
ليست "يونايتد يوكرينيان باليه" (United Ukrainian Ballet) مجرّد فرقة أوكرانية للرقص، بل هي بالأحرى "بعثة دبلوماسية"، إذ أن المجموعة المؤلفة من راقصين غادروا بلدهم بسبب العزو الروسي، والتي تحيي حفلات هذا الأسبوع في واشنطن، تعتزم إبراز ثقافتها الوطنية للعالم.
بعد حوالى عام على اندلاع الحرب، قدّمت الفرقة مساء الأربعاء باليه "جيزيل" على خشبة مركز كينيدي العريق. وقد صفق الجمهور المتحمس وقوفاً لدقائق طويلة للراقصين الذين وضعوا اليد على القلب عند أداء النشيد الوطني الأوكراني في نهاية العرض الأول، حاملين علم بلادهم.
وقالت يوليا كوزميتش البالغة 27 عاما والتي انضمت إلى الفرقة بعدما كانت راقصة في أوبرا كييف، لوكالة فرانس برس إن "الاستمرار في الرقص رغم الحرب هو شكل من أشكال القتال".
وتتخذ فرقة "الباليه الأوكراني المتحد" من لاهاي الهولندية مقراً، وتضم عشرات الفنانين المحترفين من مختلف أنحاء أوكرانيا اضطروا لمغادرة بلادهم بسبب الحرب.
وتروي الراقصة النجمة الهولندية إيغون دي يونغ القائمة على المبادرة، أن "الأمر كله بدأ بفكرة بسيطة واستحال أمراً عظيما".
وتوضح لوكالة فرانس برس أن المهمة كانت تتركز في بادئ الأمر على توفير مكان آمن للراقصين وتمكينهم من الاستمرار في الرقص. لكن هذه الفرقة تشكّل في رأيها "الطريقة الفضلى للحفاظ على الثقافة الأوكرانية حية وبارزة".
- قتال ثقافي -
ويلاحظ مصمم الرقصات الشهير أليكسي راتمانسكي وهو يضع على سترته دبوساً على شكل العلم الأوكراني، أن الراقصين وجدوا أنفسهم في البداية في المكان نفسه "بسبب ظروف مأسوية"، لكنهم "يتحوّلون شيئاً فشيئاً إلى فرقة لأنّ ثمة جامعاً مشتركاً بينهم هو إيمانهم بأنهم يمثلون بلدهم".
ويرى الفنان الذي عمل مع فرقة بولشوي في موسكو، أن هؤلاء الراقصين الأوكرانيين "يمثلون ثقافة بلدهم وليسوا عسكريين. إنهم فنانون (...) ويقاتلون في مجالهم".
واقتصرت عضوية الفرقة في البداية على الراقصات، وفقاً لمصمم الرقصات، إذ يُفترض بالرجال في سن القتال الحصول على إذن خاص لمغادرة أوكرانيا. لكن وزارة الثقافة الأوكرانية "التي اعتبرت هذا المشروع رسالة ثقافية مهمة للعالم"، وافقت في نهاية المطاف على إصدار تصاريح للراقصين.
وهكذا تمكن أوليكسي كنيازكوف البالغ 30 عاماً، والذي كان من راقصي فرقة دار الأوبرا الوطنية في خاركيف، من الانتقال إلى هولندا، بعدما كان، عندما حصل الغزو، يستعد للمشاركة في عرض "روميو وجولييت".
ويروي كينازكوف لوكالة فرانس برس قبل المشاركة في التمارين لعرض "جيزيل" الثاني في واشنطن أن الحصول على اذن بالمغادرة في تموز/يوليو الفائت "لم يكن سهلاً".
ومذّاك، بات كينازكوف ينظر إلى مشاركته في "يونايتد يوكرينيان باليه" على أنه نوعاً ما مشاركة في "بعثة دبلوماسية".
ويقول "عروضنا مهمة لأننا نتواصل مع الناس العاديين. نحن نوحد مشاعر الأوكرانيين والأميركيين ومواطني بلدان أخرى".
أما سفيتلانا أونيبكو (27 عاماً)، وهي راقصة من مدينة كييف انضمت إلى فرقة الباليه في لاهاي في أيلول/سبتمبر، فتقول "نحن جميعاً نناضل من أجل حرية أوكرانيا، ونفعل ذلك من خلال الفن".
ولوح بعض المتفرجين في مركز كينيدي مساء الأربعاء بأعلام أوكرانيا، بينما ارتدى آخرون شالات أوكرانية ذات ألوان زاهية.
ودوى التصفيق عندما هتفت شابة من الجمهور قائلة "سلافا أوكرايني!" أي "المجد لأوكرانيا".