بوليتكو: اتفاق الاتحاد الأوروبي مع تونس لمكافحة الهجرة غير قانوني وخطير ولا أخلاقي  

2023-09-21

 

ما يثير القلق أكثر هو أن هذا الاتفاق وقع بدون أن يتضمن شروطاً لحقوق الإنسان (ا ف ب)نشر موقع مجلة “بوليتكو”، النسخة الأوروبية، مقالاً لمديرة مكتب المؤسسات الأوروبية في “أمنستي انترناشونال”، إيف جيدي، قالت فيه إن الاتحاد الأوروبي، يكرر في تونس نفس الأخطاء القديمة والخطيرة.

وعلقت بأن اتفاق الكتلة الأوروبية مع تونس لمكافحة الهجرة  هو مثال واحد عن السياسة اللا أخلاقية، والخطيرة، وغير القانونية على الأرجح.

 وبدأت بالقول: “في الوقت الذي كان فيه “فريق أوروبا” يصافح الرئيس التونسي قيس سعيد، في تموز/ يوليو، علق مئات اللاجئين على حدود البلد الصحراوية مع ليبيا، بعدما اعتقلتهم قوات الأمن وتركتهم هناك بدون أي منفذ للماء والطعام أو المأوى”.

وأشار زعيم حزب الشعوب الأوروبية مانفريد ويبر إلى التقارير هذه، بما فيها عدة وفيات قرب الحدود، بأنها “بعض أفلام الفيديو من الصحراء، أو شيء ما”.

وكان القادة الأوروبيون في تونس لتوقيع مذكرة تفاهم تهدف للحد من الهجرة باتجاه أوروبا، ومقابل هذا عرضوا على تونس 105 مليون يورو لـ “إدارة الحدود”، وحوالي مليار يورو كقروض، ودعم مالي إضافي، بهدف المساعدة في تخفيف الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي تواجه البلد. ومع مناقشة الأوروبيين والتونسيين كيفية تطبيق الصفقة، كان ثمنها الإنساني واضحاً للعيان.

ومع حرف أوروبا نظرها عن قمع حقوق الإنسان المتزايد في البلد، يدفع الناس في تونس، بمن فيهم طالبو اللجوء السياسي واللاجئون، وغيرهم من المهاجرين الثمن الباهظ. وهذا مدعاة لأن يغير القادة الأوروربيون وقادة الاتحاد الأوروبي مسارهم. فبعد التوصل للاتفاق، واصلت السلطات التونسية نقل المهاجرين بالإكراه نحو الحدود مع ليبيا، حيث تركوا وهم بحاجة ماسة للمساعدة الإنسانية، فيما تحدث الإعلام الدولي عن عدة وفيات.

 وبشكل صادم، لم يشجب قادة الاتحاد الأوروبي، بعد هذه الانتهاكات. وبدلاً من ذلك، التزمت المفوضية الأوروبية التعاون مع السلطات التونسية من أجل منع اللاجئين وغيرهم من المهاجرين الوصول إلى أوروبا، مع معرفة قادتها أن عمل هذا لن يزيد من الانتهاكات نفسها، وضع طالبي اللجوء واللاجئين وغيرهم من المهاجرين في أوضاع مسيئة والمساهمة في مظاهر العداء التي يواجهونها في تونس.

 وما يثير القلق أكثر هو أن هذا الاتفاق وقع بدون أن يتضمن شروطاً لحقوق الإنسان، وبدون تقييم أو مراقبة لأثره على حقوق الإنسان، وبدون آلية لتعليق التعاون حالة حدوث انتهاكات.

وأعلنت أمينة المظالم الأوروبية، في الأسبوع الماضي، عن طلب توضيحات من المفوضية، وكيفية التأكد من احترام تونس لحقوق الإنسان. وتعلق جيدي بأن الاتحاد الأوروبي لم يتعلم، على ما يبدو، من التعاون مع ليبيا، حيث دعمت الكتلة الأوروبية قوات الأمن الليبية بطريقة جعلتها متواطئة في بنية الانتهاكات ضد المهاجرين واللاجئين، بما في ذلك التعذيب والتغييب القسري والقتل خارج القانون والاعتقال التعسفي.

ووجد تحقيق أجرتْه الأمم المتحدة، قبل فترة، أن هذه قد تصل إلى حد جرائم ضد الإنسانية. وتقول: “الاتفاقيات الهادفة لاحتواء الناس في دول غير أوروبية لا تنقذ الأرواح، ولا تخفف من اعتماد الناس على الطرق غير المنظمة، بل ويجبر الناس الذين يبحثون عن طريق لاتخاذ مسارات خطيرة جداً، ولتجنّب اعتراض السلطات لهم، في وقت يتربح المهربون من اللاجئين وغيرهم من المهاجرين الذين يعتمدون على خدماتهم”، بل وأكثر من هذا، فإن “اتفاقيات كهذه لا تعمل أي شيء لحل المشاكل التي تدفع الناس للهجرة، بالمقام الأول، وبحثاً عن الأمن والأمان، والتي تستمر مهما كان الوضع. وكان من المخيب أن تؤكد رئيسة المفوضية الأووبية، أورسلا فاندر لين، في خطة النقاط العشر لجزيرة لامبيدوزا، على صفقة تونس”.

إضافة إلى هذا، فإن اتفاق الاتحاد الأوروبي مع تونس يحمل مخاطر إضفاء الشرعية على سعيد وهجومه على حكم القانون وقمعه المتزايد للمعارضين. والتزم القادة الأوروبيون، في الفترة التي سبقت الاتفاق على ما قام به الرئيس التونسي من تفكيك كل مؤسسات الرقابة على المؤسسة التنفيذية تقريباً، وأصدر مراسيم حدَّ فيها من حرية التعبير، ومنح لنفسه سلطة على القضاء. وعرضت السلطات التونسية عدداً من المعارضين والصحافيين والمحامين والقضاة لتحقيقات جنائية تعسفية وإجراءات مقيدة أو سجنهم. ومنع البلد دخول نواب في البرلمان الأوروبي كانوا في زيارة رسمية للبلد، ومن بينهم منير الساطوري ومايكل غاهلر. ونظر لمنعهم من الدخول على أنه انتقام.

وتقول الكاتبة إن تونس كانت مرة قصة نجاح للربيع العربي، ومركزاً للمدافعين عن حقوق الإنسان، إلا أنها اليوم تحت خطر الالتحاق بمصر، التي حوّلها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى سجن مفتوح، وأفقرَ ملايين المصريين.

والتزم قادة أوروبا الصمت عندما مارس السيسي القمع ضد المهاجرين، وأغلق طرقهم باتجاه أوروبا، مُجبراً الآلاف منهم على السير باتجاه الطريق القاتل نحو ليبيا.

 وأخيراً، فقد قررت المفوضية التفاوض على مذكرة التفاهم سراً، لأنها كانت تعرف أن الاتفاق سيزيد من مخاطر انتهاكات حقوق الإنسان ضد المهاجرين واللاجئين. وجرت المفاوضات بدون تمحيص من البرلمان الأوروبي والبرلمانات الوطنية، وبدون دول لمنظمات المجتمع المدني. وفي غياب الشفافية فإن شرعية سياسات الهجرة للاتحاد الأوروبي تقل. وحتى لا يكون الاتحاد الأوروبي متواطئاً في انتهاكات حقوق الإنسان والقمع، فيجب أن يكون تعامله مع شركائه في مواجهة الهجرة مرتبطاً بشروط صارمة لحقوق الإنسان وتقييمات الأثر والمراقبة.

و “نحن بحاجة لنهج متوازن يوسع وبشكل هادف مسارات الهجرة الآمنة، ويركز الحماية لا احتواء الناس”. ولم يتم شمل أي من الشروط في الاتفاق مع تونس، ولهذا يجب تعليق مذكرة التفاهم، وعلى الاتحاد الأوروبي دعم القضاء المستقل والإعلام الحر والمجتمع المدني النشط في البلد.

إن منطق التفويض الخارجي، والذي تعتبر تونس واحدة من أمثلته، غير أخلاقي بشكل عميق وخطير وغير قانوني على الأرجح. ولم يفت الوقت على قادة الاتحاد الأوروبي لكي يتراجعوا عن طريقهم والتعلّم من الاتفاقيات التي جلبت معاناة كبيرة.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي