"يديعوت" لقادة إسرائيل: لا تكرروا فشلاً تاريخياً باستنساخ 133 من رون أراد  

2024-04-25

 

إن الفشل الاستخباري الذريع في قضية رون يجب أن يقف أمام أصحاب القرار في هذا الوقت في قضية المخطوفين (ا ف ب)لأكثر من نصف سنة ونحن نستيقظ إلى واقع لا يطاق يعيشه مخطوفونا في أسر القتلة. ويخيل أن التاريخ، بجوانبه الظلماء، يصر على أن يكرر نفسه، في سياق مشابه تقشعر له الابدان.

كانت 1987 سنة مفتوحة الفرص الأولى (والأخيرة) لإعادة مساعد الطيار المفقود المقدم رون أراد من الأسر في لبنان. حتى أواخر السنة إياها، كان لإسرائيل عنوان حقيقي للحديث معه في قضية رون – جميل سعيد، رجل أعمال لبناني كان يسكن في لبنان، وكان مقرباً من نبيه بري، رئيس منظمة “أمل”، وهو حتى اليوم شخصية عامة ذات نفوذ في الساحة اللبنانية. غرست هذه القناة إحساس أمن مغلوطاً في إسرائيل في حينه بأنه يمكن إجراء الاتصالات مع الوسيط سعيد على مياه هادئة، بخاصة في ضوء رسائل من رون شكلت إشارة حياة منه.

ولكن آليات داخلية في “أمل” لم تشعل أضواء حمراء في “الكريا”، وتقرب رئيس جهاز الأمن في منظمة “أمل” مصطفى ديراني من طهران، أديا إلى أن نافذة الفرص أغلقت في نهاية 1987، مع إقامة “المقاومة المؤمنة”، منظمة شيعية متطرفة مقربة من الحرس الثوري الإيراني. وأخذ ديراني، الذي انسحب من “أمل” ووقف على رأس تلك المنظمة، رون تحت وصيته – خطوة أدت إلى انهيار قناة الوساطة المريحة. بعد اختفاء مساعد الطيار الأسير من قرية النبي شيت في صيف 1988 في ظروف غامضة، بذلت أسرة الاستخبارات جهوداً عظمى بهدف محاولة العثور عليه في أرجاء الشرق الأوسط.

عملياً، على مدى ثلاثة عقود ونصف مرت منذ اختفائه من القرية الشيعية المعادية في ظلمة الليل، نفذت سلسلة عمليات جريئة إلى جانب جهود استخبارية وبحثية متفرعة لم تنجح في تحقيق حل للغز. هكذا مثلاً في عهد حكومة التغيير، وحسب إعلان رئيس الوزراء في حينه بينيت من على منصة الكنيست، جرت حملة غنية المقدرات تنطوي على مخاطرة عظيمة، ورغم الإنجازات العملياتية المبهرة، لم تنجح في تبديد السحابة حول مصير وظروف اختفاء مساعد الطيار.

تفويت نافذة الفرص لإعادة مساعد الطيار الأسير في 1987 غذته سلسلة عناصر، بينها أيضاً صدمة صفقة جبريل (1985) التي أثارت نقداً جماهيرياً شديداً وأدت إلى تردد كبير في المستوى السياسي، ولاحقاً جرت جهاز الأمن إلى توظيف مقدرات هائلة وأحياناً بأثمان معقدة للعثور على مساعد الطيار، كما أسلفنا، حتى أيامنا هذه.

فضلاً عن ذلك، فإن انعدام الوضوح إزاء حياة مساعد الطيار منذ اختفائه في البقاع اللبناني في أواخر الثمانينيات، خلق تشوشاً وغموضاً في النظريات والتقديرات الاستخبارية، ما أثقل على قدرة خلق جدول أعمال أهلي وبذل جهد مركز دقيق لحل القضية الأليمة.

إن الفشل الاستخباري الذريع في قضية رون يجب أن يقف أمام أصحاب القرار في هذا الوقت في قضية المخطوفين. دروس لغز أراد تشكل إشارة تحذير واضحة ونداء صحوة صادم للمستوى السياسي: عدم استخدام نافذة فرص دبلوماسية، مهما كانت صعبة ومركبة، لإعادة مخطوفينا يزيد دراماتيكياً الخطر على حياتهم ويشكل إخفاقاً وطنياً في ضوء خوف حقيقي في أن يصعب نجاة المخطوفين الذين لا يزالون على قيد الحياة.

ولما كان هذا، وكما يتضح من قضية أراد، فإن عدم إعادة المخطوفين اليوم ستنطوي على ثمن باهظ في المستقبل، ليس فقط في جوانب سلة الأثمان لإعادتهم من خلال المفاوضات، بل أيضاً من زاوية المقدرات التي ستلزم أسرة الاستخبارات وجهاز الأمن بتوسيع الانشغال في مجال الأسرى والمفقودين لسنوات إلى الأمام بهدف العثور على المخطوفين بشكل سيكلف مقدرات واسعة وأحياناً على حساب مجالات لا تقل أهمية، توجد في قلب جدول الأعمال الأمني للدولة. هذا اعتبار ثقيل الوزن يجب أن يقف أمام ناظر أصحاب القرار.

يقف أمانا عدو غير إنساني، مرير ووحشي، من أكثر الأعداء وحشية الذين عرفتهم إسرائيل، لكنه ضعيف للغاية – عسكرياً وسياسياً وحوكمياً، بينما إنجازات الجيش المبهرة في المناورة في أراضي القطاع آخذة في التآكل (مثلما ألمحت محافل عسكرية رفيعة المستوى) في ضوء شلل استراتيجي متواصل تعاني منه حكومة إسرائيل. أمام دروس الماضي المدوية وفي ذروة عيد الحرية، يجب على المستوى السياسي أن يوجه التفوق الميداني على حماس من خلال الأوراق التي لا تزال في يديه، لتحقيق صفقة وإعادة مخطوفينا ممن تركوا لمصيرهم من قبل الدولة في 7 أكتوبر وبسرعة.

هذا في أيدينا. وهذا ممكن. خشية أن يكرر التاريخ البشع نفسه ويأتينا على بواباتنا المتكدرة، إذا لم نصحُ ونعيدهم إلى حدودهم.

 

بقلم: آفي كالو

 يديعوت أحرونوت 25/4/2024








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي