أوبزيرفر: لن يكون هناك يوم تال في غزة.. والتعويل على انتصار شامل مجرد وهم  

نشرت صحيفة “أوبزيرفر” تقريرا لجيسون بيرك، قال فيه إن المزاج العام بين الفلسطينيين وسكان العالم العربي وإسرائيل، هو أنه لن يكون هناك يوم تال للحرب الجارية في غزة.

وقال إن حسين عودة (37 عاما) كان قبل ستة أشهر يعمل في وظيفة جيدة مع منظمة غير حكومية دولية، وبمولود جديد وولدين ذكيين وبيت صغير في غزة. ويعيش الآن وحيدا في رفح، جنوب غزة بشقة متداعية ويعتني بوالديه، ويحاول توفير ما أمكن من المال لإخراج زوجته وأولاده من غزة، ويعتاش على علب الفاصولياء التي يحصل عليها من نفس المنظمة التي كان يعمل فيها. ودمرت غارة جوية سيارته وبيته وقتلت غارة أخرى أفرادا من عائلته الممتدة.

ورغم إمكانية تمرير قرار في مجلس الأمن الدولي ينهي الأعمال العدائية، وإلى جانب المفاوضات غير المباشرة في قطر التي قد تؤدي إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، فإن عودة لا يعتقد أن هناك أي سلام حقيقي قادم، ويضيف: “كل شيء له نهاية، ولكن ستندلع حرب جديدة”.

ويعلق بيرك أن هناك نوعا من الشعور في الشرق الأوسط بالواقع المؤلم، وهو أن الحرب التي اندلعت بعد هجوم حماس على إسرائيل لن تنتهي بنهاية واضحة لحرب قتل فيها 32,000 فلسطيني وأكثر من 1,200 إسرائيلي. فالتحرك لوقف إطلاق النار قد يقود لفترة هدوء مؤقتة قبل أن تبدأ جولة عنف أخرى وأزمة إنسانية في غزة، وإن كانت على وتيرة منخفضة ومواجهات ستستمر لسنوات أخرى.

فالهدنة التي يجري النقاش حولها منذ ستة أسابيع، تراجعت حماس فيها عن مطالبها بانسحاب إسرائيلي كامل عبر مراحل من القطاع، ووقف دائم للنار. مما كان سيسمح لها بأن تبقى مسيطرة على أجزاء من القطاع في المستقبل القريب والإعلان عن نصر من نوع ما، بناء على فكرة أن الجيش التقليدي هو من يحتاج إلى النصر، أما حركات التمرد فيجب عليها النجاة.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إنه أخبر المفاوضين أنه لن يوافق إلا على هدنة مدتها ستة أسابيع، وأكد يوم الجمعة أن حماس لن تهزم إلا بضرب رفح التي لجأ إليها أكثر من مليون شخص بمن فيهم عودة، من أجل تدمير ما يقول إنها آخر الكتائب المتبقية لحماس والعثور على قادتها. ولن تدعم الولايات المتحدة الهجوم على، لكن إسرائيل مصرة على المضي في العملية بدعم أمريكا أو بدونه.

ويخشى الكثيرون أن هذا لن يكون النهاية. وتقول نعومي نيومان، الباحثة الزائرة في معهد واشنطن، والتي عملت سابقا في وحدة بحث بجهاز المخابرات الإسرائيلي “شين بيت”: “آمل أننا لن نواجه هجمات شرسة أو أنها قصة بدون نهاية”.

ولا تتوقع منظمات الإغاثة عودة للحالة الطبيعية وتوزيع المساعدات. ولن يكون هناك أي بدء لعملية إعادة الإعمار بشكل مباشر، لكن وقف للتدمير والهدم المنظم للمدن. ولا أحد يعرف حجم الاحتياجات الإنسانية. وفي شمال غزة “هناك مئات الآلاف من الناس يعتاشون على تغذية غير جيدة وسط انهيار شبه كامل في النظام المدني واستئاف القتال. وفي المواصي، وهي منطقة رمليه قريبة من رفح، لا تتوفر المياه ولا المصارف الصحية. وقد جاء الناس إلى المواصي لأنها تتميز بميزتين، ترابها الذي لا يصلح لبناء الأنفاق والتي بنتها حماس في بقية غزة، ولا توجد فيها عمارات عالية. مما يجعلها منطقة آمنة لمن لجأوا إليها.

ويقول الكاتب إن هناك عدة سيناريوهات بشأن من يدير القطاع وحياة 2.3 مليون نسمة الذين تمزقت حياتهم ويواجهون الجوع والصدمة، ويقول المحللون إن هذه السيناريوهات غير مقنعة. وهي تتراوح ما بين منح السلطة الفلسطينية في رام الله دورا، وتدفع بهذا الخيار الولايات المتحدة وترفضه إسرائيل، إلى إدارة محلية مكونة من العشائر وهو ما تفضله حكومة نتنياهو، ولكنه ليس حلا عمليا كما يراه كل المراقبين.

وهناك قلة من المراقبين تعتقد بإمكانية تشكيل قوات متعددة الجنسيات أو تخصيص دول الخليج مبالغ طائلة لإعادة الإعمار. وفي إسرائيل، تكتسب فكرة إدارة غزة زخما بين المسؤولين. وكتب نداف شرغاي في صحيفة “إسرائيل هيوم” أن “أفضل خطة لليوم التالي، هي قوات إسرائيلية على الأرض وإدارة مدنية تعمل في قطاع غزة”. وأي شيء غير هذا سيكون مؤقتا على حد تعبيره.

ويرى مراقبون أن الحديث عن اليوم التالي وما يجب أن يحدث بعد توقف الحرب “هو سوريالي”، كما علق مسؤول مخضرم مقيم في واشنطن، وهو “يقوم على افتراضات بأن هذه الأمور ستنتهي قريبا. وأخشى أن هذا سيستمر لوقت طويل”.

ويعرف أقارب الأسرى الإسرائيليين في غزة أن الوقت ينفد سريعا، ويضغطون باتجاه توقف القتال للإفراج عنهم. وبعد توقف الأعمال القتالية، يمكن للفلسطينيين والإسرائيليين التفكير بوضوح أكثر حول خيارات المستقبل، حسب قول المسؤول.

ويرى ديل ديكمان، طالب علم النفس في تل أبيب، والذي يحتجز قريبه كارمل غات في غزة أن “النصر الكامل” الذي يتحدث عنه نتنياهو بشكل متكرر هو وهم. وقال: “لن تنتهي بهذه الطريقة، فهذه حرب مختلفة. ولكنها ليست حربا أبدية. ونحن نعيش في هذا طوال حياتي كإسرائيلي عمره 31 عاما. وشاهدنا كيف أن 7 تشرين الأول/ أكتوبر أثبتت أنك لا تستطيع إدارة النزاع”.

ويدعو ديكمان إلى توقف في القتال للإفراج عن بقية الأسرى. ويحتاج الأمر كما يقول لوقت كي تنهي حربا مضى عليها مئة عام، ولكن يمكن وقفها.