هآرتس: هل يستطيع نتنياهو “تنويم المعارضة” لتمرير "الانقلاب" وإرضاء شركائه؟

2023-05-14

 بنيامين نتنياهو (أ ف ب)

للمرة الأولى منذ بدء المظاهرات الاحتجاجية ضد الانقلاب النظامي الذي تقوده حكومة نتنياهو، والمظاهرة الرئيسية في شارع كابلن في تل أبيب التي تجري في كل منتهى سبت والتي ألغيت بسبب الوضع الأمني، أعلن منظمو الاحتجاج أن قرارهم ينبع من التصعيد ومن الخوف على سلامة المتظاهرين، وأنه من المتوقع استئناف الاحتجاج في الأسبوع القادم طبقاً للتطورات الأمنية. مع ذلك، فإن جزءاً من النشطاء المشاركين في الاحتجاج ينوون القيام بمظاهرات صغيرة ومسيرات حول شارع كابلن، ومن المتوقع القيام باحتجاجات في بؤر مختلفة في شمال البلاد.

وقف المظاهرات قد يضعف الزخم الذي جعل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يعلق سن قوانين الانقلاب النظامي أو أن يفسر وبصورة غير صحيحة كخمود للاحتجاج. المحادثات التي تجري في مقر رئيس الدولة بين ممثل الائتلاف والمعارضة، يتواصل عقدها، والخوف أن تستهدف تنويم معارضي الانقلاب، وتمكين الحكومة من الوصول، فوراً بعد المصادقة على مصادقة الدولة في نهاية أيار، مع المزيد من القوى للدفع قدماً بقوانين الانقلاب.

استطلاعان اقتصاديان نشرهما هذا الأسبوع صندوق النقد الدولي وشركة التصنيف S&P لا يتركان مجالاً للشك في هذا الشأن: إذا تم تمرير الانقلاب النظامي دون موافقة واسعة، فسيتعاظم الاستقطاب. في غضون ذلك، فإن هذا الانقلاب سيضر بالاقتصاد. S&P تركت التصنيف الائتماني لإسرائيل بدون تغيير، ولم تخفض تنبؤ التصنيف استناداً إلى تقدير أنه سيتم التوصل إلى تسوية، ولكنها خفضت توقع النمو لإسرائيل إلى 1.5 في المئة فقط هذا العام، الأمر الذي يعكس نمواً سلبياً للفرد (الزيادة الطبيعية هي 2 في المئة).

في الاستطلاع الذي نشرته في الليلة ما بين الجمعة والسبت، كتبت شركة التصنيف: “احتجاجات شعبية واسعة ضد الإصلاح القضائي الذي طرحه الائتلاف، استمرت في إسرائيل رغم تجميد التغييرات إلى حين استكمال المفاوضات بين الحكومة والمعارضة. السيناريو الأساسي لنا يفترض أنه سيتم التوصل إلى اتفاق ما يمكّن من تخفيف التوتر السياسي المتزايد. نشهد أن عدم اليقين السياسي الحالي باندماجه مع الأداءات الاقتصادية الضعيفة من قبل الشركات التجارية الرئيسية لإسرائيل في أوروبا والولايات المتحدة، ستؤدي إلى إبطاء النمو في اقتصاد إسرائيل إلى 1.5 في المئة في 2023 من الـ 6.5 في المئة في سنة 2022.

المخاطر المحلية ستحسم

قرار S&P بإعادة المصادقة على التصنيف والتنبؤ وعدم تغييرها ينبع من خصائص قوية مثل اقتصاد متنوع، وميزان مدفوعات قوي ومستوى دين عام معتدل. وهذه قد تخفض التصنيف في حالة أن مخاطر سياسية محلية تصاعدت بحدة وأثرت بصورة سيئة على المؤشرات الاقتصادية، والمالية، وميزان المدفوعات. بالمقابل، إذا قلت المخاطر بدرجة كبيرة فربما ترفع التصنيف.

بالنسبة للإصلاح القضائي، تتوقع شركة التصنيف أن عدم اليقين السياسي الداخلي سيظل متزايداً خلال الشهور القليلة القريبة القادمة إذا ما استمرت الاحتجاجات الشعبية ضد التغييرات القضائية محل الخلاف. في الأسابيع الأخيرة، مارس رئيس الحكومة نتنياهو ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر ضغوطاً عل شركات التصنيف الائتماني بألا تخفض التصنيف بذريعة أنهم يسعون للتوصل إلى تسوية.

رسم اقتصاديو الشركة عدداً من السيناريوهات المحتملة، وأشاروا إلى أن احتمالية سيناريو تمرير الإصلاح بصيغته الأصلية آخذ في التضاؤل. في محادثات مع نتنياهو وديرمر، ربما تولد لديهم انطباع بأن الإصلاح بأي حال من الأحوال لن يمر بدون الموافقة، ولهذا أبقوا التصنيف على حاله. وأشاروا إلى أن تعليقاً تاماً للإصلاح لن تقبله الأحزاب الأكثر يمينية في الائتلاف وربما يؤدي إلى حل الحكومة.

الخوف على اقتصاد إسرائيل عقب الانقلاب النظامي برز أيضاً في الاستطلاع الذي نشره صندوق النقد الدولي عن اقتصاد إسرائيل في الأسبوع الماضي. قال الصندوق بأنه إذا واصل الانقلاب النظامي الذي تدفع به الحكومة قدماً إذكاء النفوس في إسرائيل، فقد يمس بالنمو على المدى الطويل. “الانقلاب النظامي” يقول اقتصاديو الصندوق، خلق عدم يقين بكل ما يتعلق بالمسار الذي يسير فيه اقتصاد إسرائيل. ولكي يتم تقليل انعدام اليقين، فمطلوب “حل قابل للحياة من ناحية سياسية، ثم توصيله بوضوح، ويفهم بصورة جيدة في إسرائيل وخارجها”.

الضرر بدأ يحدث

الاستطلاعات الاقتصادية تعطي إشارات للائتلاف بأن كل إصلاح لا يحظى بدعم واسع من المعارضة ومن حركة الاحتجاج وتسبب بضرر للاقتصاد، هو ضرر بدأ يحدث. وهذا سيقلل مساحة المناورة أمام نتنياهو ما بين شركائه في الائتلاف ووزير العدل يريف ليفين الذين يريدون تحكماً بتعيين قضاة ومستشارين قانونيين، وبين المعارضة والاحتجاج الذين لن يسمحوا بذلك بأي حال من الأحوال. إن مد القرار على طول شهور طويلة سوف يجبي أثماناً باهظة.

اقتصاديو S&P يكتبون: “على الرغم من أننا نتوقع من أن تتبدد التوترات، وأن يمس عدم اليقين بالنمو على المدى القريب، ورغم الصعوبة في تقدير كمية التأثير بدقة، فلربما يؤدي هذا التأثير إلى تأجيل استثمارات محلية وأجنبية على حد سواء، في حالة أن شركات محلية ومستثمرين من الخارج سيؤجلون قرارات الاستثمار”.

المشاركون في المحادثات في مقر رئيس الدولة، يمنحون احتمالية منخفضة للتوصل لتفاهمات في التوقيت الحالي، ولهذا ليس واضحاً من أين تستقي S&P تقديرها بتبدد التوترات. هل هذا وعدٌ أعطاه لها نتنياهو؟ هل هذه رسالة ما بخصوص استعداده لمواجهة شركائه في الائتلاف أم أنه فهم شركائه بعدم وجود تسوية تبقي للائتلاف سيطرة أو تحكماً مطلقاً بتعيين قضاة؟ يصعب معرفة ما وعد به وما الإشارات التي أعطاها نتنياهو، ولكن من الواضح جداً ما هي الرسالة الموجهة لحركة الاحتجاج والمعارضة. والنتيجة النهائية مرتبطة بدرجة كبيرة باستعدادهم لمواصلة النضال.

سامي بيرتس

هآرتس 14/5/2023







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي