
نشر موقع “ميدل إيست آي” تقريرا أعده عمران ملا تساءل فيه إن كانت حكومة العمال البريطانية قد رضخت للتهديدات الإسرائيلية وقررت عدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية، في وقت حث فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الحكومة البريطانية الإعتراف بدولة فلسطينية.
وقد قدم وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي يوم الثلاثاء تصريحا مدهشا. وكان يتحدث أمام لجنة الشؤون الخارجية المختارة في البرلمان قائلا إن إسرائيل ضمت أراض في الضفة الغربية المحتلة ردا على حركة الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وأشار إلى ذلك كسبب لمعارضته الاعتراف من طرف واحد بالدولة الفلسطينية. وقال لامي للجنة: “على الرغم من حركة الاعتراف، فإن ما شهدناه في الواقع هو مزيد من الضم في الضفة الغربية. لم يؤد ذلك إلى تقريبنا من عملية السلام” بل “لمزيد من الضم”.
وقد هددت الحكومة الإسرائيلية في الفترة الأخيرة كلا من بريطانيا وفرنسا، اللتين سرت شائعات في أيار/مايو عن استعدادهما للاعتراف من طرف واحد بدولة فلسطينية، قائلة إنها ستقوم بإجراءات في الضفة الغربية.
وفي نهاية أيار/مايو حذر رون ديرمر، وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، الدولتين، حليفتي إسرائيل التاريخيتين، من أن إسرائيل ستضم أجزاء من الضفة الغربية إذا اعترفتا بدولة فلسطينية. وقيل إن ديرمر، الذي عين في شباط /فبراير رئيسا لفريق التفاوض الإسرائيلي لوقف إطلاق النار في غزة، وجه هذا التهديد خلال محادثة مع وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو.
وذكرت صحيفة “هآرتس” نقلا عن دبلوماسي لم تكشف عن هويته، يوم الاثنين بأن ديرمر هدد بأن إسرائيل قد تعترف بالبؤر الاستيطانية غير المصرح بها في الضفة الغربية وضم أجزاء من المنطقة “ج”.
وقيل إن جدعون ساعر، وزير الخارجية الإسرائيلي، حذر نظيريه البريطاني والفرنسي من أن إسرائيل قد تتخذ إجراءات أحادية الجانب إذا أقدمت بريطانيا وفرنسا على هذه الخطوة.
وتشير تعليقات وزير الخارجية البريطاني الأخيرة إلى أن تهديد إسرائيل لم يقع على آذان صماء. وقد رفض لامي في مساء الثلاثاء تحديد إطار زمني لاعتراف بريطانيا بدولة فلسطينية، بل انتقد فكرة الاعتراف من طرف واحد بدلا من اعتبارها جزءًا من “عملية سلام”.
وقال لامي للجنة: “بالنسبة للمملكة المتحدة، وبالنظر إلى التاريخ، فإن علاقتنا مع المجتمعين اللذين جمعا عند ولادة دولة إسرائيل، أفضل لو كانت جزءا من عملية سلام”. وأضاف: “إلى جانب زملائنا الفرنسيين والسعوديين، نناقش الاعتراف، لكن حدسي ومؤشراتي يشيران إلى أنني أرغب حقا في تغيير الوضع على الأرض”.
ولا يبدو أن زملاء لامي الفرنسيين يتفقون معه في الرأي. فبعد ساعات قليلة من شهادته أمام اللجنة، ألقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كلمة أمام البرلمان البريطاني، وحث فيها رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر على الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وقال: “اليوم، العمل معا من أجل الاعتراف بدولة فلسطين وإطلاق هذا الزخم السياسي هو السبيل الوحيد للسلام”.
في الشهر الماضي، كانت فرنسا تستعد للاعتراف بدولة فلسطينية في مؤتمر أممي كبير حول حل الدولتين، يبدأ في 17 حزيران/يونيو في نيويورك، والذي كان من المقرر أن تستضيفه بالاشتراك مع المملكة العربية السعودية.
في ذلك الوقت، أفادت مصادر لموقع “ميدل إيست آي” أن الخطوة المقترحة “أزعجت” رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. كما وعلم الموقع بأن فرنسا كانت تضغط على بريطانيا للاعتراف بدولة فلسطينية في المؤتمر الذي سيعقد بالتزامن معها.
وفي نهاية أيار/مايو حذرت الولايات المتحدة باريس ولندن سرا من الاعتراف بفلسطين من طرف واحد، وفقا لما ذكرته مصادر مطلعة في وزارة الخارجية البريطانية لموقع “ميدل إيست آي”. بعد ذلك بوقت قصير، أفادت التقارير أن كلا البلدين قررا عدم الاعتراف بفلسطين. ثم تم تأجيل المؤتمر الذي كان من المقرر أن تعقده الأمم المتحدة في منتصف حزيران/يونيو، بعد هجوم إسرائيل على إيران.
وإذا اعترفت فرنسا وبريطانيا بدولة فلسطينية، فستصبحان أول دولتين من مجموعة الدول السبع الكبرى تفعلان ذلك، ومن المرجح أن يحدث ذلك زلزالا سياسيا.
وبدت علامات التوتر في العلاقات بين بريطانيا وإسرائيل ، حيث انتقد لامي يوم الثلاثاء خطط الحكومة الإسرائيلية لبناء مخيم في غزة لتجميع سكان القطاع بالكامل قائلا إنها “نقطة خلاف” في مفاوضات وقف إطلاق النار.
لكن حكومة حزب العمال قاومت باستمرار الدعوات لفرض حظر أسلحة كامل على إسرائيل. وعندما سألته اللجنة المختارة عن سبب استمرار بريطانيا في تزويد إسرائيل بقطع غيار طائرات إف-35 أو الشبح، قال لامي إن تعليق صادراتها “سيؤدي إلى انخفاض استخدام طائرات إف-35 في مناطق صراع أخرى”. ورفع صوته قليلا، وحث اللجنة على “الضغط علي بشأن التزاماتنا تجاه أوكرانيا والصراعات الأخرى حول العالم”.
وقاطع النائب الديمقراطي الليبرالي ريتشارد فورد، مشيرا إلى أن طائرات إف-35 “لا تستخدم في أوكرانيا، بل تستخدم طائرات إف-22 في أوكرنيا”. فيما بدا أنها لحظة غير مريحة للامي.