خفض تمويل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية يقوض أنظمة الرعاية الصحية في إفريقيا  

أ ف ب-الامة برس
2025-04-15

 

 

ناموسية في غرفة لجأت إليها أسرة نازحة في ولاية بينو بشمال وسط نيجيريا، في 10 أيار/مايو 2016 (أ ف ب)   يجلس الممرض موسى آدمو إبراهيم في منزله عاطلا عن العمل فيما تتجمع السحب وترتفع الرطوبة في غرب إفريقيا حيث تؤدي أمطارها السنوية إلى زيادة أعداد البعوض القاتل المسبب لمرض الملاريا.

في نيجيريا حيث تُسجّل 30% من وفيات الملاريا السنوية في العالم والبالغة 600 ألف حالة، أغلقت العيادات التي كانت تخدم 300 شخص يوميا في ولاية بورنو المضطربة بشكل مفاجئ، بحسب ما قال لوكالة فرانس برس إبراهيم وموظفون آخرون تم تسريحهم بعد اقتطاع الرئيس دونالد ترامب التمويل الأميركي.

وأضاف إبراهيم "أُغلقت العيادات ولم تعد هناك أدوية مجانية أو ناموسيات".

والتفكيك المفاجئ للوكالة الأميركية للتنمية الدولية، الذراع التنموية الخارجية الرئيسية للولايات المتحدة، يفكك بدوره أنظمة الرعاية الصحية في أنحاء إفريقيا والقائمة على شبكة معقدة من وزارات الصحة الوطنية والقطاع الخاص ومنظمات غير ربحية ومساعدات أجنبية.

ومع تزايد تداعيات الاقتطاعات، من غير المرجح أن تنتهي الأضرار الناجمة عنها، والوفيات، في أي وقت قريب، إذ سيبلغ عدد الإصابات بالملاريا ذروته في نهاية موسم الأمطار، فيما قد تبرز التهديدات الناجمة عن الاقتطاعات الأميركية في تمويل اللقاحات العالمية في وقت لاحق من العام.

بموازاة ذلك، تستمر تداعيات الأزمة في الانتشار: فإلى جانب العمال المفصولين، أغلقت مراكز علاج سوء التغذية في نيجيريا.

ومع تعطل سلاسل التوريد، تواجه الأدوية خطر بقائها في مستودعات في مالي. ويقطع الأطفال أميالا للوصول إلى مراكز الرعاية في جنوب السودان المخصصة لعلاج الكوليرا ويموتون على الطريق. وتواجه مخيمات اللاجئين في كينيا نقصا في الأدوية.

وقال المستشار الفني الأول السابق لمبادرة الرئيس الأميركي لمكافحة الملاريا (بي إم آي) لورنس بارات إن "الأشخاص الذين لديهم موارد سيتمكنون من الحصول على أدوية... لكن أفقر الفقراء، في مناطق نائية من نيجيريا وأجزاء أخرى من إفريقيا جنوب الصحراء، هم من سينقطع عنهم هذا الدعم".

وأضاف "هؤلاء هم من سيموت أطفالهم".

- خلل في التوقعات -

خلال ذروة موسم الملاريا، كانت العيادات التي عمل لديها إبراهيم تعالج 300 مريض أسبوعيا حسبما أفاد. وقالت فاطمة كوندولي، وهي عاملة إغاثة أخرى فُصلت من عملها في بورنو، إن العيادة التي كانت تعمل لديها كانت تستقبل 60 طفلا يوميا لعلاج سوء التغذية ورعاية مرضى الملاريا قبل إغلاقها.

ومع تزايد هطول الأمطار الغزيرة في غرب إفريقيا، حيث بدأت للتو في نيجيريا بينما لن تتساقط في السنغال قبل أيار/مايو، ستُصبح دول أحرزت في بعض الحالات تقدما ملحوظا في القضاء على الملاريا في العقود الأخيرة عاجزة عن ذلك دون دعم مالي كبير.

وقالت المتخصصة في الأمراض المعدية في منظمة أطباء بلا حدود في فرنسا ساشفين سينغ، إن التوقعات التي وضعتها وزارات الصحة في أنحاء القارة للتخطيط لموسم الأمطار تعاني خللا كبيرا.

ويعني المزيج المعقد من مصادر التمويل في كل دولة، من حكومات محلية إلى منظمات غير ربحية دولية، أن البرامج الأميركية تعمل بشكل مختلف في كل دولة.

في مالي، لن تواجه أدوية الوقاية الكيميائية من الملاريا الموسمية المُقدمة للأولاد الصغار أي مشكلة في دخول البلاد، لكن التمويل الأميركي كان حاسما في تنسيق توزيعها، حسبما قالت سينغ لوكالة فرانس برس.

وفي جمهورية الكونغو الديموقراطية، كان برنامج "بي إم آي" لمكافحة الملاريا المدعوم من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، الجهة الرئيسية المُزودة لأدوية وفحوص الملاريا للمرافق الصحية الحكومية في تسع محافظات.

وقالت سينغ "فجأة لن تتوافر الأدوية، وسيكون من الصعب جدا على الجهات الفاعلة الأخرى التدخل"، مضيفة أن زملاءها في العمل "يبذلون قصارى جهدهم" لتحديد مواطن الخلل المحتملة.

- خفض علاجات الكوليرا -

في دولة جنوب السودان، أغلقت العيادات الممولة من وكالة التنمية وسط تفشي وباء الكوليرا. ويجتاز الأطفال ساعات سيرا على الأقدام للوصول إلى أقرب مركز علاج، وقد توفي خمسة منهم على الأقل في ولاية جونقلي شرقي البلاد، بحسب منظمة "سايف ذي تشلدرن" الخيرية البريطانية في وقت سابق من هذا الشهر.

في مخيم كاكوما للاجئين في كينيا المجاورة والذي يؤوي أكثر من 300 ألف شخص، اندلعت احتجاجات في آذار/مارس عندما أُعلن خفض الحصص الغذائية وبدأ الأطباء يواجهون نقصا في الأدوية.

وقال أحد سكان المخيم طالبا عدم الكشف عن هويته لوكالة فرانس برس خلال زيارة قامت بها أخيرا للمكان "في كل العيادات المحيطة يمكن الحصول على الباراسيتامول. أما الأدوية الأخرى، فلا".

وفي مستشفى كينكول العام في كينشاسا، كان الأطباء يعالجون 23 مريضا مصابا بـ فيروس إم-بوكس معزولين في خيام مجانا بفضل الدعم الأميركي.

لكنّ العاملين لا يعلمون ما إذا كان هذا التمويل سيستمر رغم تفشي المرض الذي أصاب 16 ألف شخص وأودى بـ 1600 آخرين.

وقالت عالمة الأوبئة في المركز إيفون والو "يبدو أن هناك كارثة تلوح في الأفق".

- ثغرة في تمويل لقاحات -

ومن المتوقع أن تتواصل الانتكاسات التي ستلحق بأنظمة الرعاية الصحية.

وتفيد تقارير بأن واشنطن تدرس سحب تمويلها لتحالف غافي، المنظمة التي توفر لقاحات لأفقر دول العالم.

وستكون التخفيضات شبه محسومة وقد أفادت الرئيسة التنفيذية لتحالف غافي سانيا نيشتار وكالة فرانس برس بأن "هذه ثغرة كبيرة لا يمكن سدّها".

وفي حال تأكيد ذلك، يتوقع مستشار التطعيم والاستجابة للأوبئة في منظمة أطباء بلا حدود جون جونسون أن تبدأ البرامج التعرض لضغوط في وقت لاحق هذا العام.

في ولاية بورنو التي حذر حاكمها أخيرا من عودة جماعة بوكو حرام الجهادية المتطرفة، قال كوندولي عامل الإغاثة المفصول إنه حتى مع التمويل الأميركي كان العمل "مرهقا" والآن "لا يسعني إلا أن أتخيل".









شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي