كشفت عملية الحدود المصرية الفلسطينية عن إخفاقات أمنية عسكرية للاحتلال جعلت الجبهة الجنوبية تعود إلى الواجهة مجددا بعد سنوات طويلة من الهدوء الأمني، الأمر الذي دفع أوساطا إسرائيلية لاعتبار ما حصل في هذه العملية خطأ جسيما، في ظل وجود جدار حدودي كلف مليارات الشواكل لمنع المتسللين من دخول الأراضي المحتلة، والمساعدة على وقف الهجمات الفدائية.
أريئيل كهانا المحلل السياسي لصحيفة إسرائيل اليوم، قال إن "الدرس المستفاد من عملية الحدود المصرية يتمثل في أنه رغم التعاون الأمني والسياسي بين القاهرة وتل أبيب، فإن كراهية الشعب المصري لإسرائيل لا تزال كما هي، رغم أن اتفاقية السلام مستقرة، وبعد 45 عامًا من اتفاقيات كامب ديفيد، فلا يبدو أن السلام مع مصر محل تساؤل، ورغم الاختلافات في روايتهما عن العملية، فسيكون مدهشا للغاية أن يتبين أنها تعكس منعطفًا في السياسة المصرية".
وأضاف في مقال له، أن "هذه العملية ليست الأولى من نوعها، وربما ليست الأخيرة، ورغم أن الجندي المصري ربما تصرف بمفرده، فإن الدرس الأول المستخلص من هذه الحادثة غير العادية، أن وجود اتفاقيات سلام لا يعني تراجع العداء تجاه اليهود، لا في مصر ولا مكان آخر، وهذا يعلمنا أننا لا نستطيع أن نكتفي بما حققناه، حتى عندما يكون هناك إطار اتفاق يعمل على استقرار البيئة الاستراتيجية، بعبارة أخرى لن يتم ضمان أمن إسرائيل إلا من خلال قوتها الأمنية، وليس الاتفاقات السياسية".
وأشار إلى أن "الهجوم على الحدود المصرية تذكير بالتحديات الحقيقية التي تواجهها دولة الاحتلال، ورغم وجود تعاون مثمر بين الأجهزة الأمنية الإسرائيلية مع مصر والأردن، فإن الكراهية تجاه إسرائيل لا تزال مشتعلة بين الشعبين المصري والأردني. ورغم أن هذا لا يبدو محتملًا في الوقت الحالي، فيجب ألا نستبعد من جدول الأعمال سيناريو تتم فيه ترجمة هذه المشاعر المعادية إلى سياسة عملية، ما يتطلب من إسرائيل الاستعداد لأصعب السيناريوهات، لأنه الدرس الحاد الذي تعلمته بثمن باهظ من هذه العملية".
يوآف ليمور المحلل العسكري بصحيفة إسرائيل اليوم، أكد أن "عملية إطلاق النار على الحدود أكدت أن هذه المنطقة خادعة، فظاهريًا هي حدود هادئة، لكنها في الواقع ساحة معركة معقدة، حيث تعيش تهديدات عديدة في وقت واحد، صحيح أن هناك بالفعل كيانًا صديقًا على الجانب الآخر من الحدود، لكن ما وراءه توجد منظمات معادية نشطة قد تشن هجمات في أي لحظة، وبجانبها مجموعة عناصر تكسب رزقها من التهريب واستخدام العنف لنقل البضائع عبر الحدود".
وأضاف في مقال له، أن "التقدير الأولي أن من أطلق النار على الجنود كانوا مهربين محبطين، لكن ما تلا أتى بخلاف هذا الاستنتاج، وتبين أن مجرد عبور الجندي المصري للحدود خطأ فادح، حيث يوجد سياج بتكلفة مليارات لمنع المتسللين من دخول إسرائيل، وساعد لاحقًا بوقف الهجمات المسلحة والتهريب، وهو سياج بارتفاع 5- 7 أمتار بإجراءات مادية وتكنولوجية تمنع عبوره؛ وإذا علم الجيش أن هناك ثغرة في السياج، ولم يتم إغلاقها، أو مراقبتها، فهذه مشكلة، أما إذا لم يعلم بها، فهذه مشكلة صعبة بنفس القدر".
وأكد أنه "في الوقت الذي تطالب فيه إسرائيل المصريين بإجراء فحص لخلفية الجندي منفذ الهجوم، فإننا أمام ضربة قاسية ومؤلمة لإسرائيل، لأن الهجوم أتى من جهة يفترض أن تكون شريكة وصديقة، رغم أننا لسنا أمام أول حادث، وفي هذه الحالة يتوقع تعاون جنود آخرين معه، أو غضوا الطرف عنه، ربما لأن الجنود المتمركزين في الجانب المصري من الحدود ذوي مستويات دنيا، نتيجة إصرار إسرائيل على تجنب تمركز جنود مصريين في سيناء لتقليل المخاطر على أمنها".