نجامينا - شنّت مجموعة من 24 مسلّحا مساء الأربعاء 8يناير2025، هجوما على القصر الرئاسي في نجامينا حيث دارت اشتباكات بينهم وبين القوات التشادية انتهت بسقوط قتيل واحد في صفوف الأمن الرئاسي والقضاء على معظم المهاجمين الذين اعتبرتهم الحكومة "زمرة مجرمين خُرقِِ ومخمورين ومخدّرين".
وقال وزير الخارجية المتحدّث باسم الحكومة عبد الرحمن كلام الله في مقطع فيديو بثّ مباشرة على الهواء عبر فيسبوك إنّ "الوضع تحت السيطرة بالكامل. (...) لقد تمّ القضاء على محاولة زعزعة الاستقرار هذه برمّتها".
ولاحقا أوضح الوزير لوكالة فرانس برس أنّ المجموعة التي هاجمت القصر الرئاسي تألّفت من "24 شخصا" سقطوا جميعا بين قتيل وجريح، مشيرا إلى أنّه في صفوف المهاجمين الحصيلة هي "18 قتيلا وستة جرحى".
وأضاف أنّ الحصيلة في صفوف الأمن الرئاسي الذي أحبط الهجوم هي "قتيل واحد وثلاثة جرحى اثنان منهم إصابتهما خطرة".
وسمع مراسلو فرانس برس في الأحياء القريبة من القصر الرئاسي دوي إطلاق نار كثيف اعتبارا من الساعة 19,45 (18,45 ت غ) استمر زهاء ساعة.
وفي رسالته الرامية إلى طمأنة المواطنين، لم يكشف الوزير الذي تحدث مع سلاح على خصره ومحاطا بجنود من القصر الرئاسي مزيدا من التفاصيل حول منفّذي الهجوم.
- ليسوا إرهابيين -
وسرعان ما سرت شائعات مفادها أنّ المهاجمين ينتمون إلى جماعة بوكو حرام الجهادية التي تقاتلها قوات الأمن التشادية في منطقة بحيرة تشاد (غرب) المتاخمة لكل من الكاميرون ونيجيريا والنيجر.
غير أنّ الوزير نفسه عاد ونفى عبر التلفزيون الرسمي هذه الشائعات، بقوله إنّ الهجوم "لم يكن على الأرجح إرهابيا".
وأضاف كلام الله أنّ المهاجمين هم "زمرة مجرمين خُرقِِ ومخمورين ومخدّرين" أتوا بملابس مدنيّة من حيّ فقير في جنوب العاصمة حاملين "أسلحة وسواطير وسكاكين".
وأوضح الوزير أنّ المهاجمين ترجّلوا من شاحنة مقطورة أمام القصر الرئاسي وطعنوا بالسكاكين الحراس الأربعة الذين كانوا يحرسون المبنى، مشيرا إلى أنّ حالة اثنين من هؤلاء الجرحى خطرة.
وبحسب رواية وزير الخارجية فقد عمد المهاجمون بعد أن طعنوا الحرّاس إلى دخول القصر الرئاسي حيث أطلق عنصر في الحرس الرئاسي النار لتحذير رفاقه، مؤكّدا أنّ المهاجمين "تمّ التغلّب عليهم بسهولة شديدة".
ولفت كلام الله إلى أنّ المهاجمين كانوا يحملون معهم زجاجات صغيرة "مليئة بالكحول" مثل الويسكي، وأنّ من بقي منهم على قيد الحياة، وهم ستة جرحى، كانوا "بالكامل تحدت تأثير المخدّرات".
وبعد أن أفادت مصادر أمنية عديدة في بادئ الأمر بأنّ أفراد الوحدة المهاجمة كانوا مدجّجين بالأسلحة، أكّد الوزير أنّ المهاجمين "لم تكن بحوزتهم أيّ أسلحة حربية".
وأضاف أنّ الهجوم كان في نهاية المطاف "يائسا تماما" و"غير مفهوم بتاتا" وغير مدفوع بأيّ دوافع "خطرة".
وفي محاولة إضافة منه لطمأنة أبناء بلده الذي اعتاد في تاريخه الحديث على الانقلابات والمحاولات الانقلابات والهجمات الجهادية والمتمردة، شدّد كلام الله على أنّه "لا يوجد حاليا أيّ تهديد للبلاد ومؤسّساتها".
وفي تصريحه لفرانس برس، أكّد وزير الخارجية أنّ رئيس الجمهورية محمد إدريس ديبي إتنو كان في القصر الرئاسي وقت الهجوم، من دون مزيد من التفاصيل.
ووقع الهجوم بعد ساعات قليلة على زيارة قام بها وزير الخارجية الصيني وانغ يي إلى نجامينا حيث أجرى لقاءات مع قادة البلاد وفي مقدّمهم رئيس الجمهورية الذي استقبله في القصر الرئاسي.
- عملية ضد الجهاديين -
وبعيد بدء الهجوم أغلقت قوات الأمن كلّ الطرق المؤدية إلى الرئاسة أمام حركة المرور، كما انتشرت دبّابات في الشوارع، بما في ذلك واحدة أمام مركز الشرطة المركزي،
ونشرت الشرطة عناصر مسلّحين عند نواصي الشوارع.
وفي هذه الأحياء الواقعة وسط العاصمة، بدا القلق واضحا على الناس الذين سارعوا إلى ركوب سياراتهم أو دراجاتهم النارية والعودة إلى منازلهم.
وكانت تشاد أعلنت بشكل مفاجئ في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر فسخ الاتفاقات العسكرية والأمنية المبرمة بينها وبين فرنسا، في خطوة مثّلت نهاية التعاون العسكري بين البلدين والذي استمر 60 عاما أي منذ انتهاء الاستعمار الفرنسي.
وقبل شهر تقريبا غادرت تشاد كل الطائرات المقاتلة الفرنسية المتمركزة في هذا البلد منذ عقود وذلك في أعقاب قرار نجامينا فسخ تلك الاتفاقيات.
وظلّت طائرات قتالية فرنسية متمركزة في تشاد تقريبا بلا انقطاع منذ استقلال البلد في العام 1960 بهدف تدريب العسكريين التشاديين وتوفير دعم جوّي سمح في أكثر من مرّة بالتصدّي لتقدّم المتمرّدين الطامعين في الاستيلاء على السلطة.
وفي نهاية الشهر الماضي ردّت باريس إلى نجامينا قاعدة فايا العسكرية الفرنسية.
وكانت فرنسا تنشر حوالى ألف جندي في تشاد في ثلاث قواعد عسكرية في سياق خطّة كان من المفترض أن تفضي إلى تخفيض عدد الجنود الفرنسيين إثر إعادة هيكلة الانتشار الفرنسي العسكري في السنغال وساحل العاج وتشاد.
وتشاد، وهي بلد صحراوي كان محورا أساسيا للانتشار الفرنسي في إفريقيا، تشكّل آخر نقطة تمركز في منطقة الساحل لباريس التي فوجئت بقرار فسخ الاتفاقات الأمنية والدفاعية الثنائية.
وفي أواخر تشرين الأول/أكتوبر، أسفر هجوم شنّته جماعة بوكو حرام الجهادية على قاعدة عسكرية تشادية في منطقة بحيرة تشاد عن مقتل 15 ضابطا، وفقا للسلطات التشادية.
وردّا على هذا الهجوم، أطلق الرئيس ديبي "شخصيا" عملية ضد الجهاديين أطلق عليها اسم "حسكانيت" وقادها من مقاطعة بحيرة تشاد لمدة أسبوعين في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر.