
في إنجاز علمي غير مسبوق، أعلن باحثون من جامعة كوبه في اليابان عن اكتشاف خلل جيني مشترك بين المصابين باضطرابات طيف التوحّد، يؤثّر بشكل مباشر في نظام الصيانة الداخلي للدماغ، ما يُعد خطوة فاصلة في طريق تطوير علاجات تستهدف أسباب التوحّد من جذورها، بحسب الرجل.
ووفقًا للدراسة المنشورة في مجلة Cell Genomics يونيو الجاري، فإن الخلل المكتشف يتسبب في تعطّل النظام الذي يزيل الفضلات والمكوّنات التالفة داخل الخلايا العصبية، مما يؤدي إلى تراكمها، ويؤثر سلبًا في قدرة الدماغ على إرسال واستقبال الإشارات العصبية.
التوحّد في طبق مخبري
لبناء فهم دقيق، استخدم الفريق تقنية CRISPR للهندسة الوراثية، وابتكر مكتبة من 63 سلالة خلوية معدّلة، كل منها تحمل أحد الطفرات الوراثية المرتبطة بالتوحّد. تم إنشاء هذه الخلايا باستخدام خلايا جذعية من أجنة فئران، ما سمح لهم بإنتاج أنسجة دماغية واختبار تأثير الطفرات في السلوك والتركيب العصبي.
ومن خلال تحليل هذه العينات، وجد الباحثون أن عددًا كبيرًا من الطفرات تؤثر على قدرة الخلايا العصبية على التخلّص من المكونات التالفة، الأمر الذي يؤدي إلى تعطل الشبكات العصبية المسؤولة عن التعلم واللغة والتفاعل الاجتماعي.
المثير في النتائج أن بعض الطفرات المكتشفة مرتبطة أيضًا باضطرابات نفسية أخرى مثل الفصام والاضطراب ثنائي القطب، ما يجعل هذه المكتبة الجينية أداة محتملة لدراسة أمراض عصبية متنوعة.
وأشار الفريق إلى أن هذه النتائج قد تسهم في تحديد أهداف دوائية جديدة مستقبلًا، تمهيدًا لتطوير علاجات تُصمّم حسب البصمة الجينية لكل فرد.
يأتي هذا الكشف في وقت يتزايد فيه عدد التشخيصات بشكل كبير. فقد سجلت بريطانيا ارتفاعًا بنسبة 787% في تشخيص حالات التوحّد بين عامي 1998 و2019، بينما ينتظر أكثر من 200 ألف شخص في إنجلترا تقييمًا رسميًا، بحسب بيانات حديثة.
ورغم الحماس العلمي، يؤكد كثير من المصابين بالتوحّد أن الحالة ليست "مرضًا يجب علاجه"، بل اختلاف عصبي يتطلب فهمًا واحتواء، لا بالضرورة تدخلاً دوائيًا.