وسيط عملي وموثوق : قطر مفاوض رئيسي في الإفراج عن الرهائن المحتجزين لدى حماس

أ ف ب - الأمة برس
2023-11-22

أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مستقبلاً وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا في القصر الأميري في الدوحة في 5نوفمبر2023 (أ ف ب)باريس - عزّزت قطر موقعها كوسيط متخصص في حل أزمات حساسة تشمل تبادل سجناء ومعتقلين، من خلال استخدام نفوذها للمساعدة في الإفراج عن الرهائن المحتجزين في قطاع غزة.
ويرى محللون أن قطر اعتمدت توازناً دقيقاً سمح لها بإقامة علاقات ودية مع القوى الغربية وكذلك الحفاظ على علاقات مع جماعات متطرفة ودول تنظر إليها الدول الغربية وحتّى الدول المقرّبة من قطر، بحذر.

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري لوكالة فرانس برس إن توصل إسرائيل وحماس إلى اتفاق بوساطة قطرية يجسد "ما يمكننا فعله وما لا يمكن لأحد غيرنا القيام به".

وتم التوصل إلى اتفاق فجر الأربعاء بين حركة حماس التي تحتجز نحو 240 شخصاً من اسرائيليين وأجانب كرهائن، واسرائيل. وساهمت قطر في التوسط فيه.

وأضاف الأنصاري "وجهنا كل جهود البلاد في هذا الاتجاه. وعدم نجاح الأمر، يعني الجحيم".

وأعرب المؤتمر اليهودي العالمي من خلال رئيسه في بيان عن "امتنانه العميق" لقطر "لدورها في الإفراج الوشيك" عن أول دفعة من الرهائن.

وبشأن جهود الوساطة، لفت حسني عبيدي مدير مركز الدراسات والأبحاث حول العالم العربي والمتوسط، ومقره جنيف، إلى أن قطر "تتمتع بميزة لا يتمتع بها المرشحون الآخرون للتفاوض إذ انها تستضيف القيادة السياسية لحركة حماس" في الدوحة منذ نحو عشر سنوات.

وأوضح أن القيادة السياسية للحركة هي "الجهة الوحيدة المخولة التفاوض باسم حماس وباسم كتائب عز الدين القسام"، الجناح العسكري للحركة الإسلامية الفلسطينية.

- "دولة تتحدّث إلى الجميع" -
وذكّر حسني عبيدي بأن الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني والد أمير قطر الحالي كان الزعيم الوحيد الذي زار غزة وذلك في العام 2012 بعد خمس سنوات من سيطرة حركة "حماس" على القطاع.

إلى ذلك تُقدّم الإمارة الغنية بالغاز دعمًا ماليًا مستمراً لغزة إذ تساهم منذ فترة طويلة في دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية في القطاع.

وعلى الرغم من أن مصر شكلت وسيطاً رئيسياً بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في السنوات الأخيرة، وفي حين لم تخف تركيا بقيادة الرئيس رجب طيب إردوغان رغبتها في لعب دور أيضاً، بدت قطر الدولة الأكثر قدرة على المساعدة في عودة الرهائن بشكل آمن.

وتُعتبر الدوحة حليفة رئيسية لحلف شمال الأطلسي وتحظى باحترام الولايات المتحدة الداعمة لإسرائيل.

وذكّرت أنييس لوفالوا، نائبة رئيس معهد أبحاث ودراسات المتوسط والشرق الأوسط بأن الدوحة "تضم أكبر قاعدة عسكرية أميركية في المنطقة".

وقامت قطر بنشاط دبلوماسي مكثف منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر عقب هجوم دامٍ شنته الحركة الإسلامية على اسرائيل وخلف أكثر من 1200 قتيل غالبيتهم من المدنيين، وفقاً للسلطات الاسرائيلية.

وكانت وساطة قطرية نجحت في الإفراج عن أربع رهائن هما أميركيتان في 20 تشرين الأول/أكتوبر وإسرائيليتان في 23 من الشهر نفسه.

واعتبر الباحث في مركز البحوث الدولية والخبير في قضايا الرهائن حول العالم إيتيان دينيا أن قطر "تخصصت في إطلاق سراح الرهائن"، وبالتالي تمكنت من جني فوائد تجاربها السابقة.

وقال "إنها الدولة التي تتحدث إلى الجميع، بما في ذلك +الذين يتم تجنّبهم+، ولديها شبكات جيدة".

وأشار حسني عبيدي إلى أن "قطر لا تجري وساطتها الأولى، وتراكم هذه الوساطات جعلها محاوراً أساسياً".

وساهمت الدوحة في أيلول/سبتمبر في إطلاق سراح أميركيين محتجزين في إيران، وسهلت إطلاق البلجيكي أوليفييه فانديكاستيل في أيار/مايو الماضي، والذي كان محتجزاً في طهران أيضاً.

وأدت قطر في العام 2013 دوراً في إطلاق سراح مدرّسة سويسرية اختطفت في اليمن عام 2013، وفي الإفراج عن رهائن في مالي في العام نفسه.

ومؤخراً، في 16 تشرين الأول/أكتوبر وبينما كانت كل الأنظار متجهة إلى غزة، أعلنت قطر أنها أعادت إلى أوكرانيا أطفالاً أوكرانيين كانت روسيا قد رحلتهم.

- وسيط "عملي" -
اعتبر إيتيان دينيا أن قطر وسيط "عملي بالنسبة للدول الغربية التي تجد نفسها اليوم في وضع غير مريح".

وأوضح "إذا تفاوضوا يتم اتهامهم بالرضوخ. وإذا رفضوا، يتم اتهامهم بعدم التعاطف مع مصير الرهائن".

وقال "نشهد إذاً لعبة تسمح لهم بالحفاظ على المظاهر مع السعي الى الحصول على إطلاق" رهائن. وتابع "يستفيد الجميع منها".

وذكر بأن قطر دعت في السابق حركة طالبان إلى فتح مكتب في الدوحة بموافقة الولايات المتحدة، ما أتاح التفاوض على انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان في العام 2021، وعودة طالبان إلى السلطة.

ورأى حسني العبيدي أن إطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس يعيد لقطر "شرعية دورها كدولة لا غنى عنها تقوم بـ+أعمال صعبة+" رغم الانتقادات التي تطال علاقاتها، في إشارة إلى واشنطن التي حذرت حليفتها الدوحة من أنه لم يعد من الممكن أن تُبقي "الوضع الراهن مع حماس".

ومع الأزمة في غزة، تمكنت قطر مرة أخرى من التميّز عن دول الخليج الأخرى وعلى رأسها المملكة العربية السعودية التي فرضت حصاراً عليها في العام 2017 مطالبة إياها بقطع علاقاتها مع حركة حماس والإخوان المسلمين ومع إيران.

وأكدت أنييس لافالوا أن "قطر دولة صغيرة جدًا، حاولت منذ تأسيسها إيجاد طريق خاص بها يسمح لها (...) بألا تكون موجودة بالكامل في الفلك السعودي".








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي