
بكين- التقى الرئيس الصيني شي جينبينغ السبت 16 يونيو 2025، قادة الجمهوريات السوفياتية السابقة الخمس في آسيا الوسطى خلال قمة في كازاخستان، في وقت ترسخ الصين موقعها كقوة رئيسية في المنطقة على حساب روسيا ونفوذها التاريخي فيها.
وتعقد القمة في العاصمة الكازاخستانية أستانا بعد قمة أولى جرت في الصين، وتجمع شي الذي وصل الإثنين مع قادة كازاخستان وقرغيزستان وأوزبكستان وطاجيكستان وتركسمانستان.
ومن المرتقب بحسب الدبلوماسية الكازاخستانية توقيع "معاهدة حسن جوار وصداقة وتعاون أبدي".
من جانبه قال متحدث باسم الخارجية الصينية غوه جياكون إن "قادة الدول المختلفة سيرسمون معا خارطة طريق جديدة للتعاون المستقبلي".
وبعد لقاء مع رئيس قرغيزستان صدير جاباروف، دعا شي البلدين إلى "زيادة التجارة والاستثمارات وتوسيع التعاون في المجالات الناشئة"، على ما أوردت وكالة الصين الجديدة للأنباء.
وقال شي خلال محادثات مع رئيس طاجيكستان إمام علي رحمن إن بكين "تدعم بحزم طاجيكستان في الحفاظ على استقلالها الوطني وسيادتها وأمنها".
كذلك، أجرى محادثات مع رئيسي أوزبكستان شوكت ميرزوييف وتركمانستان سردار بردي محمدوف، وفق وكالة شينخوان.
- "5+1" -
وتتميز آسيا الوسطى التي كانت خاضعة للنفوذ الروسي منذ منتصف القرن التاسع عشر وحتى سقوط الاتحاد السوفياتي في عام 1991، بموقعها الجغرافي الإستراتيجي بين آسيا وأوروبا بالإضافة إلى ثرواتها الطبيعية الوفيرة، ما يجعلها محط أطماع الدول الكبرى الساعية إلى منافسة موسكو.
وإن كان قادة هذه الدول يحافظون على روابط وثيقة مع روسيا، إلا أن تراجع نفوذ موسكو يزداد منذ باشرت حربها على أوكرانيا قبل أكثر من ثلاث سنوات.
وتغتنم الجمهوريات السوفياتية السابقة الخمس هذا الاهتمام المتنامي وتنسق سياستها الخارجية، وهو ما تؤكده الاجتماعات المتتالية التي تعقدها وفقا لصيغة "خمسة زائد واحد".
وتنظم مثل هذه الاجتماعات بانتظام مع دول مثل الصين أو روسيا أو كذلك الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وصولا إلى تركيا ودول غربية أخرى.
وقالت نرغيزة موراتالييفا الخبيرة السياسية من قرغيزستان لوكالة فرانس برس إن "دول آسيا الوسطى تتأرجح بين مراكز سلطة مختلفة، ساعية لحماية نفسها من الاعتماد المسرف على شريك واحد".
- الشريك التجاري الأول -
وفي مؤشر إلى هذه المنافسة، أعلنت كازاخستان السبت أن روسيا ستبني أول محطة نووية على أراضيها، وأن الصينيين سيبنون على الأرجح محطة ثانية.
غير أن الصين فرضت نفسها كأول شريك تجاري لدول آسيا الوسطى، مع وصول حجم المبادلات إلى 95 مليار دولار عام 2024 بحسب الجمارك الصينية، متخطية بفارق كبير الاتحاد الأوروبي (64 مليار دولار في 2023 بحسب مجلس الاتحاد) وروسيا (44 مليار دولار).
وتحتل آسيا الوسطى موقعا مميزا في مبادرة "طرق الحرير الجديدة" المعروفة رسميا باسم "الحزام والطريق"، وهي خطة ضخمة للبنى التحتية باشرتها الصين في 2013 لتنمية روابطها التجارية مع بقية العالم وتأمين إمداداتها.
وأوضحت موراتالييفا أن "لا روسيا ولا المؤسسات الغربية قادرة على تخصيص موارد مالية للبنى التحتية بمثل هذه السرعة وعلى على مثل هذا النطاق، بالالتفاف أحيانا على الآليات الشفافة".
وتبرم الشركات الصينية عددا متزايدا من العقود في مجال الطاقة سعيا للتزود بالغاز في تركمانستان واليورانيوم في كازاخستان والمعادن النادرة في طاجيكستان.
وقالت الخبيرة السياسية إن "آسيا الوسطى غنية بالموارد الطبيعية التي يحتاج إليها الاقتصاد الصيني في نموه السريع. وضمان إمدادات متواصلة من هذه الموارد مع الالتفاف على الطرق البحرية غير المستقرة يشكل هدفا مهما لبكين".
- "الأمن" -
كذلك، تطرح الصين نفسها كداعمة لأنظمة هذه الدول الاستبدادية بمعظمها.
وكان شي جينبينغ دعا خلال القمة السابقة بين آسيا الوسطى والصين، إلى "مقاومة التدخلات الخارجية" التي قد تتسبب بـ"ثورات" تطيح بالأنظمة القائمة.
وأوضحت موراتالييفا أن "آسيا الوسطى محاذية لمنطقة شينجيانغ للأويغور ذات الحكم الذاتي وتعتبر بكين استقرار دول آسيا الوسطى بمثابة ضمانة لأمن الحدود الغربية" للصين.