هل يصبح الصومال ملعبًا جديدًا لدول الخليج؟  

أ ف ب-الامة برس
2024-02-22

 

 

شاطئ في العاصمة الصومالية مقديشو في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2022 (أ ف ب)   مقديشو- استقبل راقصون وقارعو طبول وفدًا سعوديًا زار الصومال في أواخر كانون الثاني/يناير لإطلاق مشاريع مساعدات جديدة في هذا البلد الواقع في القرن الإفريقي، حيث تتنافس دول الخليج على بسط نفوذها.

وإذ أشاد مسؤولون صوماليون بالمشاريع التي توفّر قرطاسية لتلاميذ المدارس ونقاط شرب مياه للماشية، فقد أعربوا عن أملهم في رؤية المملكة الخليجية النفطية منخرطة أكثر في بلدهم بما في ذلك على المستوى الأمني.

وقال مدير السياسات والتخطيط في وزارة الصحة الصومالية عبد الفتاح محمد لوكالة فرانس برس خلال الزيارة التي استمرت يومًا واحدًا، إن الصومال الذي شهد على مدى عقود حربًا وتمردًا إسلاميًا دمويًا، "يمرّ هذه الأيام بعملية بناء دولة".

وأضاف "نحن نبني قواتنا المسلّحة لحماية (بلدنا)، ونعيد بناء اقتصادنا. لذلك وفي هذا الصدد، يمكن (للسعوديين) أن يفعلوا المزيد".

وخلال العام الماضي، أبدت المملكة في عدة قمم كبرى ومن خلال مشاريع إنسانية، نيّتها في تقديم المزيد لمنطقة القرن الإفريقي المطلّة على البحر الأحمر، الممر المائي الاستراتيجي.

وبدا ذلك واضحًا في الجهود التي بذلتها السعودية عندما اندلعت حرب في السودان في نيسان/أبريل الماضي، فأرسلت سفنًا لإجلاء مدنيين واستضافت محادثات سلام بين طرفَي النزاع في مدينة جدّة.

ورأى محللون إن خطوات من هذا النوع تعكس مصلحة اقتصادية للمملكة في استقرار منطقة البحر الأحمر حيث يُفترض أن تصبح منتجعات بحرية محرّكًا لقطاعها السياحي الناشئ، فضلًا عن رغبتها في التصدي لمنافستها الإمارات التي تتمتّع أيضًا بنفوذ كبير في المنطقة.

وقال خبير إفريقيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن كاميرون هدسون إن "هناك حاليًا نوعًا من لعبة القط والفأر بين الإماراتيين والسعوديين في المنطقة"، مضيفًا "أنهم يستفيدون من علاقاتهم مع كل هذه الدول الإقليمية".

- انخراط إماراتي؟ -

وجاءت زيارة مسؤولين في مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، إلى الصومال بعد بضعة أسابيع من توقيع اتفاقية مثيرة للجدل بين إثيوبيا ومنطقة "أرض الصومال" (صوماليلاند) الانفصالية.

وتمنح هذه الاتفاقية التي وُقّعت في الأول من كانون الثاني/يناير، إثيوبيا المجاورة حق استخدام تجاري وعسكري لواجهة بحرية في "أرض الصومال" مطلّة على خليج عدن، بطول 20 كيلومتراً مدة 50 عاماً.

وتقول سلطات "أرض الصومال" إن مقابل الحصول على منفذ بحري ستصبح إثيوبيا أول دولة في العالم تعترف رسميًا بالمنطقة التي أعلنت استقلالها عن الصومال عام 1991، في خطوة من شأنها إثارة غضب الحكومة الفدرالية في مقديشو.

ولم تؤكد أديس أبابا بنود الاتفاقية، فيما وصفتها مقديشو بأنها "انتهاك صارخ لسيادتها".

وأثارت العلاقات الوثيقة التي تربط الإمارات بكلّ من إثيوبيا و"أرض الصومال" تكهّنات بانخراط محتمل للدولة الخليجية الثرية في الاتفاقية، في ما اعتبره هدسون وجيهًا حتى لو لم يظهر "دليل دامغ" عليه.

وقال إن "لطالما كان الإماراتيون في كافة علاقاتهم في القرن الإفريقي، يعطون التعليمات".

ولم تردّ أبوظبي على طلب وكالة فرانس برس التعليق على المسألة. لكن في السودان، سبق أن اتّهم خبراء أمميّون الإمارات بتسليح قوات الدعم السريع التي تخوض نزاعًا مسلّحًا مع الجيش منذ نيسان/أبريل الماضي. وقد نفت السلطات الإماراتية الأمر رسميًا.

من جانبه، قال كبير محللي شرق إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية عمر محمود إنه غير مقتنع بأن الإمارات منخرطة في الاتفاقية الموقعة بين "أرض الصومال" وإثيوبيا لأن ذلك سيتسبب بمنافسة وتعقيدات أخرى لميناء بربرة في "أرض الصومال" الذي تشغّله مجموعة "دي بي ورلد" أي "موانئ دبي العالمية".

لكنّه أشار إلى أن التوترات التي أثارتها الاتفاقية خلقت فرصًا للجهات الفاعلة الأجنبية، بما في ذلك السعودية ومصر وقطر وتركيا، لتعميق العلاقات مع مقديشو.

وأعربت الرياض في كانون الثاني/يناير عن "حرصها البالغ" على وحدة الصومال و"سيادته على كامل أراضيه"، في موقف أشاد به رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري خلال زيارة الوفد السعودي إلى مقديشو ما أثار موجة تصفيق حار.

- "منطقة نفوذها" -

وحتى قبل التوتر الأخير بشأن "أرض الصومال"، كانت المملكة تسعى إلى تعزيز علاقاتها مع الصومال، إذ عيّنت عام 2021 أول سفير لها لدى مقديشو منذ ثلاثة عقود.

وأواخر العام الماضي، عيّن الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود مستشارًا مقرّبًا منه أويس حاج أحمد يوسف سفيرًا للصومال لدى المملكة، في مؤشر على الرغبة في تعميق العلاقات بين البلدين.

وبما أنه من المقرر أن تنسحب قوة حفظ السلام التابعة للاتحاد الإفريقي من الصومال بحلول نهاية العام الحالي، يُتوقع أن تعتمد مقديشو بشكل كبير على دول الخليج لتدريب 22 ألف جندي صومالي، بموجب تفويض من مجلس الأمن الدولي.

وفي وقت سابق هذا الشهر، قُتل أربعة جنود إماراتيين وضابط بحريني أثناء أداء مهمتهم تدريب الجيش الصومالي، إثر تعرضهم لـ"عمل إرهابي"، وفق الإمارات. وأعلنت حركة الشباب الإسلامية المتطرّفة مسؤوليتها عن الهجوم.

وقال محمود إن "الصومال يتطلع أيضًا إلى استيراد أسلحة جديدة بعد رفع حظر الأسلحة الذي كان مفروضًا عليه من جانب الأمم المتحدة في كانون الأول/ديسمبر، وقد يلجأ إلى دول الخليج طلبًا للمساعدة".

ورأى هدسون أن أيًا كان الاتجاه الذي تأخذه العلاقات بين مقديشو والرياض، فإن الدول الخليجية المجاورة للسعودية ستراقب الوضع عن كثب، نظرًا لأهمية الصومال الاستراتيجية وتأثير تعزيز العلاقات السعودية الصومالية على التنافس على النفوذ في المنطقة بشكل أوسع.

وقال إن دول الخليج ترى القرن الإفريقي باعتبارها "منطقة نفوذها".

 








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي