هآرتس هل يضطر "حزب الله" لفتح جبهة ثانية مع حماس؟  

2023-11-13

 

بعد 37 يوماً من القتال، التي تركزت على غزة وبدرجة أقل على لبنان، فإن المخاطرة في إساءة الحساب في الساحة الشمالية ارتفعت بشكل واضح (أ ف ب)

في الوقت الذي تجري فيه الحرب على القطاع في قلب مدينة غزة، سُجل أمس تصعيد آخر في القتال على الحدود مع لبنان. بادر “حزب الله” طوال اليوم للقيام بهجمات بوتيرة عالية، وجهت في البداية نحو قوات الجيش الإسرائيلي قرب الحدود، ونزلت بعد ذلك إلى الجنوب وشملت إطلاق الصواريخ نحو عكا ومنطقة الكريوت. رسمياً، رجال حماس في لبنان هم المسؤولون عن هذا الإطلاق، لكن من الواضح أن يد “حزب الله” توجههم من وراء الكواليس. “حزب الله” الشيعي يلعب الآن لعبة خطيرة قد تؤدي إلى فتح جبهة ثانية بشكل كامل.

بعد 37 يوماً من القتال، التي تركزت على غزة وبدرجة أقل على لبنان، فإن المخاطرة في إساءة الحساب في الساحة الشمالية ارتفعت بشكل واضح. والخوف أن إسرائيل لا تسيطر وبحق على الوتيرة وعلى شدة التصعيد. “حزب الله” يفهم أنه حر في إطلاق قذائف الهاون واستخدام عدد كبير ومتنوع من الوسائل مثل المسيرات الهجومية وصواريخ الكاتيوشا وصواريخ مضادة للدروع. بدأ هذا الأمر يجبي الثمن من الجيش الإسرائيلي في الوقت الذي تحرك فيه خط الجبهة بالتدريج نحو الجنوب.

ألقى رئيس الحزب حسن نصر الله، خطابه الثاني منذ بداية الحرب، ووزع تهديداته على إسرائيل، لكنه لم يظهر أي استعداد للدخول في حرب كاملة. وزير الدفاع غالنت، رد على هذه الأقوال بتهديد صريح لـ ”حزب الله” وسكان لبنان، وحذر من أنه إذا استمر “حزب الله” في هجماته فسيجد سكان بيروت أنفسهم في نفس وضع سكان غزة، الذين يتحركون في قوافل وهم يحملون الرايات البيضاء في محاولة للهرب من أضرار عمليات القصف الإسرائيلي.

حدث في الميدان أمر آخر، وهو قيام إسرائيل للمرة الأولى بقصف في عمق 40 كم داخل أراضي لبنان. كان الهدف منصة لإطلاق صواريخ أرض – جو إيرانية من نوع “اس.آي 67″، التي يحاول “حزب الله” بواسطتها إسقاط الطائرات المسيرة الإسرائيلية. يستغل الجيش الإسرائيلي التصعيد لإبعاد مكاره ستزعجه لاحقاً، سواء مواقع “قوة الرضوان” أو جزء من منظومات صواريخ “حزب الله” المضادة للطائرات والمضادة للدروع.

أصيب 22 مدنياً وجندياً إسرائيلياً جراء إطلاقات “حزب الله” أمس. وأصيب في الحادثة التي أطلقت فيها صواريخ مضادة للدروع، عمال في شركة الكهرباء جاءوا لإصلاح خلل في تزويد الكهرباء قرب “موشاف دوفيف” في الجليل الأعلى. بعد ذلك، أصيب جنود في منطقة المنارة وتم إطلاق الصواريخ نحو عكا والكريوت. لم يكن مصابون في الإطلاق الأخير. هاجم الجيش الإسرائيلي خلال اليوم عدة خلايا تم تشخيصها وهي تطلق النار نحو إسرائيل، لكن يمكن الافتراض أن رد إسرائيل لن ينتهي بذلك. إسرائيل، التي لا تبحث عن حرب مع “حزب الله”، ستفحص عما إذا كان بإمكانها استمرار ضبط النفس، أو هل هناك طريقة لمضاعفة ردها الهجومي دون الانجرار إلى مواجهة كاملة في جبهتين.

تبادل الرسائل العنيف هذا تشاهده الولايات المتحدة أيضاً، التي نشرت حضوراً عسكرياً كبيراً في البحر والخليج الفارسي. من المرجح أن إسرائيل ستحاول تنسيق الخطوات مع الإدارة الأمريكية. وحتى لو لم يعمل الجيش الإسرائيلي بكامل القوة ضد “حزب الله”، فإن مشكلة لبنان ما زالت مكانها.

 أخلت إسرائيل في السابق عشرات آلاف المواطنين الإسرائيليين من البلدات قرب الحدود. وستضطر الحكومة للعثور على طريقة لإعادتهم إلى بيوتهم بعد انتهاء القتال. في سيناريو متفائل، سيكون بالإمكان فعل ذلك بدون قتال، من خلال اتفاق سياسي مدعوم من الأمريكيين ويلزم رجال “حزب الله” بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 والانسحاب إلى المنطقة الواقعة شمال الليطاني. تصعب رؤية كيف يمكن تحقيق مثل هذا الاتفاق في هذه المرحلة، رغم قدوم المبعوثين الأمريكيين إلى المنطقة لمناقشة هذه الخطوة.

غزة واليوم التالي

في الجبهة الجنوبية يستمر ضغط الجيش على مركز مدينة غزة حول المنشآت الأمنية لحماس ومستشفى الشفاء. حتى أمس، حذر الجيش من الإطلاق قرب المستشفى وحافظ على مسافة تبلغ بضع مئات من الأمتار بعيداً عن المستشفى. حاولت إسرائيل نقل كمية من الوقود للمستشفى لأهداف صحية، لكن المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي قال إن حماس منعت نقل الوقود.

وسائل الإعلام الأمريكية والشرق أوسطية نشرت أمس عن تقدم في الاتصالات لعقد صفقة لتحرير المخطوفين، التي يمكن أن تشمل إطلاق سراح 80 – 100 من النساء والأطفال والمسنين الإسرائيليين، إلى جانب من لديهم جنسية أجنبية. في المقابل، يتوقع إطلاق سراح عدد مشابه من السجناء الفلسطينيين، إضافة إلى بضعة أيام من وقف إطلاق النار. وقالت مصادر سياسية للصحيفة إن الصفقة لم تتبلور بعد، لكن حسب أقوال هذه المصادر، هناك إجماع حول الواجب الأخلاقي الكبير من جانب الدولة تجاه المخطوفين، وإذا كان الأمر مرتبطاً بالقيادة، فسيتم التوصل إلى الصفقة.

تواصل الحكومة والجيش في هذه الأثناء تخريب الجهود السياسية الجارية في ظروف قاسية. الوزير آفي ديختر تحدث في “أخبار 12” عن نكبة 2023 التي ترتكبها إسرائيل في شمال القطاع، مع انتقال الفلسطينيين نحو الجنوب. تخرج من غزة كل يوم أفلام توثق القادة والجنود، وفيها أقوال مخيفة عن إعادة توطين منطقة “غوش قطيف”. ويخفق رئيس الحكومة ورئيس الأركان في إعادة النظام في هذا الشأن. ونتنياهو نفسه اضطر أن يوضح بأنه لا ينوي العودة إلى “غوش قطيف”.

يستمر رئيس الحكومة في حملة المقابلات التي يجريها مع وسائل الإعلام الأمريكية. يبدو أنه يخشى من الإعلام الإسرائيلي. استخلصت منه “سي.ان.ان” تصريحاً مدهشاً، وهو أنه لا يجب أن يسأل لماذا لا يستقيل عقب أحداث 7 تشرين الأول، قال، كما أنه لم يكن من الواجب سؤال الرئيس الأمريكي فرنكلين روزفلت لماذا لم يقدم استقالته بعد الهجوم الأمريكي على اليابان في بيرل هاربر في 1941.

هذا هو خط الدفاع الذي يظهره والذي لا ينوي نتنياهو تحمل مسؤوليته عن الفشل الفظيع. الجيش وأجهزة الاستخبارات فشلت، أما أنا فسأصلح ذلك؛ ستكون الحرب طويلة، ولا جدوى للبدء في إجراء التحقيقات الآن. هذا بالطبع مقارنة مخجلة. روزفلت، كما أشاروا من قبل، لم يسارع إلى التحدث علناً وإدانة الجنرالات الآخرين أثناء الحرب. والفشل ليس أمنياً فحسب. فقد قاد نتنياهو دولة إسرائيل في الـ 13 سنة من بين الـ 14 سنة الأخيرة، ضمن ذلك التسعة أشهر التي سبقت الكارثة، وهو الذي قاد الخط الفضائحي لتقوية حماس على حساب تبريد العلاقات مع السلطة الفلسطينية من خلال الخوف من فرض تنازلات سياسية في الضفة الغربية عليه.

محاولات عزل نتنياهو لن تكون سهلة، فهو لن يقدم استقالته بإرادته. يبدو أنه سيكون لعائلات المخطوفين ورجال الاحتياط الذين سيعودون من الجبهة دور رئيسي في ذلك.

 

 عاموس هرئيل

  هآرتس 13/11/2023








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي