أربعون عاماً على تنظيمها والمسيرة التاريخية ضدّ العنصرية في فرنسا لا تزال حاضرة

ا ف ب - الأمة برس
2023-10-14

أثناء إقامة معرض في إطار الذكرى الـ40 لـ"المسيرة من أجل المساواة ومناهضة العنصرية" في متحف التاريخ في مرسيليا جنوب فرنسا، في 13 تشرين الأول/أكتوبر 2023 (ا ف ب)

باريس - في العام 1983، خرجت مسيرة تاريخية "ضدّ العنصرية ومن أجل المساواة في الحقوق" من مرسيليا (جنوب) إلى باريس حاملة آمال أبناء المهاجرين. وبعد مرور أربعين عاماً، لا يزال صدى غضب المحتجّين يتردّد في الأحياء الشعبية.

بعد انطلاق حوالى عشرة أشخاص سيراً من مرسيليا في 15 تشرين الأول/أكتوبر 1983، وصلوا إلى العاصمة في 3 كانون الأول/ديسمبر حيث استقبلهم حوالى 100 ألف شخص. كانت المرّة الأولى التي يتم خلالها تسليط الضوء على التمييز اليومي الذي يعيشه المهاجرون وأبناؤهم في فرنسا.

تقول حنيفة تاغلمنت (61 عاماً) إحدى المشاركات في المسيرة "كنّا على هامش المجتمع وفي حالة حرب، لأنّ حياتنا اليومية كانت عبارة عن رصاص ووفيات وتدقيق أمني بناءً على ملامح الوجه... كلّ ذلك وسط لامبالاة عامة".

كانت الهجمات العنصرية والاشتباكات مع الشرطة في الأحياء الشعبية منتشرة بكثرة في فرنسا في ثمانينات القرن الماضي، على خلفية التقدّم الذي حقّقته الجبهة الوطنية، وهي حزب يميني متطرّف أعيدت تسميته "التجمّع الوطني".

وتضيف تاغلمنت "كان هناك خياران متاحان أمامنا عادة: الغرق في الاكتئاب أو الكراهية"، مضيفة أنّ "البقاء معاً سمح لنا بالصمود. كانت هذه المسيرة ضدّ اليأس".

بعد عشرين عاماً، يقول عالم الاجتماع عبد العلي حجّة "كانت هذه المرة الأولى التي يسمعهم فيها جمهور وطني، وتجمعهم تعبئة عبر خطاب إيجابي".

تمييز

أحد الأسباب وراء انطلاق المسيرة كان مقتل الطفل توفيق وانس (9 سنوات)، في تموز/يوليو برصاص أحد جيرانه في لا كورنوف في منطقة باريس. ورغم أنّ طبيعة هذه الجريمة العنصرية بقيت موضع نقاش، إلّا أنّ الأحياء التي كانت تشعر بأنّ السلطات العامّة تخلّت عنها، كانت تشهد توترات اجتماعية متكرّرة.

واتخذ الأمر بعداً جديداً في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر 1983 عندما تعرّض سائح جزائري للضرب وأُلقي من قطار.

حتّى ذلك الوقت، كانت الشكوك قد بدأت تُثار لدى اليسار الموجود في السلطة، الذي بدأ يرسل مبعوثين في ظلّ معرفته بتطوّر هذه الحركة الاجتماعية.

واستقبل الرئيس الاشتراكي فرنسوا ميتران وفداً في باريس. ورغم أنّه رفض منح حقّ التصويت للأجانب في الانتخابات المحلية، إلّا أنّه وعد بإعطاء تصريح إقامة صالح لمدة عشر سنوات للمهاجرين والنظر في الجرائم العنصرية أمام المحاكم.

وتقول حنيفة تاغلمنت "نجحت هذه المسيرة في إظهار الجيل الثاني (من أبناء المهاجرين)، وعنف الشرطة والجرائم العنصرية".

الشرطة "مشكلة"

مع ذلك، أعرب نشطاء وأفراد خلال أمسية في مرسيليا الخميس، عن أسفهم لاستمرار بعض الصعوبات التي تمّ الاحتجاج ضدّها في العام 1983.

وفي هذا الإطار، تقول تاغلمنت "اليوم، ما زلنا نموت بسبب العنصرية وعنف الشرطة، وأيضاً بسبب الاتجار بالمخدرات. كما نرى أنّ الضحايا ما زالوا هم أنفسهم، من العرب والسود".

يندّد المتظاهرون السابقون باستمرار بـ"عنف الشرطة". ويقول فريد الهوا (65 عاماً) وهو متحدّث باسم مسيرة العام 1983 وناشط مناهض للعنصرية، إنّ "مقتل نائل (شاب يبلغ 17 عاماً قُتل برصاص شرطي في نانتير بالقرب من باريس في حزيران/يونيو) يُثبت أنه لا تزال هناك مشكلة في برنامج إنفاذ القانون الفرنسي".

أدّى مقتل هذا الشاب أثناء عملية تدقيق قرب باريس، إلى اندلاع احتجاجات وأعمال شغب لمدة خمس ليالٍ في البلاد، وصل صداها إلى خارج الحدود الفرنسية.

وتقول ماريلور ماهي (61 عاماً) وهي من المشاركين السابقين في المسيرة "بشكل عام، لم يتحسّن الوضع الاجتماعي للشباب في المدن".

وفقاً للمعهد الفرنسي للإحصاء (Insee)، وصل معدّل الفقر في العام 2020 إلى 42,6 في المئة في أحياء الضواحي الشعبية مقارنة بـ14,8 في المئة كمعدل في الأراضي الفرنسية.

ويُقام المعرض الأول المخصّص لقيَم هذه المسيرة حتى كانون الأول/ديسمبر في متحف التاريخ في مرسيليا. وستُنظم مناسبات وطنية أخرى إحياءً للذكرى في باريس وليون ومرسيليا، حيث ستتمّ إعادة تسمية أحد الشوارع "المسيرة من أجل المساواة ومناهضة العنصرية".








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي