
موسكو - أطلقت القوات الروسية صواريخ ومسيّرات باتّجاه أوكرانيا في هجوم أودى بحياة شخص وألحق أضرارا بمستشفيين ليل الثلاثاء، بعد ساعات على موافقة موسكو على وقف موقت لاستهداف منشآت الطاقة خلال اتصال بين الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب.
وبينما أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأن منشآت مدنية تعرضت لقصف روسي خلال الليل، متّهما روسيا بالسعي لمواصلة الحرب، اعتبر الاتحاد الأوروبي أن ما طرحه بوتين مع ترامب يظهر بأن موسكو غير مستعدة لتقديم "تنازلات".
يؤكد ترامب منذ عودته الى رئاسة الولايات المتحدة في كانون الثاني/يناير، رغبته في وضع حد للحرب المتواصلة منذ أكثر من ثلاثة أعوام بين روسيا وأوكرانيا. ووافقت كييف في الآونة الأخيرة على مقترح واشنطن باعتماد هدنة شاملة تستمر 30 يوما.
وخلال اتصال مع ترامب استمر 90 دقيقة الثلاثاء، ربط بوتين الهدنة الشاملة بوقف المساعدات العسكرية الغربية لأوكرانيا وتشارك المعلومات الاستخبارية معها.
وشددت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد كايا كالاس على أنه أنه لا يمكن القبول بمطالب الكرملين وقف تسليح كييف. وقالت "لدى قراءة نصّي الاتصال، يتضح بأن روسيا لا ترغب حقا في تقديم أي نوع من التنازلات".
وبينما لم يقبل بوتين بمقترح الهدنة الأميركي، وافق على عدم استهداف منشآت الطاقة على فترة 30 يوما. وذكر الكرملين بأن بوتين أمر الجيش بوقف استهداف هذه المنشآت لمدة شهر.
من المقرر أيضا بأن تتبادل روسيا وأوكرانيا 175 سجينا من كل طرف الأربعاء "كبادرة حسن نية" على أن تجري المزيد من المحادثات فورا في الشرق الأوسط.
وغداة الاتصال، أعلنت كييف بأن القوات الروسية أطلقت ستة صواريخ وعشرات المسيرات باتّجاه أوكرانيا خلال الليل. وأفادت السلطات بأن الهجوم أسفر عن سقوط قتيل وألحق أضرارا بمستشفيين.
وأكد سلاح الجو الأوكراني أن دفاعاته الجوية أسقطت 72 من 145 مسيّرة.
وبينما رحّب زيلينسكي بمقترح الهدنة المرتبطة بالطاقة، إلا أنه طلب من واشنطن تقديم "تفاصيل" إضافية.
ودوت أصوات الانفجارات وصفارات الإنذار للتحذير من الغارات في أوكرانيا بعد ساعات على محادثة بوتين وترامب.
وقال زيلينسكي "وقعت ضربات، وتحديدا على منشآت مدنية" أحدها مستشفى في مدينة سومي في شمال البلاد.
وأضاف "هذا النوع من الهجمات الليلية من جانب روسيا هو الذي يدمّر قطاع الطاقة لدينا والبنى التحتية والحياة الطبيعية للأوكرانيين".
وتابع "اليوم، رفض بوتين فعليا مقترح وقف إطلاق النار الشامل".
وعبر الحدود، أفاد مسؤولون من جهاز الطوارئ الروسي بأن الشظايا الناجمة عن هجوم أوكراني بالمسيرات أشعلت حريقا في خزان للنفط في قرية كافكازسكايا.
واتّهم زيلينسكي روسيا بأنها "غير مستعدة لوضع حد لهذه الحرب"، وهو موقف أيده بعض سكان كييف.
وقال ليف شولودكو (32 عاما) "لا أصدّق بوتين إطلاقا. ولا كلمة واحدة منه. لا يفهم إلا لغة القوّة".
- "تفاصيل" -
دبابة أوكرانية على طريق في قرية دنيبروبيتروفسك بتاريخ 16 آذار/مارس 2025
وفي برلين، قال وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريس "رأينا أن الهجمات على بنى تحتية مدنية لم تتوقف على الإطلاق في الليلة الأولى بعد هذا الاتصال... بوتين يناور".
سعى ترامب الذي يشير إلى "تفاهم" بينه وبين بوتين، للإيفاء بتعهد خلال حملته للتوسط من أجل إنهاء الحرب.
وفاجأ العالم بإعلانه في شباط/فبراير بأنه بدأ محادثات مباشرة مع روسيا لوضع حد للنزاع، ما أثار مخاوف حلفاء بلاده من إمكانية رضوخه إلى مطالب موسكو.
ووصف الرئيس الأميركي اتصاله الأخير مع بوتين بـ"الجيّد والمثمر".
وأفاد لاحقا على منصته "تروث سوشال" "اتفقنا على وقف فوري لإطلاق النار على جميع منشآت الطاقة مع تفاهم بأننا سنعمل سريعا للتوصل إلى وقف كامل لإطلاق النار، للتوصل أخيرا إلى إنهاء هذه الحرب الفظيعة بين روسيا وأوكرانيا".
شنّت موسكو هجمات مدمّرة على منشآت الطاقة الأوكرانية خلال الحرب، بينما استخدمت أوكرانيا المسيرات لقصف عدة منشآت نفطية روسية.
أكدت موسكو أيضا بأن التوصل إلى هدنة أكثر شمولا يعتمد على تلبية مطالبها بـ"الوقف الكامل" للدعم العسكري والاستخباراتي للجيش الأوكراني.
شدد بيان للكرملين أيضا على أنه لا يمكن لكييف إعادة التسلح أو التعبئة خلال أي وقف لإطلاق النار.
وفي مقابلة تلفزيونية بعد اتصال بوتين وترامب، قال المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف إن محادثات وقف إطلاق النار ستستأنف الأحد في جدة.
وأقر بوجود "تفاصيل" عالقة ينبغي حلها، بما في ذلك المفاوضات على وقف إطلاق نار بحري في البحر الأسود تليه هدنة شاملة في نهاية المطاف.
- "اعتمدوا علينا" -
وأفاد ترامب شبكة "فوكس نيوز" بأن الضغط على بوتين من أجل وقف شامل لإطلاق النار سيكون أمرا صعبا نظرا إلى أن "روسيا في موقع قوة".
ومنذ سيطرتها على القرم في 2014 وإطلاق غزوها الشامل لأوكرانيا في شباط/فبراير 2022، باتت موسكو تحتل قرابة خُمس مساحة أوكرانيا.
وأوضحت واشنطن بأنه سيتعين على كييف على الأرجح التخلي على أراض في أي اتفاق، فيما تخشى الدول الأوروبية من أن يُجبر ترامب أوكرانيا على التوقيع على اتفاق غير منصف.
وراقب الحلفاء الغربيون الوضع بقلق مع تخلي ترامب ترامب عن سياسة الولايات المتحدة الداعمة لأوكرانيا والقائمة منذ سنوات. ولعل موقف ترامب تجلى علنا عندما دخل في سجال علني مع زيلينسكي في المكتب البيضوي.
في الأثناء، تعمل الحكومتان الفرنسية والبريطانية على تشكل "تحالف الدول الراغبة" لحماية أي وقف لإطلاق النار.
وتعهّد المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد بيان الكرملين بأن البلدين سيواصلان إرسال المساعدات العسكرية لأوكرانيا.
وقال شولتس "يمكن لأوكرانيا الاعتماد علينا".
لكن الجنود الأوكرانيين على خط الجبهة يشككون في إمكانية تحقيق السلام قريبا.
وقال أولكسندر (35 عاما) الذي عاد إلى التدريب العسكري في منطقة دونيتسك بعدما أصيب في المعارك "كيف يمكنك الوثوق بأشخاص يهاجمونك ويقتلون المدنيين، بما في ذلك الأطفال؟".