محاكمة ستة تلاميذ في فرنسا في قضية اغتيال المدرّس سامويل باتي عام 2020

ا ف ب - الأمة برس
2023-11-28

مراسم تكريم للأستاذ سامويل باتي في إرينيي سور واز شمال غرب باريس في 16 تشرين الأول/أكتوبر 2021 بمناسبة الذكرى الأولى لقتله بيد شيشاني إسلامي لعرضه رسوما للنبي على تلاميذة خلال درس حول حرية التعبير (ا ف ب)

باريس - بدأت الإثنين 27-11-2023 في باريس أول محاكمة في قضية اغتيال المدرّس سامويل باتي على يد جهادي في 2020 مع مثول ستة تلاميذ في جلسات مغلقة أمام محكمة الأحداث.

وستجري محاكمة ثانية أمام محكمة الجنايات الخاصة في باريس في نهاية 2024 ويمثل فيها ثمانية بالغين.

ووصل التلاميذ الستة إلى المحكمة وقد أخفوا وجوههم بمعاطفهم ودخلوا القاعة.

وقبلهم، دخل غرفة المحكمة أقارب سامويل باتي، بالإضافة إلى حوالى عشرة من زملاء الأستاذ السابقين، الذين يريدون أن يصبحوا طرفاً مدنياً في المحاكمة، على الرغم من معارضة مكتب النيابة العامّة الوطنية لمكافحة الإرهاب.

وبعد إجراء مناقشة، قرّرت المحكمة أنّها ستفصل في الأمر لاحقاً، سامحة للأساتذة بحضور المحاكمة المقرّرة حتى الثامن من كانون الأول/ديسمبر المقبل.

وقالت مدرّسة الأدب في المدرسة ذاتها أمام قاعة المحكمة، "إنه أمر مريح، لقد كنّا ننتظر هذا منذ ثلاث سنوات، لنسمع من طلابنا". وقالت مدرّسة أخرى وقد بدت متأثّرة بشكل واضح، إنّ سامويل باتي ترك أثره في "حياتنا اليومية، ونحن لا نعلّم اليوم كما في السابق على الإطلاق".

من جهته، قال وزير التعليم غابرييل أتال في اتصال مع وكالة فرانس برس، إنّ وزارة التعليم الوطني هي أيضاً طرف مدني في الدعوى، "لإعادة التأكيد بقوة على رغبتنا في الدفاع عن قيَم الجمهورية التي جسّدها سامويل باتي".

وأثار الاعتداء الذي وقع على خلفية خطر إرهابي مرتفع، صدمة هائلة في فرنسا والخارج.

ففي 16 تشرين الأول/أكتوبر 2020، قام اللاجئ الروسي من أصل شيشاني عبد الله أنزوروف بطعن مدرس التاريخ والجغرافيا البالغ 47 عاما عند وقوع الاعتداء، ثم قطع رأسه قرب المدرسة التي كان يعلم فيها في كونفلان سانت أونورين في منطقة باريس.

وكان المهاجم البالغ 18 عاما عند تنفيذه الاعتداء، يأخذ على باتي أنه عرض رسوما كاريكاتورية للنبي محمد خلال حصة دراسية حول حرية التعبير، وأعرب في رسالة صوتية بالروسية عن سروره لأنه "انتقم للنبي".

وعادت صدمة هذه الجريمة إلى الأذهان في منتصف تشرين الأول/أكتوبر عند اغتيال الأستاذ الجامعي دومينيك برنار في أراس بشمال فرنسا على يد شاب إسلامي متطرف.

وبدأت الإثنين محاكمة خمسة فتيان كانوا يبلغون 14 و15 عاما عند وقوع الاعتداء، بتهمة التآمر لارتكاب أعمال عنف مشددة. وهم متّهمون بمراقبة محيط المدرسة وإرشاد المهاجم إلى باتي لقاء مكافأة.

كذلك، تحاكم فتاة سادسة كانت تبلغ 13 عاما عند وقوع الأحداث، بتهمة الافتراء لتأكيدها أن باتي طلب من التلاميذ المسلمين الإعلان عن أنفسهم ومغادرة الصف قبل أن يعرض الرسوم، في حين لم تكن حاضرة خلال الحصة الدراسية.

وكانت هذه الكذبة خلف حملة عنيفة على شبكات التواصل الاجتماعي أجّجها والدها ابراهيم شنينة والناشط الإسلامي عبد الحكيم صفريوي الذي أعدّ مقاطع فيديو لفتت الانتباه الى الأستاذ.

وسيمثل الرجلان في المحاكمة الثانية في نهاية عام 2024، مع ستة بالغين آخرين.

تسلسل الأحداث

تترقب عائلة سامويل باتي هذه المحاكمة الأولى باعتبارها "جوهرية" لأن "دور القاصرين أساسي في تسلسل الأحداث الذي أفضى إلى اغتيال" المدرّس، كما قالت فيرجيني لو روا محامية عائلته وإحدى شقيقاته.

وكشف التحقيق كيف أطبق الفخ على باتي خلال عشرة أيام، انطلاقا من كذبة التلميذة الى الهجمات على مواقع التواصل لحين وصول المهاجم أمام المدرسة في 16 تشرين الأول/أكتوبر.

وقال عبد الله أنزوروف لأحد الفتيان "لدي ما أعرضه عليك"، وقدم له 300 يورو ليشير له إلى باتي، موضحا أنه يريد "تصويره وهو يعتذر".

وأفادت شهادات واردة في قرارات قضاة التحقيق التي اطلعت عليها وكالة فرانس برس أن التلميذ نقل الاقتراح "متفاخرا" إلى رفاقه، إذ "لم يشعر بأنه قادر على القيام بذلك وحده"، فانضم إليه أربعة تلاميذ آخرين.

وقام بعض التلاميذ بالتنقل بين المدرسة و"مخبأ" أنزوروف وبمراقبة المكان، كما صوروا أنفسهم حاملين الأوراق المالية.

وطلب المعتدي من أحدهم الاتصال بالفتاة التي أطلقت الكذبة، فأكدتها مجددا من غير أن تعرف أن أنزوروف كان يستمع إليها، على ما أفادت لاحقا.

وفي جلسات استماع انهاروا خلالها بالبكاء، اقسم التلاميذ على أنهم اعتقدوا أن المدرّس "سيُفضح على شبكات التواصل الاجتماعي" على الأكثر او سيتمّ ربما "إذلاله"، أو "ضربه"، لكن لم يتصوروا "أبدا" ان الأمر سيبلغ "حد الموت".

لدى مغادرتهم الصف، أشار التلاميذ للمهاجم الى سامويل باتي قائلين "ها هو"، فقتله قبيل الساعة 17,00.

وقال فرنسيس سبينر محامي رفيقة باتي السابقة وابنهما إن موكلته "ستوجه رسالة إلى رئيسة" المحكمة لكنها لن تحضر الجلسة.

ومن المرتقب أن تستمر المحاكمة حتى الثامن من كانون الأول/ديسمبر.

ويواجه الفتيان الذين هم اليوم تلاميذ في المدارس الثانوية، عقوبة السجن عامين ونصف عام. وقال ديلان سلامة محامي أحدهم "سيبقى هذا الولد طوال حياته ضالعا في هذه القضية".

ويعتزم نحو عشرة مدرسين من زملاء سامويل باتي الادعاء بالحق المدني عند افتتاح المحاكمة "دعما" لعائلة زميلهم، وفق ما أفاد محاميهم أنطوان كاسوبولو فيرو.

ورأت ميكايل باتي وهي شقيقة أخرى للمدرّس أن هذا "إجراء متأخر... لا تفهمه إطلاقا"، معتبرة أن "دعمهم لزميلهم لم يكن واضحا البتة"، بحسب ما أفاد محاميها لوي كاييه.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي