يديعوت: سيناريوهات… هل خاطرت حماس بـ "كل الصندوق" في الحرب الجارية؟  

2023-10-12

 

كان تقدير القيادة السياسية والعسكرية أن حماس، في ظروف معينة، لم تكتف بإنجازات محدودة، وستحاول فتح معركة واسعة مثلما حاولت في “حارس الأسوار”(أ ف ب)إسرائيل اليوم في مرحلة الرد، ولا بد أن يأتي وقت التحقيقات في أحداث بدئها. سيكون المطلوب أجوبة على أسئلة قاسية: أين كان الإخطار الاستخباري ولمَ لم نستعد للدفاع عن البلدات؟ والمهم أن المطلوب هو فحص كيف لم تستطع المنظومة الإسرائيلية تشخص اتخاذ حماس لقرار استراتيجي في الوقت المناسب، بالانتقال من جولات الاستنزاف إلى تفعيل كامل لقوتها حتى نقطة النهاية.

منذ “الجرف الصامد” في 2014، في جولات عديدة من الاحتكاك مع منظمات الإرهاب في غزة، كانت استراتيجية حماس جباية ثمن من إسرائيل واستنزاف الجبهة الداخلية، وفي نهاية الأمر الوصول إلى وقف نار يترجم إلى ترسيخ قوتها في القطاع. حملة “حارس الأسوار” في أيار 2021 كانت جولة القتال الأخيرة حيال حماس، والتي خرجت منها بضرر واضح في قدراتها العسكرية، لكن مع وعي بأنها قادرة على ضرب الجبهة الإسرائيلية الداخلية حين تريد وتحرك ساحات عمل أخرى داخل البلاد.

في أثناء كل هذه الفترة، كانت سياسة حكومات إسرائيل تعزيز قدرات الدفاع لدينا، ومنع أزمة إنسانية في القطاع، والامتناع عن حرب شاملة حيال حماس. لم توهم أي من الحكومات وقادة جهاز الأمن أنفسهم في أن هذه السياسة هي الحل لمشكلة حماس. في مداولات عديدة داخل الكابينت شاركتُ فيها وتلك التي قدتها بصفتي مستشاراً للأمن القومي، كان واضحاً بأن هذه السياسة تبقي حماس صاحبة السيادة في غزة في ظل تقليص ضرر للمواطنين الإسرائيليين (أساسًا بفضل قدرات الدفاع) وتسمح بتوجيه الانتباه اللازم لتهديدات أكبر، وعلى رأسها إيران ونواياها للتموضع في الساحة الشمالية.

كان تقدير القيادة السياسية والعسكرية أن حماس، في ظروف معينة، لم تكتف بإنجازات محدودة، وستحاول فتح معركة واسعة مثلما حاولت في “حارس الأسوار”، لكن في الوقت نفسه، كانت القيادة السياسية والعسكرية تعرف بأن عملاً مهماً لتفكيك عموم البنى التحتية العسكرية لحماس وإزالة التهديد على الجبهة الداخلية يستوجب دخولاً برياً سيوقع ضحايا عديدة لقواتنا.

أما الآن، فقد قررت حماس تغيير خططها. وفضلت استخدام كل الوسائل التي تحت تصرفها لتمس بأكبر عدد ممكن من المواطنين الإسرائيليين مع أخذها بالحسبان أنه عمل ستتلقى عليه ضربة لم تشهدها. عملية حماس الأخيرة هي من ناحيتها خطوة على كل الصندوق، فيما أنها تتخلى عملياً عن دورها كمسؤول عن الجمهور الفلسطيني في القطاع وتستعد لحرب ربما تؤدي إلى تفكيك حكمها.

فلماذا فعلت حماس هذا؟ إذا اختارت حماس اللعب على كل الصندوق والمخاطرة باستمرار وجودها، فهذا دليل على أن سلوكها العادي يعرضها لخطر أكبر. بصمات التأثير الإيراني على العملية تشير إلى أن إيران تدرك بأنها إذا لم تشعل الساحة فستدفع ثمناً باهظاً، في شكل تقدم التطبيع مع السعودية. لقد أعلنت إيران بأنها ستعمل على إحباط هذه المسيرة، واستخدام حماس لهذا الغرض حل محل أو سبق الحاجة لاستخدام “حزب الله”. ثمة احتمال كبير بأن يكون هذا ما رأيناه هنا. تفعيل إيراني لحماس حتى بثمن دخول إسرائيلي إلى القطاع وتفكيك حماس وتأخير إضافة “حزب الله” حتى اللحظة المناسبة.

لكن هناك عنصراً إضافياً غيّر الصورة لدى حماس، وهو فهمها بأن إسرائيل أضعف مما كانت عليه، وأن الفرصة سانحة للنجاح في مفاجأتها. لقد قدرت حماس بأن إسرائيل في وضعها الحالي لن تكون في كامل يقظتها الاستخبارية وأهليتها العملياتية. لعلها أيضاً فكرت بأن حكومة إسرائيل لن تتمكن في وضعها الحالي من الرد بكل قوتها وستحظى بإنجاز غير مسبوق دون المخاطرة بتفكيكها.

ماذا الآن؟ اختارت حماس عملية وحشية وغير مسبوقة بوعي جلي، ويتعين على حكومة إسرائيل الآن أيضاً العمل بما يتناسب مع ذلك وبوعي جلي. الأجوبة التي كنا اعتدنا على رؤيتها في جولات الماضي ليست ملائمة للواقع الحالي. المطلوب الآن حسم واضح من حكومة إسرائيل. لا مفر لنا. هذه الحرب يجب أن تنتهي بتفكيك حماس، لإعادة كل المخطوفين وبإيجاد حكم فلسطيني مدني آخر في غزة. بعمل حماس الإجرامي، فقدت بعضاً من الإسناد الدولي الذي حظيت به، وحتى العالم العربي يفهم بأن إبقاءها في الحكم في غزة يشكل سابقة تعرض استقرار باقي دول المنطقة للخطر. على دولة إسرائيل أن تستخدم الجيش الإسرائيلي حيال قيادة حماس وبناها التحتية العسكرية والسلطوية، وتعد نفسها لإمكانية انضمام “حزب الله” إلى المعركة. بالتوازي، ينبغي تفعيل الأسرة الدولية والعالم العربي الذي ينفر من حماس وإيجاد بديل مدني يأخذ في يديه إدارة القطاع بدلاً منها.

يال حولتا

يديعوت أحرونوت 12/10/2023









شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي