بدأ البيلاروسيون الأحد 26يناير2025، التصويت في انتخابات رئاسية نتيجتها شبه محسومة لصالح ألكسندر لوكاشنكو الذي يتولى السلطة منذ العام 1994، في ظل غياب معارضة قمعت خلال حكمه.
فتحت مراكز الاقتراع عند الساعة 08:00 بالتوقيت المحلي (05,00 ت غ)، في أول انتخابات رئاسية في مينسك منذ قمع لوكاشنكو الاحتجاجات الحاشدة ضد حكمه في العام 2020. ومذاك، سمح الرئيس البيلاروسي لموسكو باستخدام أراضي بلاده لغزو أوكرانيا عام 2022.
ووصف الاتحاد الأوروبي ومنتقدو لوكاشنكو والمنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان هذه الانتخابات بأنها شكلية.
والأحد، قالت زعيمة المعارضة البيلاروسية المنفية سفيتلانا تيخانوفسكايا في وارسو إن "ما يحدث في بيلاروس مهزلة" ووصفت لوكاشنكو بأنه "مجرم استولى على السلطة" ودعت إلى إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين وإجراء انتخابات حرة.
ومع هذه الانتخابات، يعتزم لوكاشنكو البالغ 70 عاما مواصلة حكمه لمدة خمس سنوات على الأقل على رأس هذه الجمهورية السوفياتية السابقة المتاخمة للاتحاد الأوروبي وأوكرانيا وروسيا.
في مينسك، قالت ناديجدا غوجالوفسكايا (74 عاما) التي تصف نفسها بأنها "وطنية"، إنها أتت للتصويت "للمرة الأولى منذ 20 عاما".
ومثل العديد من الناخبين، صوّتت لصالح ألكسندر لوكاشنكو. وقالت "لا أريد ميدانا (انتفاضة) هنا"، في إشارة إلى الثورة المؤيدة للديموقراطية التي اندلعت عام 2014 في كييف.
وأضافت "قد لا يكون كل شيء مثاليا لأننا لسنا في دولة ديموقراطية" متطرّقة إلى موضوع يعد من المحرمات في سياق قمعي للأصوات المنتقدة للسلطة.
- السلام في البلاد" -
من جهتها، اعتبرت إيرينا ليبيديفا (68 عاما) أنه "بفضل رئيسنا، يعم السلام في البلاد"، وهو تصريح كرره البيلاروسيون الذين التقتهم وكالة فرانس برس في الأيام الأخيرة.
أما في بروكسل، فقالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس السبت إن لوكاشنكو "لا يتمتع بأي شرعية"، واصفة الانتخابات بأنها "مهزلة" و"إهانة للديموقراطية".
من جهته، حذّر لوكاشنكو خصومه الجمعة قائلا "لن نكرر أبدا ما حدث في 2020!" عندما نزل عشرات الآلاف من البيلاروسيين إلى الشوارع للتنديد بانتخابات رئاسية مزورة.
وبدعم من حليفه الروسي فلاديمير بوتين، تمكن لوكاشنكو من تعزيز سلطته عبر الاعتقالات والعنف والأحكام الطويلة بالسجن التي استهدفت معارضين وصحافيين وموظفين في منظمات غير حكومية ومتظاهرين.
وتفيد الأمم المتحدة بأن أكثر من 300 ألف بيلاروسي، من أصل تسعة ملايين نسمة، فروا من بلادهم لأسباب سياسية، خصوصا إلى بولندا.
وفي مواجهة هذا القمع، فرض الغرب عقوبات شديدة على بيلاروس، ما دفع ألكسندر لوكاشنكو إلى تسريع تقاربه مع الكرملين والتخلي عن التوازن الذي كان يحافظ عليه في علاقته مع موسكو والغرب.
ونتيجة هذا التقارب، أصبحت الأراضي البيلاروسية بمثابة قاعدة خلفية لقوات فلاديمير بوتين في شباط/فبراير 2022 لغزو أوكرانيا. ونشرت موسكو أسلحة نووية تكتيكية هناك في صيف 2023، وهو ما يمثل تهديدا لكييف ولأعضاء حلف شمال الأطلسي (ناتو) الذين يتشاركون حدودا مع بيلاروس.
لكن لوكاشنكو قدّم نفسه على أنه حصن ضد فوضى الحرب في أوكرانيا، مؤكدا أن بلاده "لا تريد المشاركة في القتال".
- سجناء سياسيون -
واحتفظت بيلاروس في عهد لوكاشنكو، الملقّب ب"آخر دكتاتور في أوروبا"، بالكثير من تقاليد الاتحاد السوفياتي وبنيته التحتية.
وعلى عكس روسيا، احتفظ جهاز الاستخبارات السوفياتي (كي جي بي) باسمه، فيما لا تزال بيلاروس تطبق عقوبة الإعدام.
أما اقتصاد البلاد فهو خاضع لسيطرة الدولة، وقد غيّر لوكاشنكو علم بيلاروس في التسعينات الذي أصبح منذ ذلك الحين رمزا للمعارضة.
وتقدر منظمات حقوق الإنسان أن في البلاد أكثر من 1200 سجين سياسي.
والأحد، قال لوكاشنكو إنه يمكن إطلاق سراح السجناء السياسيين إذا طلبوا العفو، لكنه استبعد في الوقت نفسه حوارا مع المعارضين المنفيين.
وقال لصحافيين بعد الإدلاء بصوته في الانتخابات "لدينا ديموقراطية راسخة في بيلاروس (...) نحن لا نضغط على أحد ولن نسكت أحدا" وأضاف أن المنتقدين المسجونين يجب أن يطلبوا العفو موضحا "إذا لم تطلب عفوا، فهذا يعني أنك على ما يرام. عليك أن تطلب ذلك".