
عُلا الفارس
نايل، الذي تصدرت صوره فضاء الإعلام، غُدر برصاص الشرطة الفرنسية، ليشاهد العالم انتفاضة اشتعلت في الضواحي الباريسية الفقيرة والمهمشة لتعم باقي المدن الفرنسية.
انتفضت الجموع غضبا لنايل جزائريون ومغاربة، عرب وأفارقة، في ردة فعل عنيفة ضد تنميط عنصري، كما يسميه الغاضبون في فرنسا.
لم يكن الأمر مجرد رد فعل عادي ضد مقتل شاب لم يكن الأول ولا الأخير في سلسلة تجاوزات حفل بها سجل فرنسا على صعيد الحقوق والحريات.
باريس التي باتت مطالبة ببذل المزيد من الجهود لمحاربة مجموعة من السلوكيات والظواهر المنافية لروح حقوق الإنسان تقف بحرج أمام المجتمع الدولي اليوم، كيف لا؟ والتاريخ شاهدٌ والأيام لا تنسي أولئك الذين فقدوا أحبتهم أو مورس عليهم الظلم شيئا من ممارسات نظام جعلهم آخر أولياته، فهم المهاجرون المنحدرون من أصول عربية وأفريقية.
هم ليسوا مخربين لو نظر عاقل الى جانب آخر من روايتهم فهم المعبرون. نعم المعبرون عن غضبهم الشديد وعن تراكمات عده.
بعضهم أي العاطلين دقوا أبواب سوق العمل الفرنسي ولا مجيب، هؤلاء من عانوا شبح البطالة وما تسبب لهم من تراكمات نفسية واجتماعية، إضافة إلى تعزيز شعورهم بعدم الانتماء.
المعهد الفرنسي على سبيل المثال كشف عن دراسة عام 2020 أشارت الى التمييز الذي يعيشه المهاجرون والفرنسيون ذوو أصول مغاربية من حاملي شهادة الكفاءة المهنية إلى شهادة الباكالوريا ممن أتموا دراساتهم وعملوا في فرنسا.
إذ تؤكد الدارسة أن هؤلاء الفرنسيين من أصول مغاربية يتعرضون لتمييز من ثلاثة أبعاد، على عكس الباحثين عن العمل الآخرين ممن ليست لديهم هذه الخلفية.
ومن هنا نضع أمام أعيننا واحدة من أسباب عدة أوجدها النظام ضد نفسه، ناهيك عن الفصل العنصري ضد المسلمين كرفض الحجاب ومنعه والتنمر والإساءات المتكررة لنبي الله سيدنا محمد وغيرها من مجتمع ونظام يشد أزره على فرنسيين من أصول مغاربية.
فما كان نايل إلا شرارة فوق مصنع متجدد لكل ما هو قابل ٌ للاشتعال.
ليست هذه هي الوقائع الوحيدة، إذ في شهر رمضان أعلن الاتحاد الفرنسي لكرة القدم عدم السماح بفترة راحة خلال المباريات المسائية لتمكين اللاعبين المسلمين من الإفطار خلال الشهر الكريم.
الغريب أن تتساءل الدولة الفرنسية، لماذا كل هذا الغضب على حادث لا يمثل سوى فرد من الشرطة لا نظاما بأكمله؟!
والأغرب أن تستعين بجدة المغدور في لقاءات متلفزة طالبة منها تهدئة الجالية المغاربية! ألا يكفيها حزنها وصدمتها وهي من تبحث عمن يجعلها تستفيق من كابوس فقدان حفيدها الوحيدة، واقفة أمام أمه المكلومة تذرف الدموع، بعد أن فقدت حفيدها وابنها أمامها، والحزن يغمرها وهي على قيد الحياة؟!
استعانة بائسة في توقيت قاتل، ينم عن حالة من الاستغباء يعيشها هذا النظام. فالمغاربة أو المهاجرون الغاضبون، كما يسميهم، يحتاجون الى صوت عاقل ينتزع حقوقهم من جسد الدولة الفرنسية، لا استغلال جراح المكلومين لتخديرهم.
إعلامية أردنية فلسطينية