باريس- يستقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء 22يناير2025، المستشار الألماني أولاف شولتس في قصر الإليزيه في لقاء اشبه بوداع قبل شهر من الانتخابات التشريعية الألمانية، واضعا نصب عينيه منذ الآن اسم خلفه المرجح في برلين والأمل في إقامة علاقة واعدة أكثر معه.
وبعد الإدلاء بتصريحات صحافية في الساعة 13,15 (12,15 ت غ)، يلتقي ماكرون وشولتس حول مائدة غداء في أحد آخر لقاءاتهما الثنائية قبل انتخابات 23 شباط/فبراير التي يرجح أن يفوز فيها زعيم المعارضة المسيحي الديموقراطي فريدريش ميرتس.
وستتصدر مسألتا أوروبا وأوكرانيا المحادثات، بعد يومين على عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، مع احتمال إعادة صياغة العلاقات عبر الأطلسي.
وأفاد قصر الإليزيه الثلاثاء أن ماكرون وشولتس "سيشددان على أهمية العمل الفرنسي الألماني لتعزيز أوروبا موحدة وقوية وسيدة، متمسكة بالعلاقة الأطلسية غير أنها تعرف كيف تؤكد مصالحها الخاصة وقيمها وتدافع عنها".
وسيجري بحث الضمانات الأمنية الواجب تقديمها لأوكرانيا، في وقت وعد الرئيس الأميركي الجديد بإحلال السلام في أسرع وقت ممكن بين كييف وموسكو، من غير أن يوضح طريقة تحقيق ذلك.
ويصادف الاجتماع في الذكرى الـ62 لـ"معاهدة الإليزيه" الموقعة في 1963 والتي أرست المصالحة بين البلدين بعد الحرب العالمية الثانية.
وعلق هانس شتارك، المستشار حول العلاقات الفرنسية الألمانية في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، "ستكون زيارة مجاملة".
- "مباشرة العمل" -
وأوضح بعد ثلاث سنوات على وصول المستشار الاشتراكي الديموقراطي إلى السلطة، أنه خلافا لما كانت عليه الحال في العقود الماضية "لم يكن هناك +زوج فرنسي ألماني+ في عهد ماكرون وشولتس. كنا على خلاف حول كل المواضيع الكبرى تقريبا".
وباتت أنظار باريس متجهة إلى ميرتس الذي أقام قصر الإليزيه اتصالات معه على غرار ما يحصل عادة بين الشركاء في الاتحاد الأوروبي.
وفي الكواليس، تراهن الدبلوماسية الفرنسية على علاقة مع ميرتس أقل صعوبة منها مع شولتس ولو أن العاصمتين واصلتا العمل معا بشكل وثيق في السنوات الماضية حول جميع المواضيع الأوروبية الكبرى.
وقال مستشار حكومي في باريس أن "على الزوج الفرنسي الألماني أن يتقارب من جديد بقوة وبسرعة كبيرتين. لن تتمكن أوروبا من الصمود بدون زوج فرنسي ألماني قوي".
وأعلن المرشح المحافظ الثلاثاء خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس أنه "قريب جدا" من الرئيس الفرنسي، مؤكدا أنه يلتقيه "بانتظام".
غير أن الحذر يسود رغم الترقب. وقالت إيلين ميار دولاكروا خبيرة ألمانيا في جامعة السوربون إن "هذا سيريح الجميع قليلا، رغم أن ميترس ليس سهلا هو أيضا وأن الوضع لن يتغير بصورة جذرية معه".
وأوضحت "حين يتعنت شولتس، يبدي ذلك بعدم قول أي شيء. أما ميرتس، فإن تعنّت، سوف نسمع صوته. إنه سريع الغضب قليلا".
وتأمل الحكومة الفرنسية في حال تولي ميرتس المستشارية، بإحراز تقدم أخيرا حول المواضيع الخلافية.
وقال الوزير الفرنسي للشؤون الأوروبية بنجامان حداد ردا على أسئلة فرانس برس "أود أن نباشر العمل"، ذاكرا من بين المواضيع المطروحة تعزيز التنافسية والاستثمار في أوروبا والدفاع الأوروبي.
- "مواقف وتصريحات طنانة" -
وثمة إجماع على أن الطرفين ارتكبا أخطاء كل من جانبه، قادت إلى هذه البرودة بين ماكرون وشولتس، وهما يختلفان حتى من حيث الأطباع، إذ يحرص الفرنسي على شغل الساحة فيما الألماني قليل الكلام.
وصل شولتس، وزير المال السابق في عهد أنغيلا ميركل، إلى السلطة برؤية متباينة حيال فرنسا والعجز المتكرر في ميزانيتها.
وقال شتارك "لم يكن شولتس يوما الشريك الذي تحلم به فرنسا في المسائل الأوروبية والدفاع والأمن".
فالخلافات كثيرة، سواء حول مشروع الدرع الصاروخية الأوروبية أو تسليم أوكرانيا صواريخ بعيدة المدى أو إنجاز اتفاق التبادل الحر بين الاتحاد الأوروبي ودول ميركوسور، وهو اتفاق دعت إليه برلين خلافا لرأي باريس.
كما أن ماكرون الذي يطرح نفسه في مواقف كثيرة في موقع الزعيم للاتحاد الأوروبي، يثير الكثير من عدم الفهم في المانيا.
وقالت إيلين ميار دولاكروا إن "سلوكه، تصرفاته، أسلوبه في إطلاق مواقف وتصريحات طنانة وافتعال الفرص، كل هذا يتعارض تماما مع أطباع شولتس".
ولفت شتارك إلى أن "بعض قراراته، ومنها حل الجمعية الوطنية، لم تُفهم، كما لم يفهم عدم اكتراث فرنسا لمعايير التقارب" في منطقة اليورو.
وأضاف أن ماكرون يبدو لألمانيا "رئيسا ضعُف كثيرا ومعزولا".