ماكرون يواصل في أوزبكستان جولته في آسيا الوسطى

ا ف ب - الأمة برس
2023-11-02

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (يسار) بحانب رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف (يمين) في أستانا الأربعاء 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2023 (ا ف ب)

سمرقند - وصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى أوزبكستان مساء أمس الأربعاء 1-11-2023 بعد زيارة رسمية لكازاخستان، في إطار جولته التي تستغرق يومين في آسيا الوسطى، وهي منطقة يشهد فيها النفوذ الروسي تحديا.

ووصل ماكرون قرابة الساعة 20,45 بالتوقيت المحلي (15,45 ت غ) إلى مدينة سمرقند حيث استقبله نظيره شوكت ميرزيوييف.

ومن المقرر أن يجتمع الرجلان الخميس ليشاركا بعدها في منتدى الأعمال الفرنسي-الأوزبكي.

وفي وقت سابق في استانا، دعا الرئيس الفرنسي إلى تعزيز "الشراكة الاستراتيجية" مع هذا البلد الذي يمثل القوة الاقتصادية الأولى في آسيا الوسطى ويحاول تنويع شراكاته في سياق منافسة بين القوى الكبرى في المنطقة.

وأكد ماكرون "حيوية" العلاقة مع الجمهورية السوفياتية سابقا والغنية بالموارد الطبيعية، مشددا أيضا على "ضرورة استكمال وتسريع" هذه العلاقة.

وأشاد الرئيس الفرنسي بـ"رفض" كازاخستان سلوك "طريق التبعية خلف بعض القوى"، في حين أن كازاخستان حليفة لموسكو وقريبة من بكين.

وأوضح "لا أقلل من شأن الصعوبات الجيوسياسية، والضغوط... التي قد تتعرضون لها"، في إشارة إلى الحرب في أوكرانيا ومسألة "الالتفاف على العقوبات" المفروضة على موسكو، في وقت بات فيه النفوذ التقليدي لروسيا في آسيا الوسطى موضع تنافس من طرف الصين خصوصا، وكذلك الاتحاد الأوروبي وتركيا.

وعلى صعيد آخر، قال ماكرون إنه "يكره الجدل" الذي يفرق بين قيمة "حياة اليهود" و"حياة الفلسطينيين"، ودعا إلى "حماية المدنيين في غزة أولا" لأن "لا علاقة لهم بالهجمات الإرهابية" التي شنتها حماس ضد إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر.

وتابع "علينا استهداف الجماعات الإرهابية ومعاقبتها. لكنّ المدنيين ليسوا من يجب استهدافه".

من جهته أشاد الرئيس الكازخستاني قاسم جومارت توكاييف بالشراكة مع باريس قائلا "فرنسا هي شريكنا الرئيسي والموثوق في الاتحاد الأوروبي". وتعد كازاخستان أهم موردي اليورانيوم لفرنسا، المادة الأولية الأساسية للصناعة النووية.

وذكّر ماكرون "بالأهمية الكبرى" لتطوير "ممر وسط بحر قزوين" قصد "ربط أوروبا بآسيا الوسطى"، ومن شأنه أن يمثل بديلا للطرق اللوجستية الصينية والروسية في المنطقة. 

رادارات عسكرية

ويرافق ماكرون في هذه الزيارة وفد كبير من مسؤولي شركات فرنسية كبرى، بينهم الرؤساء المدراء العامون لشركة الكهرباء "أو دي إف" والمياه "سويز" واليورانيوم "أورانا". 

وهذه أول زيارة لرئيس فرنسي إلى كازاخستان منذ زيارة الرئيس الأسبق فرنسوا هولاند العام 2014. 

ووّقعت عقود عدة في قطاعات المعادن الاستراتيجية، ضمنها اتفاق للتعاون الجيولوجي، والصناعة والصيدلة والطاقة، بينها مشروع لبناء مزرعة للطاقة الريحية بشكل مشترك مع شركة توتال إنرجي الفرنسية، بالاضافة الى اتفاق لتشجيع اللغة الفرنسية في كازاخستان.

أما على المستوى العسكري فأعلنت الرئاسة الفرنسية تزويد كازاخستان رادرات عسكرية "خدمة لسيادته" من طراز "جي إم 40"، وسيتم تركيب أجزاء هذه الرادارات التي تصنعها شركة تاليس الفرنسية في كازاخستان.

ويرتبط الأخير بحلف عسكري مع روسيا وشريط حدودي على طول 7500 كيلومتر.

من جهته ذكّر وزير الطاقة الكازاخستاني بأن شركة "أو دي إف" الفرنسية هي من ضمن المرشحين لمشروع بناء أول محطة نووية في البلاد، في انتظار أن يتم تأكيد هذا المشروع بعد استفتاء يرتقب أن يجرى قبل نهاية العام.

وعموما، تعد فرنسا خامس مستثمر أجنبي في كازاخستان متقدمة على الصين، ويرجع الفضل في ذلك خصوصا إلى استثمارات شركة "توتال إنرجي" التي تستغل حقلا كبيرا في منطقة كاشاغان في بحر قزوين.

وارتفعت المبادلات التجارية بين البلدين إلى 5,3 مليارات دولار في العام 2022، أهمها في قطاع المحروقات. كما أن كازاخستان توفر 40 في المئة من حاجات فرنسا من اليورانيوم.

تحت أعين موسكو

كذلك تعد الجارة أوزبكستان من المزودين الرئيسيين لفرنسا باليورانيوم، فضلا عن توفرها على معادن حيوية تزخر بها المنطقة عموما. وستكون هذه المعادن، الضرورية للانتقال الطاقي، في صدارة المباحثات بين المسؤولين الفرنسيين والأوزبك.

وتستغل شركة "أورانا" الفرنسية المتخصصة في اليورانيوم منجما في كازاخستان وتريد مضاعفة حضورها في هذا البلد، علما أنه يوفر لوحده 43 في المئة من الإنتاج العالمي من هذه المادة، بحسب الجمعية النووية الدولية.

بعدما كانت آسيا الوسطى لفترة طويلة مجال نفوذ لروسيا تعد اليوم مجال موضوع تهافت بين القوى الكبرى، في وقت تركز فيه روسيا اهتمامها على حربها في أوكرانيا.

في نطاق هذا الصراع على النفوذ تحرز الصين تقدما، من خلال مشروعها الضخم للبنى التحتية المعروف ب"طريق الحرير الجديدة". لكن تركيا تبحث هي الأخرى عن موطئ قدم، مع زيارة رئيسها رجب طيب إردوغان أستانا الجمعة.

إزاء هذا الأقبال عليهما تراهن كل من كازاخستان وأوزبكستان على الانفتاح الاقتصادي ونهج دبلوماسية متوازنة لتأكيد حضورهما، ولو أن موسكو تبقى شريكا لا غنى عنه.

بغض النظر عن الانفتاح الاقتصادي وإرادة معلنة للانفتاح السياسي يبقى البلدان خاضعين لنظامين سلطويين حيث قمع التظاهرات غالبا ما يكون عنيفا.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي