على مقربة من أحد أكثر الشوارع ازدحاما في ضواحي أثينا، ينكبّ عمال زراعيون بنشاط كبير لجمع حبّات الزيتون المتساقطة على الأرصفة من مئات الأشجار، ما يجعل سائقي السيارات يتوقفون للتمتع بالمشهد.
قررت بلدية غليفادا، إحدى الضواحي الساحلية للعاصمة اليونانية، أن تنتج الزيت من مئات أشجار الزيتون التي تنتشر في شوارعها، ثم توزيعه على الفئات المحتاجة.
في حديث إلى وكالة فرانس برس، يقول ستافروس ياكوماكيس، نائب رئيس البلدية المسؤول عن المساحات الخضراء والذي يشرف على المشروع منذ إطلاقه عام 2014 "هنا ننتج زيت زيتون جيدا (...) كبقية المناطق في اليونان".
ويضيف الرجل البالغ 70 عاما أن "أرضنا خصبة وكل ما نزرعه ينبت".
وإلى جانب غليفادا التي تضم 90 ألف نسمة، أطلقت ضواح عدة أخرى في أثينا مبادرات مماثلة، كمدينة باتراس في بيلوبونيز، وثيسالونيكي التي تشكل ثاني أكبر مدينة في البلاد.
في نداء إلى المتطوعين مطلع تشرين الثاني/نوفمبر، تقول بلدية أليموس في ضاحية أثينا "بالإضافة إلى الحد من خسارة الثمار الثمينة، تحافظ هذه المبادرة على أشجار الزيتون وتمنع المشاة" من الانزلاق على الأرصفة.
يتراوح سعر لتر زيت الزيتون، وهو مكوّن أساسي في النظام الغذائي لمنطقة البحر الأبيض المتوسط منذ قرون، بين 9 و18 يورو (بين 9,52 و19 دولارا) في المتاجر اليونانية.
- "ما كان أحد يجمعها" -
ويتم التبرع بمحصول غليفادا الذي بلغ نحو طن من الزيتون هذا العام، وهو ما يكفي لإنتاج 150 لترا من الزيت، إلى جمعيات تساعد الأشخاص المحتاجين.
ويقول ياكوماكيس "إذا أقدمت البلديات كلّها على الخطوة نفسها، فستحصل الأسر الفقيرة على ما يكفيها من زيت الزيتون لسنة كاملة".
وتؤكد إيليني باباخريستوبولو التي تقطن الحي منذ سبعينات القرن العشرين، أن الأشجار الموجودة في شارعها زُرعت قبل أكثر من 50 عاما.
وتقول "لسنوات كثيرة، كان الزيتون يسقط على الأرض ولا أحد يجمعه".
تُعدّ اليونان، إلى جانب إسبانيا وإيطاليا، منتجا رئيسيا لزيت الزيتون في الاتحاد الأوروبي.
وتتمتع بأعلى معدّل استهلاك سنوي للفرد بين الدول السبعة والعشرين، إذ يبلغ نحو 12 كيلوغراما للشخص الواحد، بحسب بيانات الاتحاد الأوروبي.
وللزيت المنتج من زيتون غليفادا طعم لاذع ويلسع الحلق، وهما مؤشران إلى أنه صاف.
لكنّ الخبراء يقولون إن المنتجات المزروعة في المُدن ينبغي إخضاعها لاختبارات معيّنة بهدف التأكد من عدم احتوائها على مواد كيميائية مضرة.
- خطر الهيدروكربونات -
وترى مجموعة "ذي ساينتفيك سوسايتي أوف أوليف انسيكلوبيديستس" (4E) المؤلفة من خبراء، أنّ زيت الزيتون "المُدُني" مليء بالملوثات التي تمثل مواد كيميائية خطرة إذا كانت نسبتها عالية".
وتشكل الهيدروكربونات العطرية الزيتية (MOAH) مصدر قلق كبير لأنها، بحسب هيئة سلامة الأغذية الأوروبية، ترفع خطر الإصابة بالسرطان.
ويوضح العضو في مجموعة 4E كونستانتينوس ديموبولوس، أن "أشجار الزيتون في المناطق التي يتلوث فيها الغلاف الجوي بغازات العوادم قد تحتوي ثمارها، وبالتالي زيتها، على كمية متزايدة من الهيدروكربونات العطرية الزيتية".
ويؤكد أن "زيت الزيتون غير المرفق بملصق قد لا يحتوي على التركيبة المطلوبة، وهذا ناجم ربما عن جهل".
ويقول لوكالة فرانس برس "لا أتناول زيت زيتون لم يخضع للتحاليل اللازمة، حتى لو كان من صديق".
وتعرب مجموعة 4E عن أسفها لأن البلديات "تتجاهل" المخاطر، ولأنّ فحص زيت الزيتون المتأتي من أشجار الشوارع يركز عموما على الحموضة وخصائص الطعم الأخرى.
وتشير إلى أن الاختبارات الإضافية اللازمة للكشف عن احتمال وجود الهيدروكربونات يُفترض أن تجري في مختبرات أكثر "تخصصا" وأعلى كلفة.
وفي المختبر الكيميائي الحكومي اليوناني، تبلغ كلفة اختبارات الحموضة 20 يورو (21,15 دولارا)، بينما تتراوح كلفة اختبارات الهيدروكربونات العطرية بين 150 و180 يورو (بين 158,59 و190,31 دولارا).