
مرت أربعة أشهر منذ اشتعل الاحتجاج ضد الانقلاب النظامي. فيها خرج مئات آلاف الناس من بيوتهم، أسبوعاً إثر أسبوع، وأعلنوا: “حتى هنا”. كل شيء مفتوح للنقاش، لكن في إطار قواعد اللعب. تغيير القواعد ليس جزءاً من النقاش، ولا يمكن أن يكون كذلك: هذه هي التصفية العملية للديمقراطية الإسرائيلية. صحيح أن حكومة إسرائيل وفرت مع الوقت مزيداً من الأسباب العديدة للإحباط وللغضب، وعلى رأسها الميزانيات الضخمة التي حولت إلى الحريديم و”الصهيونية الدينية”، وكذا مسألة التجميد وغلاء المعيشة، ولكن على الرغم من أن المسائل الأخرى تثير الغيظ هي الأخرى فعلينا ألا ننسى بأن تحطيم جهاز القضاء هو مفتاح الحكومة لتمرير كل هذه القوانين والميزانيات بطريقة سائبة وعديمة الرقابة القضائية.
هذا الأسبوع ضرب مثال على ذلك دون خجل؛ فبعد أن طلب النائب مئير باروش من “يهدوت هتوراة” أن يحولوا له “ماله” – مصروف جيب من ربع مليار شيكل – جاء وزير المالية بتسلئيل سموتريتش وشرح بأن المال لم يحول بسبب “وجود لاعبي فيتو، لعدم إقرار الإصلاح القضائي”. بكلمات أخرى، الهدف الحقيقي لـ “الإصلاح” هو السماح بالسلب والتمييز دون أن تتمكن محكمة العدل العليا من منع ذلك.
كما أن الحوار في مقر الرئيس بما في ذلك التقارير عن التوافقات المتوقعة، لا يجب أن تمس بدافع المحتجين وبشدة الاحتجاج. فرواد الانقلاب أنفسهم يعترفون بأن “الإصلاح” لا يزال على جدول الأعمال. وقد كتب سكرتير الحكومة يوسي فوكس بصراحة يقول إن الحكومة ستعين مندوبين للجنة انتخاب القضاة، سواء مع توافقات أم بدونها؛ وقال رئيس لجنة الدستور سمحا روتمن من “الصهيونية الدينية” إنه حتى لو لم تكن توافقات “فسندفع قدماً في كل حال بما اختاره الجمهور”، وأضاف بأنه “بدون إصلاح جهاز القضاء لن ينجح الائتلاف في البقاء على قيد الحياة”. ونقل عن وزير العدل يريف نفسه قوله إن “لحظة الحسم في الإصلاح هي فور إقرار الميزانية… يجب العودة لتشريع شيء ما من الإصلاح في هذه الدورة”.
محظور الاستسلام لصرف الانتباه ولوابل الأحابيل الإعلامية من حكومة بنيامين نتنياهو. على الاحتجاج أن يستمر بل ويتعاظم. الهدف ليس تأخير الانقلاب النظامي، بل شطب تام “للإصلاح” والحفاظ على استقلالية جهاز القضاء.
أسرة التحرير
هآرتس 19/5/2023