في وحشية مسعورة وارهابية : العدوان على غزة.. 8 أساليب إسرائيلية للإبادة الجماعية

الأمة برس
2024-01-03

القصف الاسرائيلي الوحشي طال كل شيئ (وفا)سلط أستاذ الدراسات الفرنسية بجامعة فرجينيا، آلان جابون، الضوء على 8 أساليب يمارسها جيش الاحتلال الإسرائيلي للإبادة الجماعية في قطاع غزة، مشيرة إلى أن 3 أشهر من العدوان على القطاع أظهرت أن "تسوية غزة بالأرض" هو هدف جيش الاحتلال.

وذكر جابون، في مقال نشره بموقع "ميدل إيست آي" وترجمه "الخليج الجديد"، أن الضغوط الأمريكية لم تنجح في الحد من الخسائر في صفوف المدنيين الفلسطينيين، فيما لم تتمكن الدول العربية حتى من الاتفاق على إجراءات مشتركة، مثل حظر النفط أو القطع المؤقت للعلاقات الدبلوماسية الرسمية، وبالتالي لم يكن لها أثر في وقف أو حتى تخفيف حدة الوحشية الإسرائيلية، كما أثبتت قرارات الأمم المتحدة والاحتجاجات العالمية الحاشدة عدم فعاليتها.

وأضاف أن "الأمر يبدو غير قابل للتصديق"، فمصير الملايين من الفلسطينيين سيظل يقرره رجلان فقط، هما رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والرئيس الأمريكي، جو بايدن، ولذا أعلنت إسرائيل أن حملتها ستستمر لعدة أشهر أخرى، وربما دون فترات هدنة إضافية.

وبينما دفعت الولايات المتحدة من أجل تخفيف تصعيد العدوان الإسرائيلي، ليس بسبب القلق على حياة الفلسطينيين بل بسبب المخاوف من حرب إقليمية أوسع نطاقًا والإضرار بالدعم الدولي لواشنطن وتل أبيب، صعدت إسرائيل هجماتها منذ الهدنة القصيرة التي تم التوصل إليها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وأكد جوبان أن ارتكاب إسرائيل لسلسلة من جرائم الحرب "لا شك فيه"، مشيرا إلى أن "هذا ليس مفاجئاً بالنسبة لدولة عملت على مدى عقود من الزمن على تطوير ورعاية هذه الممارسة، وتأسست أصلا على التطهير العرقي"، ولكن يدور الآن جدل حول ما إذا كانت مجازر إسرائيل قد وصلت إلى مستوى الإبادة الجماعية بالمعنى القانوني للمصطلح.

وهنا يشير جوبان إلى أن هناك العديد من المفاهيم الخاطئة الشائعة حول ما يشكل إبادة جماعية، وأهمها هو أنه لكي يتم وصف الفظائع بهذا الوصف يجب أن تصل إلى حجم ومستوى المحرقة أو إبادة شعب أو مجموعة بأكملها تقريبًا، والأمر ليس كذلك.

متظاهرون يتظاهرون تضامنا مع الفلسطينيين في غزة خلال مظاهرة في وارسو، بولندا، في 29 أكتوبر 2023 (أ ف ب)

تعريف الإبادة الجماعية

فوفقًا للمادة الثانية من اتفاقية الإبادة الجماعية الدولية، فإن الإبادة الجماعية تعني أيًا من الأفعال المرتكبة بقصد التدمير، الكي أو الجزئي، لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية، مثل قتل أفراد هذه الجماعة؛ أو التسبب في أذى جسدي أو عقلي خطير لها، أو تعمد إلحاق ظروف معيشية تهدف إلى تدميرها، وفرض تدابير تهدف إلى منع الولادات، أو نقل أطفال هذه الجماعة قسراً إلى جماعة أخرى.

وإزاء ذلك، فإن تصرفات إسرائيل في غزة وعواقبها المروعة على جميع السكان المدنيين، إلى جانب التصريحات المتكررة لمسؤولي الدولة العبرية، التي تشير بقوة إلى نية متعمدة للقضاء على أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين، لا تترك مجالاً للشك في أن ما يجري في غزة هو عملية إبادة جماعية وفق التعريف القانوني، ولذا وصف العديد من المسؤولين والصحفيين وأعضاء المجتمع المدني ما يجري في القطاع علناً بأنه إبادة جماعية.

ويشير جابون إلى أن توصيف "الإبادة الجماعية" بدأ في الحصول على إجماع بين الأكاديميين وعلماء القانون، بل وحتى المدعين العامين السابقين في المحكمة الجنائية الدولية، الذين يستطيعون بكل تأكيد الاعتراف بالإبادة الجماعية عندما تتكشف أمام أعينهم.

وأضاف: "لقد علمنا التاريخ أن هناك طرقًا عديدة لإبادة مجموعة من الأشخاص أو استنزاف السكان. لكن حملة الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل، والمستمرة منذ عام 1948، تتميز بعدة خصائص: طبيعتها الدائمة، والتنوع بين الإبادة الجماعية البطيئة وموجات المذابح الوحشية ومجموعة أخرى من أساليب الموت الجماعي".

وفي اللحظة الراهنة، تقوم إسرائيل بالجمع بشكل منهجي بين كل أساليب الموت هذه، ما يؤدي إلى نتائج مروعة، يحددها جابون بما لا يقل عن 8 أساليب للإبادة الجماعية، وهي:

1. القتل: اقصفوا الفلسطينيين عشوائياً، وهنا يشير جابون إلى أن اهتمام وسائل الإعلام، والضغوط التي يمارسها الحلفاء، مثل الولايات المتحدة، والاحتجاجات الدولية، قد يكون لها تأثير معين في كبح جماح إسرائيل.
وعلى الرغم من تأكيدات إسرائيل بأنها تتخذ تدابير لحماية المدنيين، فإن الحقائق على الأرض تظهر خلاف ذلك، حيث يشكل غير المقاتلين الجزء الأكبر من الضحايا. وقد تم استهداف المدارس والمستشفيات والمباني السكنية بشكل مباشر.

2. التجويع: ويتم ذلك من خلال حصار إمدادات الغذاء والمياه. وهذا ليس بالأمر الجديد، بحسب جابون، مشيرا إلى أنه كان منذ فترة طويلة جزءًا من سياسة إسرائيلية منسقة ومنظمة لحرمان الفلسطينيين حتى من أهم الموارد الأساسية للحياة، وهي المياه.

3. التجريد من الرعاية الطبية: إذ تعمل إسرائيل على زيادة عدد الضحايا من خلال تدمير البنية التحتية الطبية، بما في ذلك المستشفيات، وبالتالي ضمان أن العديد ممن كان من الممكن إنقاذهم سيموتون بدلاً من ذلك متأثرين بإصابات لم يتم علاجها.

متظاهرة يحمل طفلاً فلسطينيًا متوفى ومكفنًا بشكل رمزي أثناء مشاركته في مسيرة تطالب بوقف إطلاق النار في غزة، في وسط لندن في 9 ديسمبر 2023 (أ ف ب)

4. نشر المرض: فقد أدى انهيار البنية التحتية الطبية، إلى جانب الظروف المعيشية الكارثية، إلى ضمان انتشار المرض، ما يهدد بموجة كبيرة أخرى من الوفيات، بحسب جابون.

5. الإنهاك من خلال عمليات الإخلاء القسري: وهنا يشير جابون إلى أن إسرائيل تستخدم إعادة التوطين القسري، أولاً من شمال غزة إلى الجنوب، ثم داخل الجنوب نفسه، لإجبار الأشخاص، المنهكين والمصابين في كثير من الأحيان، على الانتقال من "منطقة آمنة" مزعومة "إلى منطقة أخرى.

وأشار إلى أن إسرائيل نشرت خريطة شبكية قسمت جنوب غزة إلى مئات من القطع الصغيرة، حيث يضطر الناس إلى التنقل بينها في وقت قصير لتجنب القنابل.

6. تدمير البيئة: فما يحدث في غزة هو إبادة بيئية حقيقية، بحسب جوبان، مشيرا إلى أن حجم الدمار البيئي، من خلال كل شيء بدءًا بالتلوث الدائم إلى الذخيرة العسكرية هائل ويمكن أن يؤثر على الأجيال القادمة.

7. تفتيت المجتمع: فقد أدى التدمير المنهجي للهياكل الحكومية والإدارية بحجة محاربة حماس إلى قلب المجتمع الفلسطيني رأساً على عقب، بحسب جوبان، مشيرا إلى أن إسرائيل تقطع الروابط الاجتماعية للفلسطينيين من خلال تهجير غالبية سكان غزة، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.

ومن غير الواضح كيف سيتمكن هؤلاء من إعادة إنشاء مجتمعاتهم في المستقبل، خاصة أن إسرائيل حاولت ربط جميع المدنيين بحماس وتعتزم الحفاظ على سيطرتها على المنطقة ومواردها في المستقبل المنظور.

8. كسر المعنويات: على مدى عقود، استخدمت إسرائيل الحرب النفسية لتعزيز الشعور باليأس والعجز بين السكان. وقد كان هذا فعالاً للغاية بين الفئات الأكثر ضعفاً، وعلى رأسها أطفال غزة، الذين عانوا الكثير منهم من الاكتئاب الشديد والأفكار الانتحارية حتى قبل الهجوم الحالي. وبما أن إسرائيل تجعل من المستحيل تقريباً علاجهم، فإن معظمهم سيعانون من صدمة طويلة الأمد.

ويخلص جابون إلى أن الأساليب الثمانية "كلها أشكال من العقاب الجماعي، ومن المحتم أن تستمر عواقبها لجيل كامل على الأقل، حتى لو انتهت الحرب اليوم".








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي