تعلو رافعات عملاقة فوق الميناء الضخم المشيد حديثا في شانكاي إلى شمال ليما، كاشفة عن حجم المنشأة الممولة من الصين والتي من شأنها أن تعزز نفوذ الدولة الآسيوية العملاقة في أميركا الجنوبية.
وأعلن غونزالو ريوس المدير العام المساعد لشركة "كوسكو شيبينغ بورتس"، فرع عملاق النقل الصيني كوسكو شيببينغ، خلال زيارة للموقع مؤخرا، إن المرفأ "يكاد يكون جاهزا".
وفي مؤشر إلى أهمية المشروع الذي تملك الشركة الصينية 60% منه، سيقوم الرئيس الصيني شي جينبينغ شخصيا بتدشين الموقع الخميس على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول أسيا والمحيط الهادئ في ليما.
وسيكون ميناء شانكاي الواقع على مسافة حوالى 80 كلم من عاصمة البيرو، أول ميناء صيني في أميركا الجنوبية، وسيتألف في مرحلة أولى من أربعة أرصفة أقيمت لقاء استثمار قدره 1,3 مليار دولار، على أن يضم في شكله النهائي 15 رصيفا باستثمار إجمالي قدره 3,5 مليار دولار.
وسيكون بإمكان الميناء المقام في المياه العميقة (حوالى 18 مترا) والذي بدأ إنشاؤه في 2021، استقبال أكبر حاملات الحاويات في العالم البالغة سعتها 24 ألف حاوية.
وأوضح غونزالو ريوس لوكالة فرانس برس أنه "مع مساهمة المرفأ، قد تصبح هذه المنطقة من المحيط الهادئ والبيرو تحديدا المركز اللوجستي الأساسي في منطقة أميركا الجنوبية على صعيد التجارة".
- "طرق الحرير الجديدة" -
ويندرج الميناء ضمن مبادرة "طرق الحرير الجديدة" التي أطلقتها الصين عام 2013 والقاضية بتشييد بنى تحتية وتطوير شبكات الملاحة والطرق والسكك الحديد ولا سيما في الدول النامية، بهدف ربط آسيا وأوروبا وإفريقيا بالصين.
وانضمت دول عديدة من أميركا الجنوبية هي البيرو والأرجنتين وتشيلي وبوليفيا والإكوادور وفنزويلا، إلى هذه المبادرة المعروفة رسميا باسم "الحزام والطريق" والتي تشكل محور إستراتيجية الرئيس الصيني شي جينبينغ لنشر نفوذ الصين في الخارج.
وتم اختيار مدينة شانكاي الصغيرة البالغ عدد سكانها حوالى 57 ألف نسمة لموقعها الإستراتيجي في وسط أميركا الجنوبية.
ومن المتوقع أن تمر مليون حاوية عبر المرفأ خلال السنة الأولى من تشغيله، بحسب تقديرات كوسكو شبيبينغ بورتس التي تملك امتيازا لمدة ثلاثين عاما لتشغيلع، على أن تبلغ مساحته عند اكتمال بنائه 141 هكتارا.
وتستورد البيرو من الصين سلعا استهلاكية وتصدر لها المواد الأولية والمعادن. وتسيطر الدولة الآسيوية على ثلث شركات التعدين في البلد.
ووصل حجم المبادلات التجارية بين البيرو وشريكها الآسيوي إلى حوالى 36 مليار دولار عام 2023 بحسب ليما، مستفيدة من اتفاق تبادل حر أبرمه البلدان عام 2010.
- "سنغافورة أميركا اللاتينية" -
وقال وزير النقل في البيرو راوول بيريز للصحافيين خلال تفقد الموقع "هدفنا هو أن نصبح سنغافورة أميركا اللاتينية".
وأوضح "ستكون لنا طرق مباشرة إلى آسيا، وتحديدا إلى الصين، ما سيقتطع عشرة أيام أو 15 أو حتى 20 يوما، بحسب الطريق، مما ننجزه اليوم" في 35 أو 40 يوما.
وشددت شركة كوسكو شيبينغ بورتس على أن المرفأ الجديد سيخفض كلفة النقل من المنطقة وإليها ولا سيما بالنسبة إلى البيرو وتشيلي وكولومبيا والإكوادور التي لن تعود ملزمة بالمرور عبر مرافئ المكسيك والولايات المتحدة لإتمام مبادلاتها مع آسيا.
وأكد أوسكار فيدارتي أستاذ العلاقات الدولية في جامعة البيرو الكاثوليكية أن المرفأ "سيسمح للصين بالتموقع في هذه المنطقة من العالم".
من جانبه، لفت المحلل وأستاذ القانون الدولي فرانسيسكو بيلاوندي إلى أن "المرفأ الضخم يندرج في سياق الصراع على النفوذ الجيوسياسي في المنطقة. شانكاي تعطي الصين ميزة على الولايات المتحدة".
وسيتم ربط المرفأ بالطريق السريع الأميركي الذي يعبر البيرو من الشمال إلى الجنوب، بواسطة نفق طوله 1,8 كلم، وسيتم تجهيزة بتقنيات الذكاء الاصطناعي ولا سيما لمراقبة البضائع.
وقال بيريز "ستكون لدينا التكنولوجيا الأكثر تطورا للإشراف على أمن الحاويات بصورة كاملة، بحيث نكشف عما تحويه ونتثبت من أمن الشحنة عندما تواصل طريقها".
والبيرو ثاني منتج للكوكايين في العالم بعد كولومبيا.