هآرتس: مصير قطاع غزة سيحسم بين طهران وبيروت  

2023-10-17

 

بضغط من أمريكا، وافقت إسرائيل على استئناف تزويد المياه للقسم الجنوبي في القطاع، الذي تدفع إليه المواطنين (أ ف ب)كلما ازداد الانشغال بإمكانية الدخول البري للجيش الإسرائيلي إلى قطاع غزة تزداد أيضاً الحساسية على الحدود مع لبنان.

حزب الله انتقل إلى أسلوب القيام بسلسلة هجمات على الحدود في كل يوم، الأمر الذي استعد له الجيش الإسرائيلي في السابق “كايام قتال”، وهو يزيد هذه الجرعة كل يوم.

في الظروف العادية كان يمكن أن تدخل إسرائيل في معركة عسكرية كاملة في لبنان، لمواجهة هجمات حزب الله التي تشمل إطلاق الصواريخ المضادة للدبابات وقذائف المدفعية والصواريخ. أما في الوقت الحالي ترد إسرائيل بهجمات مدفعية وجوية على طول الحدود وتقوم بمطاردة خلايا تحاول التسلل. أمس قتل مواطن بإطلاق صاروخ مضاد للدروع على بيته في موشاف شتولة. وبعد ذلك قتل ضابط من الجيش الإسرائيلي بنار قذيفة مضادة للدروع أطلقها حزب الله قرب موقع نوريت على الحدود اللبنانية.

ويمكن افتراض أن سبب ضبط النفس الذي تبديه إسرائيل في هذه الاثناء هو الرغبة في التركيز على الحرب في غزة.

حزب الله يحاول ردع إسرائيل عن اتخاذ قرار الدخول البري الواسع إلى شمال القطاع بقوات كبيرة يمكن أن تتسبب بأضرار كبيرة جداً لشريكته حماس. في المقابل، لم حتى الآن عن حرب، حتى لو كانت مثل هذه الأقوال تسمع في قنوات الإعلام المقربة منه.

عملياً، حزب الله “يلعب بالمعادلة”، أي أنه يختار رداً مُركزاً على نشاطات إسرائيل في ردها على هجماته السابقة. أول أمس قتل لبنانيين بقذائف مدفعية إسرائيلية رداً على قصف بقذائف الهاون في مزارع شبعا. حزب الله أعلن عن رد موازٍ من ناحيته. لكن هذا ليس الوضع الأمثل على الإطلاق، وهو وضع هش جداً. وهناك احتمالية لا بأس بها لحدوث خلل في الحسابات، سيؤدي إلى حرب متعددة الجبهات بين إسرائيل وأعدائها، أي حرب إقليمية. ويبدو أن القرار النهائي سيتم اتخاذه في المحور بين قيادة إيران في طهران وبين حسن نصر الله في بيروت. إيران ستضطر إلى التقرير هل هي مستعدة لتعريض مشروعها الأساسي، حزب الله، في محاولة لإنقاذ حماس من ضرر كبير سيلحق بها. إضافة إلى ذلك يجب عليها الأخذ في الحسبان إمكانية التدهور إلى مواجهة عسكرية غير مباشرة.

هدوء وانتظار

على حدود قطاع غزة الجيش الإسرائيلي ما زال في حالة انتظار. هناك هجمات جوية كثيفة استهدفت المس بأهداف ستزعج القوات البرية أثناء التقدم البري في القطاع. هذه مرحلة طالت وإسرائيل تحاول الحذر من مظاهر المراوحة في المكان التي عرفتها العمليات في القطاع في السابق والتي انتهت على الأغلب بعمل محدود أو بدون دخول مطلق. الظروف هذه المرة مختلفة لأن هذه هي حرب حقيقية بدأت بموت نحو 1300 إسرائيلي ومئات المخطوفين والمفقودين الآخرين. الخسائر في الطرف الفلسطيني أعلى. في القطاع يتحدثون عن 2600 قتيل وأكثر، نصفهم تقريباً من المدنيين. وهناك أيضاً تقدير بأن هناك تقريبا ألف مخرب آخر شاركوا في الهجوم القاتل قد قتلوا، في اراضي إسرائيل أو في الجانب الغزي من الحدود.

إسرائيل تحاول إخلاء المنطقة التي تقع شمال وادي غزة من أكبر عدد من المدنيين. مئات آلاف الفلسطينيين غادروا، لكن يقال إن حماس تضع العقبات أمامهم، فقد تم تفجير عبوة ضد قافلة للاجئين كانت تتجه نحو الجنوب.

أمس، بضغط من أمريكا، وافقت إسرائيل على استئناف تزويد المياه للقسم الجنوبي في القطاع، الذي تدفع إليه المواطنين.

في نفس الوقت يستخدم ضغط دولي كبير على مصر من أجل فتح الحدود أمام اللاجئين كي يدخلوا إلى سيناء. نظام الجنرالات في مصر يكره حماس، لأنها جزء من حركة الإخوان المسلمين، لكن في الوضع المأساوي الذي نشأ حالياً لا أن نستبعد تماماً إمكانية أن يوافق عبد الفتاح السيسي على ذلك مقابل شطب الديون المصرية للمجتمع الدولي، مع الأخذ في الحسبان الوضع البائس للاقتصاد في مصر.

مسألة أخرى حاسمة تتعلق بالمخطوفين. وزير الخارجية الأمريكي قال بعد ظهر أمس بأن الولايات المتحدة تجري اتصالات مع دولة ثالثة (كما يبدو قطر) في محاولة للتوصل إلى صفقة سريعة لتبادل الأسرى. القصد هو صفقة في إطارها سيتم إطلاق سراح نساء وأطفال إسرائيليين اختطفوا مقابل نساء وقاصرين فلسطينيين مسجونين في إسرائيل باتهامات أمنية. وحسب علمنا، الحديث لا يدور عن إطلاق سراح قتلة.

ويبدو أنه يوجد لحماس مصلحة معينة في مثل هذه الصفقة بعد أن أدت المذبحة الفظيعة ضد المدنيين إلى صدمة دولية واضحة وإلى المقارنة بينها وبين داعش. قادة حماس يحاولون التنصل من ذلك بتبريرات مختلفة عن دورهم في القتل والاغتصاب والتنكيل بالمدنيين.

مع ذلك، حماس تتصرف منذ الهجوم وكأنها شنت حرباً شاملة ولا تُظهر علناً أي استعداد للتنازل. أيضاً إسرائيل اعلنت في السابق بأنها تنوي تدمير هذه المنظمة تماما في كل الحالات ولم تفعل.

أهداف العملية، كما عرضت بشكل عام على الجمهور، هي تدمير حكم حماس، وبصيغة أخرى تتحدث عن تجريدها من كل قدراتها العسكرية والتنظيمية.

هنا تطرح أسئلة أخرى مثل ماذا سيتم العمل بجنوب القطاع في حالة كهذه عندما سيدفع المدنيون إليه ومقاتلو حماس بالتأكيد سيختفون بينهم؟ وهل الدخول إلى غزة لن يشعل الحرب في الشمال؟.

الجيش الإسرائيلي لا يشرك المدنيين في خططه العسكرية وبحق.

إشارات تتعزز

سلاح الجو نشر أمس أفلاماً تُوثِّق الهجمات التي نفذها في الساعات الاولى في 7 تشرين الأول. الطائرات والمُسيَّرات تم إطلاقها من قواعد الوسط ووصلت إلى الحدود وأطلقت كل ما أمكنها أن تحمله من الصواريخ على قوافل سيارات الجيب والدراجات التي واصلت السير إلى داخل المستوطنات أو خرجت من الجدار المخترق. الطيارون عملوا مع تعريض حياتهم للخطر، ويبدو أنهم قد أصابوا مئات المخربين. بعد انتهاء كل طلعة هجومية عادوا للتزود ورجعوا إلى الجدار. المشكلة في هذه الهجمات التي تم توثيقها هي أنها وقعت بعد ثلاث ساعات تقريباً على بداية الهجوم. لقد مر وقت طويل جداً إلى أن أدركوا في هيئة الأركان ما الذي يحدث في المواقع وفي القيادات التي تم فصلها، في الوقت الذي كان فيه المخربون في ذروة حملة القتل في الكيبوتسات والبلدات المجاورة.

مع مرور الوقت بدأوا في نشر تفاصيل عن أحداث صباح يوم السبت (7 أكتوبر).

عندما لاحظوا في جهاز الأمن وجود “إشارات ضعيفة” عن نشاط معين لحماس، وقرروا بعد عدة مشاورات هاتفية أن لا يقوموا بأي خطوات هامة.

سلاح الجو لم يكن أبداً في صورة الوضع في المساء السابق. لو أنه كان هناك فقط مجموعتان، كل واحدة تتكون من أربع طائرات أباتشي في ذلك الوقت عندما اخترق المخربون الجدار لكانت الصورة ستكون مختلفة كلياً.

بعد وقوع الهجوم شاركت الطائرات المروحية في عمليات نقل القوات وإنقاذ المصابين. وحتى الساعة الثانية ظهراً نفذت عدة طلعات للإنقاذ من الخط الأمامي، أكثر مما نفذ في أي يوم في حرب لبنان الثانية.

في العقد الماضي تم بناء “ماكينة” كبيرة وناجعة في سلاح الجو لهجوم متزامن على الأهداف. هذه المنظومة تم اختبارها الآن في غزة، لكن اختبارها الحقيقي سيكون في مواجهة أكبر إذا اندلعت في لبنان.

في هذه الأثناء سلاح الجو منشغل جداً في تفعيل منظومة الدفاع الجوية في أرجاء البلاد. في الشمال إلى جانب إطلاق نار حقيقي سجلت إنذارات كاذبة كثيرة. هذا ينبع من الدمج بين منظومات تمت معايرتها في مستوى تشخيص بالحد الأقصى (أي حساسية أكبر لكل حركة)، ويقظة عالية في أوساط المُشغلين، وكذلك موسم الهجرة لأسراب الطيور الكبيرة التي هي أيضاً تميل إلى التشويش على عمل الرادارات.

بقلم: عاموس هرئيل

هآرتس – 16/10/2023









شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي