
عبد الجواد العوفير
لا تمنح برتقالة
يقولُ الجُنيدُ*:
لا تمنح بهلولا برتقالة،
البهلول يدعو عليك.
لكنني هذا الصباح
أطعمت السماء من يدي،
منحت للعابرين النظرة كلها
كيف ألقط كل هذا، وأهرب؟
*الجُنيدُ: متصوف بغدادي*
٭ ٭ ٭
سمكة في حوض
نفكر في خلق الحقيقة
نخلق أولا طائرا بلا اسم،
شارعا صغيرا في ضاحية ما،
جنديا صغيرا نمنحه النبوة،
وعشبا خفيفا نتمشى فوقه فَرحَين.
لكن ألا يكفي ان ننظر بحب
لسمكة صغيرة في حوض؟
٭ ٭ ٭
أنظر عميقا
أَنظر لزهرة أقحوان تتفتح،
لسنونو ينقر مطرا قديما،
لفتاة تستقل حافلة و شعرها يطير،
لسماء تنحني كعجوز علينا بلا قبل،
لرجل يمشي كأنه يحلق لأنه نسي حبيبته في مكان ما.
أنظر لكل هذا الجمال
وأطلب من الله
عيونا كثيرة.
أمشي إلى البيت من ممر الشمال،
في قدمي بقايا مطر
وحيدا، وأعمى.
٭ ٭ ٭
كتاب الظلمة
قرأت كتابا عن الظلمة
لكنني لا أتذكر كاتبه
و لا أين؟!
أمد يدي إلى هذه الظلمة،
كما يمد غريق يده لغريق،
أتقاسم معها العشاء،
كما يتقاسم الأصدقاء الفرح.
أصغي لموسيقى هذه الظلمة،
أتلمس وجهها، و أضحك كطفل.
قرأت الظلمة كلها.
دخلت الظلمة كلها.
٭ ٭ ٭
كماسوترا
أغسل جسدي،
في نهر كاماسوترا العظيم.
يبحثون عني في أعمدة البيت،
في ضوء المصابيح،
في الهواء،
في اللاشيء،
في تفاصيل البيت،
أغسل جسدي،
في نهر كاماسوترا.
أرى غزالة،
ترتمي في النهر،
و لا تعود.
أغسل جسدي.
لا شي هنا يطير،
لا شيء هنا يحط.
٭ ٭ ٭
يدُ البحر
أسمع صوت البحر،
لكن لاتوجد في العلية،
إلا كتب قديمة،
و عصافير ميتة!
أسمع غناء البحر،
لكن لا توجد في العلية،
إلا أغنيتك الميتة.
أسمع خطوات البحر،
يقترب مني في النوم،
لكن لا يوجد إلا صوتك،
يؤرجح هذا النوم لينام.
أسمع صوت البحر،
أرى يده في يدي،
لكن لا توجد إلا يدك تلمس يدي،
في هذا الحلم العميق.
أسمع همس البحر،
العلية تفيض،
بالعصافير والأغنيات الميتة.
شاعر ومترجم مغربي