لسنا شهداء.. العاملون في المجال الإنساني أمام مخاطر متزايدة في مناطق النزاعات  

أ ف ب-الامة برس
2023-12-12

 

 

   عاملان لدى الأمم المتحدة يقتربان من فلسطيني مصاب بنيران إسرائيلية لنقله إلى سيارة إسعاف في حيّ الزيتون في قطاع غزة في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2023 (أ ف ب)   من سوريا وإفريقيا جنوب الصحراء إلى غزة، أصبحت سلامة العاملين في المجال الإنساني مصدر قلق رئيسيًا للمنظمات غير الحكومية التي لا تزال أولويتها توفير المساعدات الإنسانية، نظرًا للمخاطر المتزايدة التي يواجهونها في مناطق الصراعات.

منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، تحصد الحرب بين إسرائيل وحركة حماس أرواحًا في صفوف المدنيين كما العاملين الإنسانيين.

في قطاع غزة، قُتل ثلاثة من الأطباء العاملين مع منظمة "أطباء بلا حدود" في ضربة على مستشفى العودة وقُتل طبيب طوارئ من منظمة "أطباء العالم" مع عائلته في مبنى تم قصفه وقُتل كذلك مساعدون طبيون من الهلال الأحمر في سيارات إسعاف.

وقُتل أكثر من مئة عامل لدى الأمم المتحدة في قطاع غزة، وهو "أكبر عدد من العاملين الإنسانيين الأممين الذين قُتلوا في مثل هذا الوقت القصير" وفق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

وباتت المخاطر الميدانية "تتجاوز القدرة على الفهم"، حسبما ورد في آب/أغسطس في تقرير صدر عن منظمات "أطباء العالم" و"العمل ضد الجوع" و"هانديكاب إنترناشونال".

في العام 2022، قُتل أو أُصيب أو اختُطف 444 عاملًا في المجال الإنساني في العالم، بحسب قاعدة بيانات أمن عمال المساعدة البريطانية "إيد وركر سيكيوريتي" Aid Worker Security.

وتقول المسؤولة عن الحملات الإنسانية في منظمة "أطباء العالم" ليا غوتييه إنه تم اجتياز "خط أحمر" خلال الحرب في سوريا التي خلّفت منذ العام 2011 ما لا يقلّ عن 500 ألف قتيل.

وتعتبر أن القانون الإنساني الدولي الذي يعود للعام 1949 والذي يهدف إلى حماية المدنيين، قد تم انتهاكه خلال الحرب في سوريا واستمر انتهاكه في الصراعات التي تلت ذلك.

ففي هذه الحروب الحديثة "غير المتكافئة"، العنف "عشوائي" حسبما يرى المدرّب في طب الحرب لدى منظمة Mehad غير الحكومية رافاييل بيتي.

- "المجاعة كسلاح حرب" -

ويقول بيتي لوكالة فرانس برس "خلال حرب 1914-1918، 80% من القتلى كانوا جنودًا والباقي من السكان. أمّا اليوم، فقد انعكس هذا الرقم تمامًا. أصبح 80% من القتلى مدنيون و20% جنود".

ويضيف "من الآن فصاعدًا، عندما تقدمون المساعدة في مناطق يسيطر عليها متمردون أو نظام ما، يمكننا أن نعتبر أنكم تقفون إلى جانب الخصم". ويتابع "في سوريا، أصبحت المستشفيات أيضًا أهدافًا. وتم اعتقال العاملين في مجال الرعاية الصحية وتعذيبهم وقتلهم". ووصل عدد العاملين الطبيين المقتولين إلى نحو ألف مذاك الحين وفق قوله.

من جهتها، تقول كبيرة مسؤولي الإغاثة الإنسانية في منظمة "كير إنترناشونال" ديبمالا ماهلا "في بعض المناطق مثل غزة أو إثيوبيا، تُستخدم المجاعة كسلاح حرب ومن غير المرحّب به أن تحاول منظمات غير حكومية مساعدة أشخاص يعانون من الجوع".

وتوضح ليا غوتييه أن تعقيد العلاقات الدبلوماسية أو الجشع يمكن أن يسبب عنفًا أيضًا. ففي منطقة الساحل مثلًا، يتعرض العاملون في المجال الإنساني لهجمات بهدف الاستحواذ على أموالهم أو أدويتهم أو يتم اختطافهم للحصول على فدية.

من هنا تأتي أهمية "مكوّنات الفِرَق"، بحسب مدير البحوث في مركز البحث في العمل الإنساني والمعرفة لدى "أطباء بلا حدود" مايكل نومان.

ويوضح نومان أن "أطباء بلا حدود" توظف في منطقة الساحل أشخاصًا محليين لأنه "من الصعب أن تعملوا هناك إذا كنتم فرنسيين أو بيضًا".

- "لسنا شهداء" -

ويرى نومان أن تفاقم انعدام الأمن بين العاملين في المجال الإنساني منذ نهاية الحرب الباردة يعود إلى "تعرضهم المتزايد للمخاطر" على الأرض.

ويشير إلى أن مجال المساعدة الإنسانية تطور "كثيرًا" وبات يقترب أكثر من أعمال العنف.

ويقول "في الماضي، كان نطاق عمل أطباء بلا حدود يشمل أكثر مخيمات اللاجئين ومناطق الأطراف (...) لكننا لسنا شهداء".

إذًا كيف تعمل المنظمات الإنسانية على حماية طواقمها؟

يشير نومان إلى أهمية أن يجعل العاملون الإنسانيون من أنفسهم "أكثر فائدة أحياء بدلًا من أموات" في نظر المجموعات المسلّحة من خلال الموافقة مثلًا على تقديم الرعاية للمقاتلين فيها.

ويدعو كذلك إلى إجراء تحليل معمّق لمناطق النزاعات والتواصل "الشفاف"، موضحًا "إذا تمّ إرسالكم غدًا إلى سوريا أو اليمن أو غزة، يجب أن تكونوا على دراية بالمخاطر التي تتعرضون لها".

تعد خطط الإخلاء والسيارات العاملة وأدوات الاتصال الفعالة جميعها وسائل ضرورية للعاملين في المجال الإنساني لحماية أنفسهم.

وتشير ديبمالا ماهلا التي عملت في جنوب السودان والعراق وأوغندا، إلى إنشاء مباني للمنظمات الإنسانية باتت مجهّزة بـ"غرف آمنة" جدرانها عالية ومدرّعة في بعض الأحيان.

وتضيف "للحروب قواعد، لكن للأسف لم تعد قاعدة عدم استهداف السكان المدنيين والمنشآت المدينة محترمة".

وتقول ليا غوتييه من منظمة "أطباء العالم"، "تكافح (المنظمات الإنسانية) من أجل إقناع المانحين بأن تكاليف السلامة ضرورية مثل التكاليف الأخرى".








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي