
تُعلّق جيف لحيوانات إمبالة وكودو وأنواع برية أخرى داخل مسلخ بانتظار تحويلها إلى شرائح لحم ونقانق ولحوم برغر يستخدمها سكان جنوب إفريقيا في "براي"، وهي التسمية المحلية لشواء اللحوم.
ومسلخ بيلا بيلا الذي يبعد ساعتين من جوهانسبرغ، متخصص في إنتاج لحوم الحيوانات البرية، وهو قطاع غير متطوّر لكنّه يولّد فرص عمل ويساعد للمفارقة في الحفاظ على البيئة.
ويقول رئيس قسم "اقتصادات التنوع البيولوجي" في وزارة البيئة خورومبي ماتيبي، في حديث إلى وكالة فرانس برس، "نريد أن نضيف بعداً إلى الاطباق من خلال توفير لحوم عضوية من حيوانات برية".
وتُعدّ جنوب إفريقيا وجهة مفضلة للسياحة المرتبطة بالحياة البرية، وتنتج راهناً 60 ألف طن من لحوم الحيوانات البرية سنوياً، أي ما يعادل وزن عدد كبير من الزرافات.
لكنّ قسماً صغيراً فقط ينتهي به الأمر في المسالخ والمتاجر الكبرى، فـ90% من الحيوانات يتم اصطيادها وأكلها بشكل غير قانوني، بحسب الحكومة. ويتم تصدير نسبة أصغر.
وفي العام 2019، صُدّر ما يزيد قليلاً عن 3 آلاف طنّ من لحوم النعام والتماسيح والحمير الوحشية إلى الاتحاد الأوروبي والصين والإمارات العربية المتحدة.
وفي آذار/مارس، أبدت الحكومة رغبتها في تعزيز القطاع الذي بلغت قيمته 225 مليون يورو عام 2020، لتصبح قيمته 1,3 مليار يورو بحلول عام 2036، وخصوصاً إيجاد فرص عمل في المناطق الريفية.
- تناول لحوم الحمير الوحشية -
ويرى ماتيبي أنّ هناك أسباباً كثيرة لشواء لحم سبرينغبوك، وهو ظبي أصلي سُمي فريق الرغبي الوطني على اسمه، أو أي لحم حيوان بري محلي آخر.
وتنبعث من قطاع إنتاج لحوم الحيوانات البرية كميات أقل من غاز الميثان مقارنة بما يتبعث من إنتاج لحوم المواشي، التي يُعدّ تجشؤها أحد المصادر الرئيسية لانبعاثات الغازات الدفيئة في القطاع الزراعي. أما لحومها فتُعدّ مغذية وقليلة الدسم، كونها تتغذى في البرية.
وقد وضعت جنوب إفريقيا منذ فترة طويلة نهجاً لحفظ الحياة البرية يعتمد على فكرة أنّ المزارعين يميلون أكثر إلى الاهتمام بالحياة البرية إذا كان بإمكانهم الاستفادة منها.
ويشير المنتقدون إلى أنّ هذا النموذج يستخدم الحيوانات ويحوّلها إلى منتجات، مع أنّه أثبت جدواه إلى حد كبير.
وقد ارتفع عدد الحيوانات البرية من نحو 500 ألف في ستينات القرن العشرين إلى أكثر من 20 مليوناً راهناً. وقرابة 80% من الحيوانات موجودة في محميات خاصة تشكل نقطة جذب للسياح والصيادين.
وتشير الحكومة إلى أنّ قسماً من اللحوم يكون متأتياً من مئات الحيوانات العاشبة التي تُقتَل سنوياً للحفاظ على أعدادها عند مستوى مستدام.
وترغب الحكومة أيضاً في تحويل مليون هكتار من الأراضي المحلية إلى إنتاج لحوم الحيوانات البرية، وهو ما يشجّع على مشاركة السكان السود في قطاع أكثر من 94% من المشغلين فيه هم من البيض، بعد 30 عاما من انتهاء مرحلة الفصل العنصري، بحسب ماتيبي.
ويضيف دارين هورنر، صاحب شركة "ألويس ميت" للحوم، إنّ هذا القطاع الذي يستلزم كمية قليلة من المعدات، تكاليف الاستثمار فيه "منخفضة جداً"، وهي ميزة للوافدين الجدد إليه.
- عقبات -
لكنّ سكان جنوب إفريقيا يتناولون القليل من لحوم الحيوانات البرية، لاعتقادهم أنّ هذه اللحوم قاسية وطعمها بري.
ويقول شارل دو فيلييه، رئيس مجموعة "غايم سا" الصناعية "كانت جدّتنا تنقعها لثلاثة أيام في النبيذ الأحمر مع لحم الخنزير المقدد. بالنسبة لي، تصبح شهية مع القليل من زيت الزيتون والملح".
ويجب أيضا تتبع جودة اللحوم لكسب ثقة المستهلك.
إلى ذلك، بقي تصدير الحيوانات ذات الحوافر الطويلة إلى أوروبا محظوراً لسنوات، في حين تسعى جنوب إفريقيا جاهدةً إلى وقف تفشي مرض الحمى القلاعية.
والمختبرات العامة المسؤولة عن فحص اللحوم نادرة وباتت قديمة، وهو أمر سلبي للصادرات، بحسب المنتجين.
ويصدّر دو فيلييه راهناً لحم النعام الخاصة به إلى بريطانيا لفحصها، مما يرفع التكاليف.
وقد تقدّم رئيس مسلخ بيلا بيلا ستيفن نيل، بطلب عام 2017 للحصول على تصريح تصدير، لكنه استسلم في النهاية. ويقول "لقد شعرت بخيبة أمل شديدة. إنّ الحكومة خذلتنا".
وداخل مسلخه المبرّد، يتم وزن نحو 4 آلاف حيوان وتقطيع لحومها ومعالجتها وتعبئتها. وكل الكمية تقريباً يحضرها إلى المسلخ صيادون راغبون في تناول جزء منها.
ويشير إلى أنّ تطوير الإنتاج للتوزيع يتطلب استثماراً، وهو أمر يصعب الحصول عليه، إذ لا يزال الكثيرون متشككين بشأن إمكانات هذا القطاع.