بسبب ارتفاع درجات الحرارة : البحيرات الجيليدية تهدد قرى النيبال مع تفاقم تبعات تغير المناخ

الأمة برس
2024-10-05

منازل مهجورة في قرية تايم النيبالية بعد تمزق بحيرة جليدية، في 18 ايلول/سبتمبر 2024 (أ ف ب)
كاتماندو - قبل نحو شهرين، غمرت المياه قرية تايم النيبالية التي لا تبعد كثيرا عن جبل إيفرست، بسبب انهيار بحيرة جليدية، في ظاهرة تزداد خطورة بفعل تبعات الاحترار المناخي.
ولم يكن مينغما ريتا شيربا في المنزل عندما اجتاح سيل من الطين والحطام في 16 آب/اغسطس البلدة حيث وُلد شيربا تينزينغ نورغاي، أول مرشد جبلي تسلق أعلى قمة في العالم مع النيوزيلندي إدموند هيلاري في عام 1953.

وعندما عاد من السد الكهرومائي حيث يعمل، كان نصف المنازل في تايم مدمرا، فضلا عن مدرسة بناها تينزينغ نورغاي عام 1962، وعيادة طبية ونزل للمسافرين.

ويقول مينغما ريتا شيربا لوكالة فرانس برس "لم يعد هناك أي أثر لمنزلنا"، "إذ فقدنا كل ما كنا نملك، كما فقدت أختي كل شيء".

ولحسن الحظ، لم يتسبب الفيضان في وقوع أي إصابات في هذه القرية الواقعة في نهاية وادي خومبو حيث يتوقف المتنزهون على طريق المسارات الشهيرة حول جبل إيفرست.

انطلقت الموجة من بحيرة جليدية تقع في أعلى النهر، على ارتفاع حوالى 3800 متر. ويمكن لمياهها أن تتدفق فجأة باتجاه مجرى النهر عند اختراق حاجز الجليد الطبيعي الذي يعوقها، ما يتسبب في فيضانات كارثية.

وفي تشرين الأول/أكتوبر 2023، قُتل أكثر من 70 شخصا في شمال شرق الهند بعد انهيار إحدى البحيرات الجليدية البالغ عددها 7500 في البلاد.

وكانت الفيضانات الكارثية التي ضربت كاتماندو ومنطقتها في وقت سابق من هذا الشهر ـ والتي أسفرت عن وفاة أكثر من 230 شخصا وتسببت في أضرار جسيمة ـ بمثابة تذكير بضعف النيبال في مواجهة الظواهر المناخية التي تتفاقم حدتها وتواترها بسبب الاحترار المناخي.

ويخشى العلماء أن يؤدي ارتفاع درجات الحرارة العالمية التي تذيب الأنهار الجليدية في جبال الهمالايا بمعدل ينذر بالخطر، إلى تسريع انهيار البحيرات الجليدية.

منذ الفيضان الذي حدث في آب/اغسطس، لجأ عدد كبير من سكان تايم إلى القرى المجاورة أو استقروا في العاصمة كاتماندو، مثل مينغما ريتا شيربا.

- "لا مستقبل" -
ويقول "لقد حاول البعض إعادة بناء منازلهم ولكن الأرض غير مستقرة"، مضيفا "نحن خائفون من العودة إلى ديارنا، فلا تزال هناك بحيرات فوقنا. لقد اختفت الأرض الخصبة، وأصبح من الصعب تخيل المستقبل هناك".

ويؤكد أحد موظفي القرية، مينغما شيري شيربا، أن البلدية عمدت إلى التدقيق في وضع الأراضي والبحيرات في المنطقة لتقويم المخاطر.

ويشدد على أن "أولويتنا هي أولا مساعدة الضحايا (...) وإعادة البناء وتوفير المساكن".

وقد تشكلت مئات البحيرات الجليدية في العقود الأخيرة على سفوح جبال الهملايا.

وأحصى المركز الدولي للتنمية المتكاملة للجبال (إيسيمود) 2070 منها في عام 2020، من بينها 21 تُعتبر خطرة على السكان.

وينتمي العضو في هذه المنظمة الحكومية الدولية، الجيولوجي سودان بيكاش ماهارجان، إلى الفريق الذي خلص، بفضل صور الأقمار الاصطناعية، إلى أن الفيضان في التايم ناجم عن تمزق بحيرة جليدية.

ويقول "نحن بحاجة إلى تعزيز نظام المراقبة لدينا (...) حتى نتمكن على الأقل من التوقع والاستعداد"، مضيفا "المخاطر موجودة، وعلينا إبلاغ السكان بها".

تُعتبر تايم "قرية متسلقي الجبال"، إذ استضافت الكثير من المتسلقين المرموقين مثل كامي ريتا شيربا، الذي تسلق أعلى قمة في العالم للمرة الثلاثين هذا الموسم.

وشارك المتسلق مع آخرين في جمع التبرعات لمساعدة السكان المتضررين.

ولكن "في الوضع الراهن، لم يعد لهذا المكان مستقبل"، على ما يقول كامي ريتا شيربا بأسف. ويوضح "نحن في خطر. ليس هنا فقط في تايم، ولكن أيضا في الكثير من القرى الأخرى في اتجاه مجرى النهر".

وباعتباره أحد المخضرمين في تسلق جبل إيفرست والقمم الأخرى في المنطقة، يلاحظ متسلق الجبال بنفسه تأثيرات الاحترار المناخي.

ويضيف "لقد تغيرت جبال الهملايا، ولم نشهد تأثير تغير المناخ فحسب، بل شهدنا عواقبه الخطيرة، وعلينا أن نتحرك".









شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي