ميدل ايست آي: الحديث عن اتفاق وشيك لوقف النار في غزة هو حرب نفسية

2024-02-29

مع تفاقم الأزمة في غزة، فإن المفاوضات من أجل وقف إطلاق النار أصبحت ملحة للغاية (أ ف ب)تناول موقع ميدل ايست آي البريطاني ما يحكى عن إمكانية التوصل قريبا إلى اتفاق هدتة لوقف النار في غزة. وتقول كاتبة المقال أمينة الأشقر إنه “مع مرور كل يوم، يزداد الوضع في قطاع غزة، تدهورا على المستوى الإنساني والسياسي، وليس سراً أن المفاوضات بين حماس والحكومة الإسرائيلية وصلت إلى طريق مسدود، وتفتقر إلى الزخم اللازم لتحقيق اختراق كبير منذ إبرام اتفاقهما الأخير”.

وتضيف “يسلط هذا المأزق الضوء على التحديات المعقدة التي تواجهها حماس، في تأمين مطالبها من إسرائيل. فالحركة كثيراً ما تبادر إلى إطلاق عمليات تهدف إلى جلب إسرائيل إلى طاولة المفاوضات، على أمل أن يؤدي ذلك إلى تقديم تنازلات. ويرجع هذا جزئياً إلى حالة الجمود التي تعيشها الساحة السياسية الفلسطينية منذ فترة طويلة، فضلاً عن الموقف المتقلب للقادة الإسرائيليين المتعاقبين على السلطة، تجاه حكم حماس في غزة. إذ إن هذا التضارب في التوجه الإسرائيلي يعكس التعقيدات الجيوسياسية والداخلية الأوسع التي ميزت الرؤية الإسرائيلية تجاه حماس منذ سيطرة الحركة على القطاع“.

وتعود الكاتبة بالذاكرة الى العام 2011، عندما وافقت إسرائيل على إطلاق سراح أكثر من 1000 أسير فلسطيني مقابل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، الذي أسرته حماس عام 2006، فقد دفعت هذه الصفقة التاريخية إلى إعادة تقييم استراتيجي داخل إسرائيل لما حصل، مما أدى إلى استصدار تشريع جديد عام 2014 يهدف إلى تقييد صفقات تبادل الأسرى مستقبلا”.

وبدافع المخاوف بشأن التكاليف الأمنية والاجتماعية والسياسية لمثل هذه التبادلات، مكّن القانون القضاة من منع إطلاق سراح الأسرى المدانين بارتكاب جرائم خطيرة. وجاء هذا التحول وسط جدل داخلي حول عملية تبادل شاليط، والذي وضع الضرورات الأمنية في مواجهة الالتزام الأخلاقي باستعادة الأسرى”. وتضيف الكاتبة بشأن الوضع الحالي “واليوم، يشير رد إسرائيل على أسر جنودها على يد حماس إلى تحول عميق في نهجها في التعامل مع مثل هذه المفاوضات، في حين يسلط الضوء على التحديات المتمثلة في تأمين إطلاق سراح الأسرى من دون الخضوع لمطالب الجماعات المسلحة ومفادها أن احتجاز الرهائن لن يسفر عن تحقيق مكاسب سياسية”.

وترى الكاتبة أن استحقاق حماس لا يقتصر على مواجهة إسرائيل فحسب، بل هي تتعامل أيضاً مع ديناميكيات إقليمية أوسع نطاقاً، بما في ذلك بين الدول التي لديها أسبابها الخاصة التي تجعلها ترغب في إضعاف نفوذ الحركة.

ثم تتحدث الكاتبة عن دور مصر على وجه الخصوص كلاعب محوري، إذ يعتبر معبر رفح في قطاع غزة، والذي تسيطر عليه مصر، بمثابة البوابة الرئيسية للقطاع إلى العالم الخارجي، إلى جانب معبر إيريز الذي تسيطر عليه إسرائيل. ولطالما نظرت مصر إلى غزة من خلال عدسة المخاوف الأمنية، وهو التركيز الذي تكثف في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي ينظر إلى ارتباط حماس بجماعة الإخوان المسلمين من خلال الرابط الأيديولوجي. وحتى في الحالات التي تعمل فيها مصر كوسيط بين حماس وإسرائيل، فغالبا ما يُنظر إليها على أنها متأثرة بمصالحها الأمنية الوطنية، مما يضع القاهرة كمشارك نشط في عملية التفاوض بدلاً من كونها ميسرا محايدا. وهذا يخلق حالة أخرى من التعقيد لحماس في تأمين الصفقات مع إسرائيل.

وتتطرق الكاتبة ايضا إلى التعقيدات داخل المشهد السياسي الفلسطيني، وترى “أن حركة فتح، باعتبارها المنافس الرئيسي لحماس، هي في وضع استراتيجي يسمح لها بالاستفادة من أي ضعف محتمل للحركة. فتاريخياً، كانت فتح حريصة على استعادة السلطة الفلسطينية السيطرة على غزة، مما يجعلها بديلا في مرحلة ما بعد الصراع. والتأكيد على أهمية السلطة الفلسطينية بالنسبة لحلفائها الغربيين. ولكن اليوم، بعد مرور ما يقرب من خمسة أشهر على حرب غزة، فإن الافتقار الواضح للاتصال المباشر بين قادة فتح وحماس البارزين يسلط الضوء على الانقسامات الداخلية العميقة، على الرغم من حقيقة أن حماس دعت خلال المراحل الأولى من الحرب إلى الوحدة الداخلية وشددت على أن اللحظة الراهنة هي اللحظة المناسبة لإنهاء الانقسامات الداخلية”.

وتوضح الكاتبة “أن التأثيرات المترتبة على انفصال السلطة الفلسطينية عن حماس تمتد إلى عملية التفاوض الأوسع. ومن شأن المشاركة المباشرة للسلطة الفلسطينية أن تغير الديناميكيات بشكل كبير، نظراً لوضعها باعتبارها الكيان الحاكم الوحيد المعترف به دولياً. ويؤدي غيابه إلى تعقيد الأمور بالنسبة لحماس، التي تنظر إليها إسرائيل والولايات المتحدة باعتبارها تفتقر إلى الشرعية والعلاقات الدبلوماسية. ومن شأن ضم السلطة الفلسطينية أن يجتذب دعماً دولياً أوسع وإطاراً معترفاً به للحوار.

ومع تفاقم الأزمة في غزة، فإن المفاوضات من أجل وقف إطلاق النار أصبحت ملحة للغاية. كما أن التهديد الذي يلوح في الأفق من جانب إسرائيل بشأن غزو بري لرفح ، من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم الكارثة الإنسانية بشكل كبير، قبيل حلول شهر رمضان المبارك، وتهدف إسرائيل من ذلك الى الضغط على حماس لحملها على تقديم تنازلات. وفي الوقت نفسه، يتم استخدام المعلومات المضللة والتسريبات الإعلامية ، بما في ذلك تقرير وكالة رويترز عن مسودة اقتراح وقف إطلاق النار ـ والذي شككت حماس في دقته ـ للتلاعب بالمشاعر العامة وتعزيز التوقعات غير الواقعية بين الفلسطينيين في غزة”.

ومن الأمثلة الأخرى – تضيف الكاتبة – تصريح الرئيس الأمريكي جو بايدن بأن وقف إطلاق النار قد يتم الإعلان عنه في غضون أيام، في حين تقول حماس إنه لا تزال هناك قضايا رئيسية معلقة.

وتخلص الكاتبة إلى القول “تشير مثل هذه التقارير والتصريحات إلى التكتيكات النفسية التي تمارسها إسرائيل والولايات المتحدة بهدف استغلال رغبة الفلسطينيين في وضع حد للهجوم الإسرائيلي. وهكذا يتحول الصراع إلى معركة على الأرض وعلى قلوب الناس وعقولهم، وسط طوفان من المعلومات المضللة واليأس المتزايد”.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي