الحرب التجارية.. قراءة في الانعكاسات غير المباشرة على الاقتصاد اليمني

الأمة برس
2025-04-24

الحرب التجارية.. قراءة في الانعكاسات غير المباشرة على الاقتصاد اليمني رجاء مكرد - مع استمرار التصعيد للحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، تُشكل السياسات الاقتصادية محورًا لجدل عالمي؛ نظرًا لما أحدثته من تحولات في ديناميكيات التجارة الدولية.

وبينما ينصبّ الاهتمام على التأثيرات المباشرة لتلك الرسوم على الصين، والاتحاد الأوروبي، وكندا، فإن التداعيات غير المباشرة وصلت – ولو بحدود متفاوتة – إلى الاقتصادات النامية، ومنها اليمن.

فكيف يمكن لهذه السياسات أن تؤثر على اليمن، وهي دولة تمر بواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية في العالم، وتُعاني من صراع داخلي، وأزمة إنسانية، وتعقّد في إعادة الإعمار والاستقرار الاقتصادي؟

عراقيل اقتصادية

تواجه اليمن في ظل التصعيد المستمر للحرب التجارية العديد من التحديات، أبرزها تقلب أسعار السلع الأساسية في السوق اليمني في ظل انهيار العملة المحلية.

فاليمن يعتمد بشكل شبه كامل على الواردات، وبالأخص من دول شرق آسيا؛ الأمر الذي يجعله عرضة لأي اضطرابات في سلاسل الإمداد الناتجة عن التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة.

بالإضافة إلى ذلك، ن تصاعد التنافس الاقتصادي بين القوى الكبرى، قد تدفع الدول المانحة لإعادة ترتيب أولوياتها؛ مما يُضعف تدفق المساعدات إلى دول نامية مثل: اليمن التي تعتمد بشكل كبير على المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتها الأساسية، وقد يتسبب هذا في تفاقم الوضع الإنساني في البلاد.

من جهة أخرى، تتمتع اليمن بموقع استراتيجي هام يمثله مضيق باب المندب؛ الأمر الذي يزيد التنافس الجيوسياسي في البحر الأحمر تبعًا لأهميته في خضم الحرب التجارية، تتسابق الدول الكبرى لبسط نفوذها في الممرات البحرية؛ مما قد ينعكس سلبًا على استقرار اليمن، هذا التنافس يمكن أن يزيد من احتمالات تداخل المصالح الأمنية والاقتصادية في شؤون اليمن الداخلية ويزيد الأمر تعقيدًا.

مع كل هذا فإن استمرار النزاع والظروف السياسية والاقتصادية المتوترة، كانت سبب كبير في جعل اليمن بيئة غير جاذبة للاستثمارات الأجنبية، وانكماش فرص الاستثمار، وغياب ضمانات قانونية أو استقرار مؤسسي، كل هذا جعل الشركات الدولية في حالة حذر شديد من ضخ أموالها في اقتصاد البلاد.

نافذة حلول

على الرغم من التحديات الجمة التي يواجها اليمن، فإن هناك فرصًا وحلولًا يمكن البناء عليها لتجاوز الأزمة، منها استغلال موقع مضيق باب المندب واستثماره كمركز لوجستي أو بوابة تجارية، يمكن أن يحصل اليمن على تسهيلات اقتصادية أو دعم مالي يُسهم في استقراره الداخلي.

كما أن هناك حاجة ملحة وضرورة لإصلاح السياسات الاقتصادية الداخلية، ورغم الصراع المستمر، يجب على اليمن أن يعمل على إعادة هيكلة سياساته المالية والجمركية، وتعزيز الإنتاج المحلي؛ لتقليل الاعتماد على الواردات المتقلبة، فهذا سيساهم في تعزيز مرونة الاقتصاد اليمني أمام الأزمات العالمية.

علاوة على ذلك، الانخراط في مبادرات دبلوماسية اقتصادية يشكل خطوة حيوية، إذ يمكن لليمن أن ينشط دوره في المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بالتجارة، وذلك لضمان أن تحدياته الاقتصادية تكون محل اهتمام عند صياغة الاتفاقيات الدولية أو فرض العقوبات الاقتصادية.

ومهم جدًا استثمار الدعم الأممي في بناء قدرات بشرية واقتصادية. بدلاً من الاقتصار على المساعدات الإغاثية، يمكن توجيه جزء من الدعم الدولي نحو مشاريع إنتاجية وبنية تحتية صغيرة، تخلق فرص عمل وتؤسس لاقتصاد مرن ومستدام.

الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين قد تبدو بعيدة عن اليمن جغرافيًا، لكنها ليست كذلك اقتصاديًا. فاليمن، الذي يمر بأزمة هو الأكثر تأثرًا بالتقلبات الاقتصادية العالمية، ولذلك لا بد من تبنى سياسة خارجية واقتصادية متوازنة وذكية، تستثمر موقعها الجغرافي، وتعيد بناء أدواتها السياسية والاقتصادية، للخروج من الوضع المتدهور والتأسيس لمرحلة جديدة من التعافي والتنمية.

عن الكاتبة/

رجاء مكرد صحفية وباحثة يمنية متخصصة في القضايا الاجتماعية والتنموية والسياسات العامة، مهتمة بتتبع أثر التحولات العالمية على المجتمعات النامية، ساعية لتعزيز دور الإعلام التحليلي في تشكيل السياسات وإعادة الإعمار في اليمن. https://www.facebook.com/share/p/1UmqaXSjbY/









شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي