوامها، سعْيُ رئاسة التحرير إلى رد الاعتبار لسلطة القراءة، بوصفها ممارسة ثقافية، معززة بشرطها التاريخي والجمالي، الذي تجد فيه الخاصة من القُرّاء إطارها الرصين والأثير، لممارسة تواصلها المعرفي، بعيدا عن تهافت المكننة الرقمية وهلامية قوانينها.
لذا، فإن مجلة «بولي كلوط» بهذا المعنى، تأخذ شكل فضاء ثقافي حميمي، متعدد الأبعاد، بما يتيح للقارئ المهتم، فرصة الاطمئنان إلى تنقله بين مختلف ما يتوزع عليه من أروقة معرفية وفنية، حيث يجاور رواق الفكر الفلسفي، رواق الخطاب السينمائي والمسرحي، إلى جانب مجاورة رواق النصوص الشعرية، لأروقة الكتابة المسرحية والسردية، وهكذا دواليك.
في السياق ذاته، تجب الإشادة بحرص رئيس التحرير نصر الدين بوشقيف، خلال إعداده لهذا العدد، على انتقاء الرموز الفكرية والإبداعية، المؤهلة لفتح حوار فكري وإبداعي مع قارئها النموذجي، المسكون بتساؤلاته ذات البعد الإشكالي التي تطرحها اللحظة الثقافية، بما هي بؤرة مشعة لتقاطع خطابات وتيارات، تضيق بها مسارات خطابات الحداثة، وما بعدها. أي ذلك الحوار الكفيل بالارتقاء بدفاتر المجلة، إلى مستواها المطلوب، بعيدا عن أي اعتباطية أو محاباة، من شأنها الإخلال بمصداقيتها. أيضا، فضلا عن هذا وذاك، سيكون من الضروري الإشارة إلى انتماء هذه الرموز الفكرية والإبداعية إلى جغرافيات ولغات العالم، بما تمتلكه من زخم وتنوع خلاق، تنصهر معه هوياتها، في بوتقة حضارية مشتركة، ومنفتحة على جديد آفاقها الواعدة بمستويات متقدمة من التواصل الهادف والخلاق.









شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي