

بروكسل - اقر وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي الاثنين 26-7-2010 حزمة عقوبات مشددة ضد ايران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل تستهدف خصوصا قطاعها الغازي والنفطي كما صرح مصدر دبلوماسي.
واوضح هذا المصدر ان "بند العقوبات على ايران اقر" من قبل الوزراء المجتمعين في بروكسل. ومن المقرر ان يبدا سريان معظم هذه العقوبات اعتبارا من الثلاثاء مع نشرها في الجريدة الرسمية للاتحاد الاوروبي.
وتستهدف اوروبا خصوصا بهذه العقوبات قطاعي الغاز والنفط. وتحظر اي استثمار جديد او مساعدة فنية او نقل للتكنولوجيا وخاصة في مجال تكرير النفط وتسييل الغاز.
كما يراد لهذه العقوبات ان تحد كثيرا من نطاق عمل قطاع نقل البضائع الايراني سواء بحرا او جوا. وتجعل ايضا المبادلات التجارية اكثر صعوبة مع حظر نشاط عدد متزايد من البنوك الايرانية وتوسيع قائمة الاشخاص الممنوع حصولهم على تاشيرات وخاصة عناصر الحرس الثوري.
ولكن ليس هناك من يتوقع توقف تجارة النفط كليا نظرا لان الارباح الكبيرة والحاجة للطاقة تدفع للابتكار.
وفي اعقاب العقوبات الأميركية كثر الحديث في اسواق النفط عن تراجع واردات ايران من البنزين وزيادة تكلفته وشكوك بشأن دفع قيمة صادرات الخام باليورو والدولار في ظل النظام الجديد.
واعتادت ايران خامس اكبر دولة مصدرة للنفط في العالم ان تجد سبيلا.
وقال محمد علي خطيبي مندوب ايران لدى اوبك في مقابلة هاتفية "النقطة ان العقوبات ليست جديدة. الشكل مختلف. يمكننا الاستمرار".
وقالت كاثرين اشتون مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي "لدينا مجموعة شاملة من العقوبات".
وتوقع محللون ان تتعثر الواردات من المنتجات المكررة التي تعوض نقص طاقة التكرير المحلية في ايران على المدى القصير فيما تسعى ايران لتفادي العقوبات الجديدة ويحاول العالم فهم التفسير الذي ينطوي على تعقيدات.
وعلى المدى الطويل من المستبعد ان تكون العقوبات الجديدة محكمة تماما. ويشير المحللون ايضا الى ان صناعة النفط الايرانية لديها نقاط قوة ولكن يمكنها الاستفادة من مساعدة شركات عالمية.
وقال كولن لوثيان من وود ماكينزي للاستشارات "دون أي شك ثمة تأثير (للعقوبات) ولكن هل تمثل العقوبات كارثة؟ الاجابة: لا".
وتابع "صناعة النفط الايرانية قطاع يمتلك قدرة كبيرة. غير انه ربما لن يحقق ابدا الاهداف التي يتطلع اليها دون مساعدة واستثمار من شركات التنقيب والانتاج العالمية".
ويعتبر كثيرون المناخ في ايران صعبا جدا دون عائد يذكر. وتكافح البلاد لوقف نسبة التراجع بين 8 و10 في المئة في حقول قديمة وعانت جميع المشروعات تقريبا من تأخير.
ولسنوات حامت الشكوك بشأن المستقبل على المدى الطويل وادت الاجراءات الاخيرة لتفاقم الوضع.
وينبغي زيادة طاقة انتاج النفط والغاز وطاقة التكرير المحلية لتلبية الطلب المحلي واتاحة كميات من الخام للتصدير.
والامدادات جيدة في الاسواق العالمية منذ ان سقط العالم في براثن حالة من الكساد قلصت الطلب وهو ما يعني أن الجميع يمكنه أن يتعامل بهدوء مع اي توقف للخام الايراني ولكن ليس لوقت طويل.
واكتسبت الصين التي تضع نصب عينيها احتياجاتها الضخمة من الطاقة في المستقبل سمعة بتدخلها في المناطق المنتجة للنفط التي تتحاشاها دول اخرى.
ومن المتوقع ان تواصل الصين وهي عميل رئيسي للخام الايراني ومورد للمنتجات المكررة لايران وشريكة بأحد المشروعات عملها بشكل طبيعي مهما كانت المصاعب.
وقال لوثيان "ستحاول (الصين) الاحتفاظ بتواجد والعمل في اطار قيود العقوبات".
كما ان القوى الصديقة الاخرى مهتمة بمواصلة مشاركتها رغم تبنيها نبرة حذرة.
وحالت روسيا والصين دون فرض الامم المتحدة عقوبات اكثر صرامة تستهدف النفط على غرار تلك التي يتخذها الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة. وسعت لتهدئة مخاوف ايران بالحديث عن التعاون في مجال الطاقة. وفي الوقت ذاته حثت موسكو ايران على توضيح "المكونات العسكرية" لبرنامجها النووي.
وقد تكون روسيا قلقة بشكل خاص من المخاطرة بعلاقاتها مع الزبائن الاوروبيين. ولكن صاحبة اكبر احتياطي عالمي من النفط لديها مصلحة ايضا في الحفاظ على صلتها بايران التي تمتلك ثاني اكبر احتياطي من الغاز على مستوى العالم والتي يحتمل أن تمد خط انابيب نابوكو بالغاز وهو أكبر مشروع اوروبي للحد من الاعتماد على امدادات الغاز الروسية.
كما ترتبط تركيا بعلاقات قوية مع ايران في قطاع الغاز بوصفها سوق تصدير الغاز الوحيد.
وفي الشهر الماضي اعلنت شركة سوم بترول التركية أنها وقعت اتفاقا مع ايران لمد خط أنابيب يتكلف مليار يورو (1.29 مليار دولار) ولكن وزير الطاقة التركي الذي ربما كان يفكر في عضوية الاتحاد الاوروبي قال ان الحكومة التركية غير مشاركة في الاتفاق.
وفي جميع الاحوال فان العقوبات ليست سوى واحدة من اعتبارات عديدة.
فالمشاكل في صناعة النفط ترجع ايضا لتدخل الحرس الثوري الذي يقول محللون ان يفتقر للخبرة الملائمة.
ويقول بيل فارين برايس من شركة بتروليوم بوليس انتليجينس للاستشارات "تستبد بمراقبي الشؤون الايرانية النظرة لجميع التطورات من منظور العقوبات الدولية. الكثير من هذه المشاكل اعمق من ذلك".
وفي بعض الحالات ربما تكون العقوبات عذرا مفيدا كما حدث الشهر الحالي حين تم سحب شركة خاتم الانبياء الذراع الهندسية للحرس الثوري من حقل بارس الجنوبي.
وقال مسؤول كبير سابق في ايران انه جرى الاستعانة بالحرس الثوري في البداية لاظهار قدرة من هم أكثر ولاء للنظام على الاضطلاع بمشروعات يحجم الغير عنها.
وصرح المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه "في الواقع حدث تأخير في المشروعات واثيرت ضجة كبيرة عن مشاركة الحرس في مسائل مالية وما الى ذلك. دفع كل ذلك السلطات لاعادة النظر في الامر".
ولم يعلق خطيبي على حقل بارس الجنوبي ولكنه ذكر ان العقوبات قد تكون حافزا لتحرك ضروري يشمل تطوير طاقة انتاج جديدة وخفض دعم الوقود المحلي من اجل تحسين الكفاءة.
وقال ان الايرانيين سيدركون الحاجة رغم ان محللين يرون ان تقليص الدعم يمكن ان يؤجج اضطرابات اجتماعية.
وذكر روبرت جوردان السفير الأميركي السابق لدى السعودية وهو شريك في شركة بيكر بوتس للقانون الدولي ومقره دبي "ربما تساعد على زيادة الانشقاق الداخلي".
الامر الوحيد الذي من المرجح الا تحققه العقوبات هو الهدف الرئيسي منها أي وقف برنامج التخصيب النووي الذي يشتبه الغرب بانه يهدف لتطوير اسلحة.
وقال جوردان "ربما تؤدي (العقوبات) لتباطؤ البرنامج النووي ولكنها لن توقفه ونفس الشيء ينطبق على صناعة النفط".