
واشنطن - باشرت الولايات المتحدة هذا الأسبوع حربا تجارية متوقعة مع شركائها، مثيرة استنكارا ومخاوف بشأن مستقبل التجارة الدولية.
في ما يأتي عرض للوضع الراهن على هذا الصعيد.
- حرب معلنة مع الصين -
فرضت الولايات المتحدة اعتبارا من الثلاثاء زيادة بنسبة 10% في الرسوم الجمركية على مجمل المنتجات المستوردة من الصين. وردت بكين برسوم جمركية بنسبة 15% على الفحم والغاز الطبيعي المسال الأميركيين و10% على النفط الأميركي وكذلك الآليات الزراعية والمركبات وغيرها.
وأورد مصرف غولدمان ساكس أنه في الوقت الحاضر "تبقى تدابير الرد (الصينية) أدنى بكثير نسبيا"، أذ تطال الرسوم الجمركية الصينية 14 مليار دولار من المنتجات الأميركية، في مقابل 525 مليار دولار من البضائع الصينية المشمولة بالرسوم الجمركية الأميركية.
وأضاف "لكن تركيبة التدابير المضادة توحي بمقاربة أكثر تنسيقا" من جانب الصين التي شددت في الوقت نفسه قيودها على تصدير المعادن الأساسية وفتحت تحقيقا في حق عملاق التكنولوجيا الأميركي غوغل بموجب قوانين مكافحة الاحتكار.
وعلى ضوء هذه التدابير والتدابير المقابلة، يبدأ التفاوض والمزايدات بين القوتين الاقتصاديتين الأوليين في العالم. وقال ترامب الإثنين إنه قد يجري اتصالا وشيكا مع نظيره الصيني شي جينبينغ، غير أنه عاد وأوضح أنه ليس "في عجلة" من أمره للتحدث إليه.
- المكسيك وكندا: مهادنة -
ما أن فرضت التدابير الأميركية على المكسيك وكندا، علق مفعولها على الفور. وسيعاد درسها بعد شهر من الآن إثر تعهدات على صعيد مكافحة الاتجار بالمخدرات والهجرة غير النظامية.
وكانت كندا مستعدة للرد بعدما استهدفها ترامب في ولايته الأولى أيضا. وتخلت مقاطعة اونتاريو، قلب البلاد الاقتصادي، عن منع الشركات الأميركية من المشاركة في العقود العامة وعن إلغاء عقد مع ستارلينك، شركة الملياردير إيلون ماسك حليف الرئيس الأميركي و مساعده المقرب.
- أوروبا إلى المواجهة -
ويبدو أن ترامب يصوب على أوروبا أيضا إذ أكد الرئيس الأميركي الأحد أنه سيتخذ "قريبا جدا" قرارا بشأن الاتحاد الأوروبي.
وتعد بروكسل منذ أشهر سيناريوهات مختلفة لضمان جاهزية الاتحاد الأوروبي للمواجهة في حال حصول نزاع.
ومن أكثر القطاعات عرضة للتدابير الأميركية، صناعة السيارات والآليات والتعدين. فخلال ولايته الأولى بين العامين 2017 و2021 فرض ترامب رسوما جمركية على صادرات الفولاذ والالمنيوم الأوروبية ما استدعى تدابير رد من الاتحاد الأوروبي.
وبحسب مصرف غولدمان ساكس، قد تفرض رسوم جمركية على حوالى 40 % من الصادرات الأوروبية إلى الولايات المتحدة، ما قد يشكل حوالى 1 % من إجمالي الناتج المحلي الأوروبي.
وحذرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين الثلاثاء "نحن مستعدون لمفاوضات صعبة في حال الضرورة" داعية إلى "اتخاذ قرارات بعيدا عن الانفعال أو الحنين إلى عالم ولى".
- الشركات في تعبئة عامة -
وقد تعاني الشركات من تأثير الرسوم الجمركية بشكل متفاوت. وقالت مجموعة ماتيل صانعة دمى باربي على سبيل المثال الثلاثاء إنها قد تعدل في أسعارها إذ ان بعض مكونات ألعابها مصدرها الصين.
أما بالنسبة للشركات الأجنبية المصدرة إلى الولايات المتحدة فقد تحرمها الرسوم الجمركية من سوق كبيرة. وقد يضطر بعضها إلى نقل مصانع لها إلى الولايات المتحدة ولا سيما لشركات صناعة السيارات الأوروبية التي لها مواقع تصنيع في المكسيك.
وعموما يطغى جو من عدم اليقين على القرارات الاستراتيجية للمجموعات.
وتقول آنا بواتا خبيرة الاقتصاد لدى شركة "اليانز ترايد"، للتأمين والائتمان لوكالة فرانس برس "هذه حلقة مفرغة، حتى لو لم تفرض رسوم جمركية هناك خسارة في القدرات إذ ان الشركات لا تستثمر" في حالة عدم اليقين.
- العولمة إلى الواجهة -
وتطرح موجة الحمائية التي باشرها دونالد ترامب واستراتيجيته الهادفة إلى تفضيل المفاوضات الثنائية، مرة جديدة أسئلة حول حدود العولمة التي تأثرت كثيرا بجائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا.
يضاف إلى ذلك أن الآلية التي يفترض ان تسمح بتسوية الخلافات بطريقة سلمية في منظمة التجارة العالمية مشلولة منذ سنوات... بسبب الولايات المتحدة.
لكن لا داعي للذعر في الوقت الراهن. وأكد باسكال لامي رئيس منظمة التجارة العالمية لوكالة فرانس برس قبل فترة قصيرة "التجارة العالمية إذا ما قسناها بالحجم، تستمر بالنمو. العولمة تشهد تحولا وسرعتها تتباطأ، لكنها لا تتراجع".
وترى آنا بواتا "هذا نظام جديد على الضعيف فيه أن يتفاوض سواء كرد أو بشكل استباقي".