خيوط تقود إلى موسكو في سلسلة سرقات لكتب روسية قديمة من مكتبات في أوروبا الشرقية

ا ف ب - الأمة برس
2023-11-23

موظف يحمل نسخة مزيفة من الطبعة الأولى لكتاب من عام 1822 للكاتب ألكسندر بوشكين في مكتبة جامعة وارسو البولندية في 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2023 (ا ف ب)

تقود خيوط إلى موسكو في سلسلة سرقات لكتب كلاسيكية روسية نادرة تبلغ قيمتها أكثر من مليوني يورو من عدد من مكتبات أوروبا الشرقية.

في غضون عامين، نُهبت رفوف كتب أدب القرن التاسع عشر الروسي من مكتبات في بولندا ودول البلطيق، واستُبدِلت الأصلية منها بنسخ.

ولم تتنبه مكتبة جامعة وارسو إلا الشهر الفائت إلى السرقات التي شملت الطبعات الأولى لأعمال ألكسندر بوشكين ونيكولاي غوغول.

وأفاد موظف في الجامعة مطلع على القضية بأن قيمة الكتب المسروقة من وارسو تصل إلى "نحو مليون يورو".

 وقال الدبلوماسي السابق والخبير في السياسة الروسية والأستاذ في جامعة وارسو هيرونيم غرالا لوكالة فرانس برس إن "الأمر أشبه بتعرّض جواهر التاج للسرقة".

واللافت أن سرقة وارسو ليست حدثا معزولاً.

فقد تعرّضت مكتبات كبيرة في دول البلطيق الثلاثة للسطو أيضاً، وشكّلت أعمال أدب القرن التاسع عشر الروسي هدف اللصوص فيها كلها.

ولاحظ الخبراء أن خيوط هذه السرقات تقود إلى موسكو، حيث تم بيع أعمال مشابهة للكتب المسروقة في مزادات علنية.

عملية واسعة الحجم

واكتُشفت الحالة الأولى في نيسان/أبريل 2022 في مكتبة لاتفيا الوطنية،  حيث سرق اللصوص ثلاثة كتب. 

ودينَ رجل من التابعية الجورجية بالسرقة، وحُكم عليه بالسجن ستة أشهر.

وفي الشهر نفسه، حضر رجلان زعما أنهما يجريان بحثاً عن الرقابة والسياسة التحريرية في روسيا في مطلع القرن التاسع عشر إلى مكتبة تارتو الجامعية في إستونيا، بحجة دراسة أعمال بوشكين وغوغول.

وبعد أربعة أشهر، اكتشفت المكتبة أنهما وضعا نسخاً بدلاً من ثمانية كتب تقدر قيمتها الإجمالية بـ158 ألف يورو.

وفي شهر أيار/مايو، اختفى 17 كتاباً تبلغ قيمتها نحو 440 ألف يورو من مكتبة جامعة فيلنيوس في ليتوانيا. 

وقالت الناطقة باسم مكتب المدعي العام الليتواني غينتاريه فيتكاوسكايتي-ساتكاوسكيني لوكالة فرانس برس إن "نسخاً غير أصلية وُضعت مكان معظم الكتب المسروقة".

وأحصت مكتبة وارسو حتى الآن 79 كتاباً مفقوداً من مجموعتها المتعلقة بالأدب الروسي في القرن التاسع عشر.

وقال موظف في مكتبة الجامعة لوكالة فرانس برس طالباً عدم ذكر اسمه "هنا، نفذ اللصوص عملية واسعة الحجم".

وبين النسخ التي تركها اللصوص، والتي اطلعت عليها وكالة فرانس برس، قسم مقلّد بطريقة متقنة وآخر بطريقة سيئة.

ومع أن هذه الكتب لا تزال تُعدّ ضمن المجموعة، تباع النسخ الأصلية منها في موسكو.

وقال غرالا  إن "مذكرة مؤرخة في 22 كانون الأول/ديسمبر 2022 تؤكد أن الكتب في مكانها الصحيح" في وارسو، في حين أن أحدها "بيع خلال مزاد في موسكو في اليوم نفسه، في مقابل 30500 يورو".

انطلاقاً من روسيا

واطلعت وكالة فرانس برس على لقطات شاشة لمزادات في دار "ليتفوند" العاملة في موسكو وسان بطرسبورغ، تظهر كتبا تحمل أختام مجموعة من جامعة وارسو وأرقامها.

ورأى غرالا أن "من الواضح أن العملية برمتها نُظِّمت انطلاقاً من روسيا (...)".

وتواصلت وكالة فرانس برس مع دار "ليتفوند" للمزادات، لكنّ مديرها العام سيرغي بورميستروف لم يؤكد ولم ينفِ صراحة حدوث الاختلاس.

 واكتفى بالقول إن "دار +ليتفوند+ للمزادات تعمل في إطار القوانين المرعية الإجراء في الاتحاد الروسي، ولا تقبل بيع (...) الكتب التي تحمل طوابع مكتبات حكومية موجودة".

واعتبر غرالا أن هذه السرقات ليست مفاجأة ولا مجرد مصادفة.

وشرح لوكالة فرانس برس أن "العمليات الثلاث الأولى استهدفت دولاً يتهمها الروس بمحاربة اللغة والثقافة الروسيتين". وأضاف "لقد فهموا جيداً أن روسيكا (الأشياء المرتبطة بالثقافة الروسية) تحظى بحماية أقل صرامة (...)، ويمكن الوصول إليها بسهولة أكبر".

واسف غرالا لفقدان الكتب الروسية بعدما نجت سابقاً من انتفاضتين وطنيتين وحربين عالميتين على الأراضي البولندية.

 وروى أن "أمناء مكتبات جامعة وارسو بنوا سراً خلال الحرب سقفاً مزدوجاً لإخفاء الكتب، حتى لا تختفي أو تحترق (...) لكننا في هذه الحالة لم نتمكن من حمايتها من هذا النهب".








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي