أزمة في قطاع العقارات الألماني  

أ ف ب-الامة برس
2023-09-25

 

 

مشروع سكني في برلين معلق في 18 ايلول/سبتمبر 2023 (أ ف ب)   برلين: عندما وقع عقدا لشراء شقة مؤلفة من ثلاث غرف في مبنى سيتم بناؤه في أحد أحياء برلين الراقية، ظن فاليري شيفتشينكو أنه اتم صفقة العمر، لكن بعد عامين بدد التوقف المفاجئ لاعمال البناء أحلامه.

أعلنت شركة "بروجكت اموبيلين" التي كانت تتولى عملية البناء افلاسها الصيف الماضي متأثرة بأزمة العقارات التي تهز ألمانيا منذ أشهر، مما ترك مئات المشترين في قلق وحيرة من أمرهم

وقال رب الاسرة البالغ من العمر 33 عاما لوكالة فرانس برس أمام واجهة خرسانية بلا نوافذ "تمت إزالة الرافعات ومعدات العمال. كل شيء".

مع أسعار الفائدة المرتفعة التي تزيد من كلفة الاقتراض وتراجع الطلب والارتفاع الكبير في أسعار مواد البناء، ازدادت حالات إفلاس الشركات خلال عام في قطاع البناء في ألمانيا، مما أدى إلى توقف العمل في عدد من المشاريع.

ودعا المستشار الألماني أولاف شولتس الاثنين المتخصصين في قطاع البناء في برلين، ليعرض أمامهم خطة واسعة النطاق تهدف إلى إعادة تحريك ورش البناء في حين تعاني البلاد من نقص كبير في المساكن.

وتشمل الخطة، زيادة القروض العامة للعائلات، واعفاءات تنظيمية وضريبية للمطورين العقاريين، والإفراج عن أموال للإسكان الاجتماعي، فضلا عن دعم حكومي لتحويل مبانٍ تضم مكاتب إلى مساكن.

- 250 الف يورو -

لسنوات استفاد القطاع من معدلات فائدة منخفضة جراء السياسة النقدية السخية للبنك المركزي الأوروبي، وتضاعفت مشاريع البناء في المدن الألمانية الكبرى.

لكن البنك المركزي الأوروبي اضطر إلى رفع أسعار الفائدة بشكل كبير لمكافحة التضخم، مما أدى إلى تراجع الطلب على الائتمان وأسعار العقارات المعروضة للبيع وربحية المشاريع.

يشهد سوق العقارات تباطؤا في جميع أنحاء أوروبا. لكن ألمانيا هي الاكثر تضررا مع تراجع أسعار العقارات على أساس سنوي بنسبة 6,8% في الربع الأول من عام 2023، مقارنة بزيادة طفيفة بنسبة 0,4% في منطقة اليورو بأكملها.

في الوقت نفسه، يواجه المطورون ارتفاع كلفة مواد البناء الناتج عن جائحة كورونا ومن ثم الحرب في أوكرانيا.

وفي النتيجة، "لم يعد المستثمرون يعرفون كيف يمكن جني الارباح من بعض المشاريع"، بحسب ما أكد تيم أوليفر مولر رئيس اتحاد البناء الألماني لفرانس برس. 

واعلنت واحدة من كل خمس شركات عقارية الغاء مشاريع بناء في آب/أغسطس، بينما يواجه 11,9% منها صعوبات تمويلية، وفقا لدراسة حديثة أجراها معهد "اي اف او" للابحاث الاقتصادية.

في برلين دفع الزبائن الذين اشتروا شققا في مبنى بروجكت اموبيلين الواقع في حي برينزلاور برغ المركزي، نصف قيمتها مسبقا.

يقول شيفتشينكو "لست غنيا. أموالي هي ثمرة عملي وأدفع الفوائد على قرض لا أستفيد منه حتى" موضحا أنه دفع 250 ألف يورو.

لم تقم الشركة بابرام عقد تأمين ولا حتى من قبل الزبائن، والأمل الوحيد بالنسبة لهم هو العثور على جهة تتولى إنهاء المشروع أو... أن ينهوه بأنفسهم.

تقول مارينا برخارشوك البالغة من العمر 39 عاما وهي تبكي "لم أكن أتصور على الاطلاق أن شيئا كهذا يمكن أن يحدث في ألمانيا".

وقد دفعت 175 ألف يورو لشراء شقة مساحتها 45 مترا مربعا في هذا المبنى.

تضيف الموظفة في شركة لوجستية التي تتحدر من بيلاروس "لقد وضعت كل مدخراتي في هذا الاستثمار".

- قنبلة اجتماعية -

وشدّد المستشار أولاف شولتس الاثنين خلال مؤتمر صحافي على أنه "يجب بناء المزيد من المساكن ذات الأسعار المعقولة في ألمانيا حتى يتمكن أولئك الذين يبحثون عن شقق من العثور على واحدة".

تشكل هذه الأزمة ضربة قاسية لحكومة شولتس الذي وعد عندما وصل إلى السلطة نهاية عام 2021، ببناء 400 ألف وحدة سكنية سنويا.

لكن الأمر بعيد كل البعد عن ذلك، إذ يتوقع القطاع أن يصل بصعوبة إلى تأمين 250 ألف شقة هذا العام وحتى أقل من 200 ألف في عام 2024.

لكن الحاجات ضخمة وتفاقمت في السنوات الاخيرة بسبب استقبال العديد من اللاجئين والعمال الأجانب في بلد يفتقر إلى اليد العاملة.

وهو وضع قد يتحول إلى قنبلة اجتماعية في الوقت الذي يؤدي فيه نقص العرض إلى ارتفاع حاد في الإيجارات. في ألمانيا نصف السكان لا يملكون منزلا.

وسيؤثر هذا الامر اكثر على القدرة الشرائية للأسر التي تراجعت اصلا بسبب التضخم الذي لا يزال يتجاوز 6% في البلاد.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي