
غيّرت التكنولوجيا كل شيء في هذا العالم، وفي عصر الديجيتال طال التغيير أصغر التفاصيل في حياة الشعوب، فتأثرت كل الأسر بشكل مباشر، وبات الأهل يبحثون عن طرق مختلفة عن تلك التي عاشوها في زمنهم، تمكنهم من التعامل مع أبنائهم، وفقاً لهذا التطور المذهل الذي أصاب كل مفاصل الحياة.. صغيرها وكبيرها.
واختلفت أهواء الأبناء وتوجهاتهم، حتى أن فرض الرقابة التامة عليهم بات يشكل مهمة صعبةً يصفها البعض بالمستحيلة، بعد انتشار الأجهزة الرقمية التي تمكنهم من مشاهدة العالم والتواصل معه من داخل منازلهم، إضافة لتصفح كل المواقع بخيرها وشرها، وتجريب مختلف أنواع التطبيقات تلك التي تحمل الفائدة العظمى بين طياتها، أو ذلك النوع الضار الذي يبث سمومه في المجتمعات.
ربما أن أحدنا أو كثر منا سمعوا عبارة تخرج من أفواه الآباء والأمهات في وصف حال أبنائهم: "عجزت عن التعامل معه"، أو "لم أعد قادراً على فهمه.. لا اعرف ماذا يفعل وأخشى عليه".
للغوص في تفاصيل الحياة الأسرية وأسرارها لا بد لنا من طرق أبواب أصحاب الاختصاص لنستمع لنصائحهم، وليرشدوننا إلى بعض التفاصيل التي قد تغيب عن أذهاننا، ولا ندركها بحكم انشغالنا بما نعتقد أنه الأهم، ويغيب عنا أن توفير الأمن النفسي والإشباع العاطفي لأفراد أسرتنا هو الأساس.
يقول خبير العلاقات الأسرية الدكتور خليل الزيود لــ "زهرة الخليج"، إنه وقبل أن نبدأ الحديث عن الأسرة ودورها في توفير الأمن النفسي والإشباع العاطفي لأفرادها، وكيفية تعزيز الرقابة الذاتية التي تحمي ابناءنا وذواتنا من المواقع الإلكترونية الضارة، والعمل على استثمار طاقاتهم في المواقع المفيدة، يجب أن نسأل أنفسنا بعضاً من الأسئلة الهامة ومنها:
هل الأسرة بحد ذاتها متماسكة كأسرة حقيقية، وهل العلاقة بين الوالدين نفسيهما تحمل الأمن النفسي والإشباع العاطفي أم أنها خالية منهما؟
وهل الرقابة الذاتية موجودة في الأسرة بالأصل، أم أن الزوجين يخونان بعضهما، وهما خاليان من الإشباع النفسي والعاطفي، وهل هما قادران فعلاً على توجيه أطفالهما ومنحهما هذا الأمان في حال افتقداه؟
يشير الدكتور الزيود إلى أن الأبناء في هذه الحالة سيلجؤون بكل تأكيد إلى الشاشات والحوائط الإلكترونية بهدف الظفر بالأمان النفسي وإشباع نفسهم عاطفياً، حتى وإن كان هذا الشعور كاذباً وغير حقيقي.
ويكمل خبير العلاقات الأسرية الزيود أنه من المهم أن نقف عند بعض السلوكيات التي يمارسها الأهل ونمعن فيها، ونرى إن كان منع الأبناء من استخدام هذه المواقع الضارة حقيقياً فعلاً، أم أنهم سيخفون أنفسهم ويستخدمونها بعيداً عنا، وفي غرفهم المغلقة.
وينوه الزيود بضرورة التمييز بين المنع الكامل للتكنولوجيا وحرمان الأبناء منها، ومنع ما هو ضار منها فقط.
يقدم خبير العلاقات الأسرية الدكتور خليل الزيود نصائح مثمرة، حاثاً الأهالي على الالتزام بها حفاظاً على أبنائهم وأنفسهم وأسرهم من تلك المواقع الضارة التي قد لا يتوقف ضررها أبداً على مستخدمها فقط، وسيمتد تأثيره على الأسرة بأكملها، ومن أهم هذه النصائح وأولها هو حرمان الأبناء من التعامل مع المواقع الضارة من خلال الرقابة الدائمة عليهم.
وكذلك منع الأطفال من اقتناء الهواتف المحمولة حتى سن محددةٍ، ناصحاً أن لا يخصص للأبناء هاتف محمول إلا بعد إنهاء مرحلة المدرسة، فعلى سبيل المثال يمكن للأهل أن يقدموا لابنهم أو ابنتهم هاتفاً محمولاً كهدية لنجاحه أو نجاحها في امتحان الثانوية العامة، وأن لا يكون قبل ذلك.