خبراء ووثائق: كوريا الشمالية تقوم بتهريب بحري تحت غطاء أعلام دول صغيرة في المحيط الهادئ

ا ف ب - الأمة برس
2023-12-04

صورة غير مؤرخة نشرتها شركة "بلانيت لابز" في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2023 تُظهر لقطة لسفينة "سكاي فينوس" تمرّ عبر مضيق تايوان في أيلول/سبتمبر 2021 في فترة كانت منخرطة في عمليات تهريب نفط مفترضة (ا ف ب)

تقوم "شبكات تهريب" كورية شمالية بتسجيل سفن في دول صغيرة في جزر في المحيط الهادئ لإخفاء تهريب النفط والالتفاف على العقوبات الدولية، وفق ما يفيد خبراء أمميون ووثائق حصلت عليها وكالة فرانس برس.

وتمنع العقوبات الصارمة المفروضة على كوريا الشمالية بسبب برامجها للأسلحة النووية وصواريخها بيونغ يانغ من استيراد الوقود. ومن أجل الالتفاف حول هذه العقوبات، اضطر المهرّبون الذين يعملون لصالح بيونغ يانغ إلى اعتماد أساليب مبتكرة بشكل متزايد للتهرب من الضوابط.

ويقول العضو السابق في مجموعة خبراء مجلس الأمن الدولي حول العقوبات ضد كوريا الشمالية نيل واتس "لم تفلت أي جزيرة في المحيط الهادئ تقريبًا من محاولات كوريا الشمالية لتمويه سفنها".

يراقب مركز الدراسات المتقدمة حول الدفاع في واشنطن طرق الملاحة الأكثر استخدامًا في مضيق تايوان وحول شبه الجزيرة الكورية.

وتضمّ قاعدة بيانات هذا المركز بشأن العقوبات والتي اطلعت عليها وكالة فرانس برس، 17 سفينة مسجلة في دول صغيرة في المحيط الهادئ مثل جزر بالاو ونِيوي وكوك وتوفالو.

وحدد الباحثون في هذا المركز "تحركات عالية الخطورة" لهذه السفن مرتبطة وفق قولهم بـ"سلاسل توريد نفط غير قانونية" كورية شمالية.

سفينة أمّ

وذكرت 11 سفينة أخرى ترفع علم نِيوي أو بالاو في تقارير منفصلة نشرها مجلس الأمن الدولي منذ 2020 متّهمة بنقل شحنات وقود متجهة إلى كوريا الشمالية.

يقول نيل واتس الذي كان يعمل قبطانًا في البحرية الجنوب إفريقية إن المهربين يسعون إلى إنشاء "طبقات إخفاء" متعددة، ما يصعّب مهمة تحديد ما إذا كانت سفينة ما منخرطة في نشاط مشروع أو تنقل بضائع مهرّبة.

في آب/أغسطس 2020، تم شراء ناقلة سعتها ستة آلاف طنّ من شركة فيتنامية ثم أُعيدت تسميتها "سكاي فينوس" وسُجّلت في جزر بالاو، بحسب السجلّات.

لكن المحققين رصدوا تحركات مشبوهة.

ففي منتصف أيار/مايو 2021، خلصوا إلى أن ناقلة النفط كانت تُستخدم "كسفينة أمّ" للتهريب، وفقًا لتقارير عقوبات الأمم المتحدة.

كانت هذه الناقلة تملأ صهاريجها بالنفط الخام في محطات النفط ثم تجد سفنًا أصغر في أعالي البحر تفرّغ حمولتها فيها ثمّ تزوّد هذه السفن الصغيرة بيونغ يانغ بالنفط، بحسب تقارير الأمم المتحدة.

من علم إلى آخر

لا يرتبط علم السفينة بالضرورة بالمكان الذي بُنيت فيه السفينة أو بالمكان الذي يأتي منه طاقمها أو بجنسية أصحابها.

يمكن أصحاب سفينة ما شراء علم، أحيانا مقابل بضعة آلاف من الدولارات فقط، لتسجيلها في السجل البحري لبلد ما.

يعتبر هيو غريفيث الذي نسّق عمل مجموعة خبراء الأمم المتحدة بشأن العقوبات على كوريا الشمالية من 2014 إلى 2019، أن المهربين يستهدفون بعض دول المحيط الهادئ أكثر من غيرها.

ويقول الخبير لوكالة فرانس برس "تعلم شبكات التهريب الكورية الشمالية أن سجلات (هذه الدول) لا تراقب السفن التي تبحر وهي رافعة علمها".

ويضيف "ينتقل المهربون عادة من علم إلى آخر. في الماضي كانت جزر كوك تحظى بشعبية كبيرة ثم احتلت مكانها جزر كيريباتي وبالاو ونِيوي".

في آذار/مارس، صوّب تقرير للأمم المتحدة حول العقوبات على نِيوي التي لا يُظهر سجلّها أي "عناية واجبة مقنعة" في تسجيل سفينتين مشتبه بهما عام 2022.

وأعلنت هاتان السفينتان، آني وآن هاي 6،  إبحارهما إلى اليابان تحت علم نِيوي. لكن فجأة انحرفتا عن مسارهما للرسو في ميناء نامبو الكوري الشمالي. والسفينتان مسجلتان الآن في كوريا الشمالية، بحسب بيانات المنظمة البحرية الدولية. 

من النفط إلى الصواريخ

يقول الباحث في معهد "رويال يونايتد سرفيسيز انستيتيوت" لدراسات الدفاع في لندن جو بيرن إن بيونغ يانغ تبحث باستمرار عن طرق جديدة لإخفاء "عملياتها غير المشروعة".

ورغم أن شحنات الفحم أو النفط قد تبدو عادية، يرى بيرن أنها تساهم في تغذية الطموحات العسكرية لكوريا الشمالية.

ويضيف في حديث لوكالة فرانس برس "أكان الأمر يتعلق بالعائدات من صادرات الفحم أو تزويد منصات إطلاق الصواريخ النفط المستورد، يرتبط التفاف كوريا الشمالية على العقوبات بشكل مباشر ببرنامجها للأسلحة النووية وصواريخها البالستية".

في حالات نادرة، يمكن للمحققين تفكيك شبكات التهريب من خلال تعقّب السفن التي تبحر نحو كوريا الشمالية.

غير أنهم يجدون أنفسهم في معظم الأحيان أمام مهمّة تحقيق في معاملات مالية معقّدة.

فبعض الشركات البحرية تُغلق لكن من "السهل جدًا فتح شركة جديدة وستجدون فيها الأشخاص أنفسهم"، حسبما يرى بيل نيوكومب الذي كان خبيرًا ماليًا في مجموعة العمل بمجلس الأمن الدولي حول كوريا الشمالية بين 2011 و2014.

خُدعوا

أكّدت ناطقة باسم السلطات البحرية في جزر بالاو أن خمس سفن مرتبطة بالتفاف حول العقوبات المفروضة على بيونغ يانغ بين 2017 و2022 حُذفت من سجلّاتها. وحذفت سفينتان أخريان من السجلّات قبل أن تُتهما بالتهريب.

وأضافت "دورنا كدائرة سجلات بحرية هو ضمان اجتياز السفن فحوص امتثال واضحة بناءً على مصادر ومعلومات متاحة".

وأقرّ مسؤولون في النقل البحري في نِيوي بأنهم سبق أن "خُدعوا" من قبل مهربين.

وقالوا "من المؤسف أن سجلّ السفن خُدع في حالتَي آني وآن هاي 6"، حتى لو "لم يكن هناك أي دليل على أن السفينتَين كانتا مرتبطتين بكوريا الشمالية خلال عملية التسجيل".

من جهتها، أكّدت جزر كوك أن ثلاث سفن خسرت علمها بين كانون الثاني/يناير 2020 ونيسان/أبريل 2021.

وقالت مديرة السجل البحري في جزر كوك موروا مامانو-ماتيسون لوكالة فرانس برس "تحترم جزر كوك عقوبات الأمم المتحدة، وكل سفينة متورطة في التفاف على العقوبات يُسحب منها علم جزر كوك".

وتشير سلطات جزر توفالو إلى أن المهربين الكوريين الشماليين يستخدمون "أساليب متقنة"، مؤكدة أن "نشاطات التهرب من العقوبات تؤثر على كل الأعلام".








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي