أمضى المخرجان ندى رياض وأيمن الأمير وقتاً طويلاً في متابعة فرقة مسرحية مؤلّفة من فتيات في قرية مصرية نائية، قبل إنجاز فيلمهما المصري "رفعت عيني للسما" الذي يُعرض في الدورة السابعة والسبعين من مهرجان كان السينمائي، لدرجة أن أحدهم حاول أن يبيعهما بيتاً في المكان.
وقالت رياض لوكالة فرانس برس بعد العرض الأول للفيلم الوثائقي في مهرجان كان السينمائي "كان يرانا هناك باستمرار لذا ارتأى أننا بحاجة للعيش في المكان أيضاً".
يتبع فيلم "رفعت عيني للسما" مجموعة فتيات مراهقات في منطقة ريفية بجنوب مصر على مدى أربع سنوات، خلال تدريباتهنّ على العروض، عارضاً للقرارات الصعبة التي يتعين عليهنّ اتخاذها لتحديد مسارهنّ بعد بلوغ سنّ الرشد.
تحلم ماجدة بدراسة المسرح في القاهرة، فيما تريد مونيكا أن تصبح مغنية مشهورة، فيما الشابة هايدي ملاحقة باستمرار من شاب وسيم يحاول كسب ودها.
في عروضهنّ النسوية في الشوارع، تنتقد الفنانات اليافعات بجرأة النظام الذكوري، كما يخضن في قضايا تُعتبر جريئة بالمنظور المحلي، كتحقيق الذات والزواج المبكر.
ولكن سرعان ما تفرض تحديات الحياة نفسها، وتجد المراهقات المنتميات إلى الأقلية القبطية المسيحية في مصر أنفسهنّ في مواجهة هذه المفاهيم على أرض الواقع.
تسجّل الكاميرا لقطات سريّة في متجر عائلي، بين أب وابنته، أو بين حبيبين، فيما تستمر الحياة اليومية في الجوار.
وقالت رياض "في البداية، كان كثرٌ ينظرون باستمرار إلى الكاميرا. كان الجميع خجولين"، ولكن "بمجرد بناء الثقة بينهم وبيننا، أتيحت لنا الفرصة للاندماج".
فيلم "نسوي"
وأشارت رياض إلى أنها وشريكها في الإخراج أيمن الأمير باشرا الإعداد للفيلم الوثائقي، الذي يُعرض ضمن فئة موازية للمسابقة الرسمية في المهرجان، بعدما تعرّفا على الفرقة لأول مرة في عام 2017.
وقالت إن الفيلم يحمل طابعاً "نسوياً متعمداً بكل تفاصيله، لكني أعتقد أنه أُملي أيضاً بما كانت تفعله هذه المجموعة الملهمة من النساء بالفعل".
وأضاف "الأمر مذهل لأنهنّ يطالبن بإجابات حول أشياء مهمة للغاية ويفتحن حواراً مع الجميع في مجتمعهنَ".
وأوضح أيمن الأمير من جانبه أن التحدي الرئيسي تمثل في توليف 100 ساعة من اللقطات لسرد قصة الفتيات المراهقات خلال انتقالهنّ إلى مرحلة سنّ الرشد، ونقل جانب نادراً ما يُرى من مصر.
وقال الأمير "معظم الأفلام السائدة في مصر تحكي قصصاً عن العيش في مجمّعات سكنية مغلقة والتسوق في مراكز تجارية"، لكن "من النادر جداً أن نرى قصصاً تدور أحداثها في الجنوب خارج القاهرة أو الإسكندرية، وأن نرى فتيات مثل تلك الفتيات على الشاشة".
وللفيلم الوثائقي موزّع فرنسي، لكن صانعي العمل يأملان أيضاً في عرضه على نطاق واسع في مصر، بما في ذلك المناطق الريفية في الجنوب.
لكن في الانتظار، تمكّن ستة من الممثلين في الفيلم من حضور العرض الأول في مهرجان كان، بعد محاولات حثيثة في اللحظات الأخيرة للاستحصال على جوازات سفر وتأشيرات دخول أولى لهم في الوقت المحدد.
مونيكا، المغنية الطموحة، لديها طفلان الآن. لكن على السجادة الحمراء، شغّلت منسقة الأغاني أغنية ذات إيقاعات جذابة قدمتها مع منتج مصري شهير يدعى مولوتوف في نهاية الفيلم.